تناول التحقيق في فضيحة الفساد التركية تزوير مقاولات وتفشي الرشاوى في القطاع الانشائي، مسلطًا الضوء على هذا القطاع الذي تنشط فيه الحكومة التركية نشاطًا استثنائيًا بالسياسة.


لندن: نشرت شركة أس انفورماتيكس الاستشارية في اسطنبول تقريرًا أظهر أن زهاء 60 بالمئة من القوانين التي نُشرت في الجريدة الرسمية خلال الأشهر الستة الأولى من العام 2013 كانت تتعلق بالانشاء. وقال رفعت غوركايناك، استاذ الاقتصاد في جامعة بيلكنت في انقرة،إن النظام يعمل بحيث إذا رفضت بلدية اسطنبول أن تصدر لك ترخيصًا بالبناء في مكان ما فإن بمقدور أنقرة أن تنقض رفض اسطنبول وبالتالي يكون من المنطقي، إذا كنتَ شركة، أن تتعامل مع السلطة المركزيةquot;.
ولاحظ البروفيسور غوركايناك أن حكومة رجب طيب اردوغان بدلًا من تحقيق النمو عن طريق الاصلاح البنيوي الأعمق أنعشت قطاع الانشاء بزيادة تراخيص البناء مساهمة بزيادة تشغيل القوى العاملة في هذا القطاع بنسبة 51 بالمئة إلى نحو 1.9 مليون شخص.
صندوق أسود
نقلت صحيفة فايننشيال تايمز عن اثنين من كبار رجال الأعمال أن الرشوة تكون أحيانًا لازمة للمضي قدمًا بالمشاريع الانشائية الكبيرة، رغم تأكيدات الحكومة بتحسن مركزها على مؤشر الشفافية العالمي خلال العقد الماضي إلى المركز 53 من بين 177 بلدًا في هذا العام.
ويقوم اردوغان بدور متميز في هذا القطاع، إذ نُشر إخطار في الجريدة الرسمية صيف العام الماضي بأن بيع الحيازات العقارية لشركات الدولة يتطلب موافقة رئيس الوزراء. وترتبط إدارة الإسكان العامة مباشرة برئيس الوزراء الذي شهدت توسعًا هائلًا في عهده. وتقول الادارة إن في محفظتها اراضي تبلغ قيمتها 7 مليارات دولار.
وقال النائب المعارض في البرلمان التركي ايكوت اردوغدو إن ادارة الاسكان العامة صندوق أسود، مشيرًا بصفة خاصة إلى ما وصفه بغياب الشفافية في صفقات ذراعها التجارية quot;املاك كونوتquot; مع مقاولي القطاع الخاص.
الرأس الكبير
كان مراد كوروم، مدير املاك كونوت، وبارون الانشاءات علي اغا اوغلو، اعتُقلا في بداية التحقيق في فضيحة الفساد لاستجوابهما. لكن أُفرج عنهما بعد التطهيرات التي اجراها اردوغان في السلطة القضائية وقوات الشرطة. ونُقل عن اغا اوغلو في تسجيل مكالمات هاتفية سُربت إلى الصحافة المحلية وصفه اردوغان بأنه quot;الرأس الكبيرquot;.
ومن مشاريع اردوغان الكبرى شق قناة تربط البحر الأسود ببحر مرمرة من دون المرور بمضيق البوسفور، وبناء مطار ثالث وجسر جديد على البوسفور. وهي مشاريع مرتبطة ببعضها، فيما اقترح اردوغان بناء مدينتين جديدتين بالاقتران مع مشروع القناة.
لكنّ مراقبين يقولون إن تمويل هذه المشاريع يشكل تحديًا كبيرًا لمن يقدم عليها، لافتين إلى أن مشروع المطار وحده يكلف 22 مليار يورو. ونقلت صحيفة فايننشيال تايمز عن مصرفيين ومدراء شركات أن المبررات التجارية للقناة ضعيفة وقدرة القطاع المالي على تمويل مثل هذه المشاريع الضخمة قدرة محدودة. وما يزيد الشكوك التي تلقي بظلالها على هذه المشاريع شمول بعض الشركات المساهمة في مقاولة المطار بالتحقيق في فضيحة الفساد.