في مشهد يبدو عاديًا في مكان آخر، إلا أن ابتسامة فتيات باكستان وهن ذاهبات إلى المدرسة تبدو كأنها محاكاة لحلم بعدما تمكنّ من تحقيق إنجاز وتحدّ للفكر الظلامي الذي يحارب تعلم الإناث، كل ذلك تم بمساعدة ملالا التي أنشأت صندوقًا لدعم تعليم بنات دولتها.
في مينغورا الباكستانية، المدينة الأكبر في وادي سوات، تكتظ الشوارع صباحًا بالفتيان المتوجّهين إلى المدارس. لكن ما يلفت النظر في هذا المشهد هو وجود مجموعات صغيرة من التلميذات اللواتي يحملن الكتب تحت أذرعهن والابتسامة تعلو وجوههن لسبب بسيط: إنهن متوجّهات إلى المدرسة!.
هذا الواقع يشير إلى التحوّل الذي شهدته المنطقة في السنوات القليلة الماضية، فوادي سوات، الذي يشتهر بجباله الخلابة شهد تدمير أكثرمن 400 مدرسة - أكثرمن نصفها لمدارس البنات - عندما سيطرت حركة طالبان في العام 2008.
حاجة بعد التطهير
وفي عملية عسكرية عام 2009، تم تطهير الوادي من حركة طالبان، لكن الأمر تطلَّب وقتًا طويلًا لعودة العمل إلى مدارس الفتيات من جديد. وعلى الرغم من أن حركة طالبان تعتبر تهديدًا أكبر في المناطق المتاخمة للوادي، يقول بعض النشطاء إن هناك حاجة إلى تعليم الفتيات وتجنب تكرار الماضي.
quot;هناك شعور في وادي سوات بأنه إذا لم نسع إلى تعليم الجميع، سيندلع العنف من جديد. الملالي قاموا بتضليلنا، والمجتمع بات على دراية بأن التعليم هو المفتاح لتجنب المسلحين والميليشياتquot;، يقول حازر جول وهو ناشط محلي في وادي سوات.
ملالا يوسفزاي كانت إحدى الفتيات اللواتي يحلمن بالجلوس على مقاعد المدرسة في باكستان. وبعدما أصيبت برصاص طالبان انتقامًا من تعبيرها عن حق الفتيات بالتعلّم، رفضت ملالا أن تموت، وكافحت من أجل تأسيس صندوق يحمل اسمها، ويهدف إلى تحسين فرص حصول الأطفال على التعليم الابتدائي في جميع أنحاء العالم.
بعدما نجت من هجوم لطالبان على باصها المدرسي في العام الماضي، سلَّطت ملالا الضوء على تعليم الفتيات الباكستانيات، وصارت متحدثة باسم ملايين الفتيات اللواتي يرغبن في التعلم.
الفقر عائق
البرنامج الأول لـ quot;صندوق ملالاquot; هو محاولة لجسّ النبض في وادي سوات، إذ يهدف إلى دعم 40 فتاة تتراوح أعمارهن بين 5 و 12 سنة، للحصول على التعليم المدرسي بدلًا من من التوجّه إلى سوق العمل لإعالة أسرهن.
أما بالنسبة إلى الذين يعيشون في وادي سوات، فالعقبة الرئيسة أمام تعليم البنات هي الفقر. وتقول شاهينة شوكت، مديرة مدرسة ابتدائية للبنات في جولبانداي، وهي قرية صغيرة في وادي سوات، إن quot;الفتيات يتغيبن عن المدرسة في كثير من الأيام، لا سيما خلال موسم الحصاد حين تتجه الأمهات إلى الحقول، ما يرغمهن على البقاء في المنزل لرعاية الأطفال الأصغر سنًاquot;.
لكن بعض المراقبين يعتقدون أن صندوق ملالا لا يعالج سوى جزء واحد من المشكلة، فيقول تاليماند أحمد، باحث في معهد سياسة التنمية المستدامة في إسلام أباد إن quot;الحكومة أعادت بناء المدارس التي تم تدميرها، لكنها تعاني النقص. لا بد من التركيز على تحسين نوعية التعليم، وليس فقط تأمين الحجر والأسمنتquot;. وأضاف: quot;إعادة بناء المدارس يعني العودة إلى المربع الأول. هذا ليس تحسنًا. لا بد من تطوير التعليمquot;.
التعليقات