توقع الإيرانيون الكثير، وفورًا، من اتصال هاتفي بين حسن روحاني وباراك أوباما، لكن المسألة تحتاج وقتًا لاستعادة ثقة مفقودة من الجانبين، بالرغم من التقدير الذي أبداه إيرانيون للفتة أوباما، إذ عدّوها وداعًا شخصيًا لروحاني.


كان الوقت مساءً في طهران، عندما كتب الرئيس الإيراني حسن روحاني في حسابه، الذي بات شهيرًا على تويتر، أنه تلقى اتصالًا هاتفيًا من الرئيس الأميركي باراك أوباما، في أول حديث مباشر بين قادة إيران والولايات المتحدة منذ 34 عامًا. وجاءت المكالمة بعدما أُصيب الإيرانيون عمومًا بخيبة أمل، عندما غاب روحاني الثلاثاء الماضي عن مأدبة غداء أقامتها الأمم المتحدة، وكان من المتوقع أن يحضرها ويصافح فيها أوباما.

لكن الاتصال الهاتفي، الذي جرى حين كان روحاني في طريقه إلى المطار عائدًا إلى بلده، بعد أربعة أيام من التحركات الدبلوماسية المكثفة، كان بنظر الإيرانيين لا يقلّ أهمية عن المصافحة التي لم تحصل.

وداع شخصي
قال أمير محبيان، المستشار السياسي القريب من المرشد الأعلى علي خامنئي، إن المكالمة كانت متوقعة بعد اللقاء الإيجابي بين وزير خارجية إيران محمد جواد ظريف ونظيره الأميركي جون كيري. وأضاف محبيان في حديث لصحيفة نيويورك تايمز: quot;كان هذا توديعًا مهذبًا وتعبيرًا عن الشكر على كل الإيجابية التي أبدتها إيرانquot;.

وأشار محبيان إلى إمكانية عقد قمة أميركية ـ إيرانية حين قال: quot;بإمكاننا أن نشهد لقاء بعد ذلك إذا تحقق تقدم في محادثات الشهر المقبل حول برنامج إيران النوويquot;. وأثنى محلل آخر قريب من روحاني على اتصال أوباما الهاتفي قائلًا: quot;إنه أفضل ما كان يمكن أن يفعلهquot;. واعتبر المحلل نادر كريمي جوني، الذي يعمل صحافيًا وسُجن لوقوفه ضد المتشددين في إيران، أن المكالمة كانت توديعًا شفهيًا لضيف كبير، quot;وكأنه وداع لروحاني شخصيًاquot;.

ولاحظ مراقبون أن القناة التلفزيونية الرسمية للجمهورية الإسلامية quot;آي أن أنquot; بثت نبأ اللقاء بين ظريف وكيري، لكنها حتى منتصف ليل الجمعة، لم تأت على ذكر الحديث الهاتفي بين الرئيسين.

من جهة أخرى، حرصت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية على إبراز النبأ بشكل متميز على موقعها الالكتروني. وقالت: quot;فيما كان الرئيس روحاني مغادرًا نيويورك في طريقه إلى طهران، اتصل به الرئيس أوباما، وشدد الاثنان على إيجاد حل سريع للمشكلة النووية، وبحثا خلفية إيجاد حلول لقضايا أخرى والتعاون بشأن قضايا إقليمية، وطلب الرئيسان من وزيري خارجيتهما تمهيد طريق التعاونquot;.

توقعات خائبة
ثمة إيرانيون توقعوا أن تكون النتيجة المباشرة للمكالمة الهاتفية ارتفاعًا في قيمة الريال الإيراني، التي هبطت إلى مستويات قياسية مقابل الدولار في الأشهر الماضية، بسبب العقوبات الاقتصادية المتزايدة التي فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على إيران بسبب أنشطتها النووية.

لكن مشاركة روحاني في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، وإعلانه استعداد إيران لمدّ جسور التواصل مع الولايات المتحدة، لم يلقيا تأييدًا شاملًا داخل إيران، حيث يمكن دائمًا العثور على من يرتاب في دوافع واشنطن. وخلال خطبة الجمعة في طهران، كرر آية الله محمود أمامي كاشاني كلمات أوباما بأن الولايات المتحدة لا تريد تغيير النظام. وقال كاشاني المعيَّن بقرار من خامنئي: quot;الجميع يعلم أنه من المحال إسقاط النظام الإسلامي، وما هذه إلا تخريفاتquot;.

وأشار الخطيب الرسمي قبل الصلاة إلى quot;معايير أوباما المزدوجةquot;، فتعالت بين الحضور هتافات quot;الموت لأميركاquot;. وكان من الواضح أن تسارع الأحداث والتطورات على الجبهة الدبلوماسية بعد عقود من العداء، فاجأ بعض الإيرانيين، فيما كان البعض الآخر أكثر ترويًا، بل ذهبوا إلى حد التشكيك في إمكانية المصالحة. وقال إيرانيون آخرون مازحين أن المحادثة بين الرئيسين كانت بين حسن وحسين، في إشارة إلى اسم أوباما الوسطي.