نبدأ جولتنا من صحيفة الإندبندنت البريطانية، التي كتبت افتتاحية بعنوان "إذا هوجمت رفح فلن يكون لدى إسرائيل ما تقدمه في حربها التي لا يمكن أن تنتصر فيها".
ترى الصحيفة أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، في مأزق فيما يتعلق بالهجوم المخطط له على مدينة رفح في قطاع غزة. فعلى الجانب الأول، هو يواجه ضغوطا شديدة يمارسها عليه الرئيس الأمريكي، جو بايدن، وأصدقاء إسرائيل المتبقون وحلفاؤها المحتملون في المنطقة والاتحاد الأوروبي وبريطانيا وبقية المجتمع الدولي، والقضاة في محكمة العدل الدولية، والبابا، وجزء كبير من الرأي العام الإسرائيلي المتعطش إلى صفقة لتبادل الرهائن.
وكتبت الإندبندنت: "إن هذا التحالف العالمي، دون استثناء، يتوسل إلى الحكومة الإسرائيلية لكي لا تمضي قدماً، في ظل الخسائر الحتمية في الأرواح بين المدنيين، بما في ذلك الأطفال، والأزمة الإنسانية المتفاقمة باستمرار".
ويشمل ذلك، وفقاً لوكالات الإغاثة، انتشار الأمراض والمجاعة التي هي من صنع الإنسان. وكما هو الحال دائما، هناك احتمال تجدد المواجهة المباشرة مع إيران، ناهيك عن حزب الله وحركة الحوثي وأعضاء آخرين في "محور المقاومة"، وفق الصحيفة.
وعلى الجانب الآخر، نجد "ضغوطا من حلفاء نتانياهو السياسيين القوميين الإسرائيليين المتشددين، ومؤيديهم، وأقلية في البلاد، والمستقبل السياسي لرئيس الوزراء على المدى القصير".
"إن شركائه السياسيين هم الذين يستطيعون إقالة نتانياهو من منصبه بإجراءات سريعة، ولا تستطيع حتى الولايات المتحدة أن تفعل ذلك. إن تخلي حلفائه في الائتلاف (الحكومي) يشكل خطراً على حياته المهنية وهو أمر لا يستطيع نتانياهو تحمله".
وترى الصحيفة أن نتانياهو يعتقد أن فرضيته العملية وأفضل فرصة للبقاء هي تسوية ما تبقى من غزة بالأرض، والادعاء بأن حماس قد هُزمت - وهو ما لا يمكن أن تتعرض له أي جماعة إرهابية في الواقع - وإعلان النصر ومناشدة الناخبين الإسرائيليين للحصول على الدعم.
وتقول الإندبندنت: "وفي الوقت الراهن، ومع بقاء الرهائن في أيدي حماس، فقد أصبح نتانياهو لا يحظى بشعبية كبيرة، بل إنه لا يستطيع أن يتجنب الكارثة السياسية. إنه يحتاج إلى نصر رمزي، مهما كان باهظ الثمن".
"وهكذا يضغط نتانياهو. فقد كان رد فعله فاتراً على الاقتراح المصري الأخير لوقف إطلاق النار، والذي قبلته حماس، والذي من شأنه أن يشهد عودة الرهائن ويفتح الباب أمام إمكانية التوصل إلى سلام أكثر استدامة ـ ولكنه لن يمنحه بالضرورة الفرصة لتحقيق النصر في حربه".
وترى الصحيفة أنه "في نهاية المطاف، سينتهي القتال وسيتوقف هدم غزة، ولو لمجرد أنه لم يعد هناك ما يمكن تدميره".
وعند هذه النقطة، قد نكون متأكدين بشكل موثوق من ثلاثة أشياء، وفق الصحيفة.
أولاً: "ليس هناك ما يضمن أن حماس، أو أي جماعة مماثلة، لن تشن عملاً إرهابياً وحشياً آخر، مثل الذي حدث في السابع من أكتوبر/تشرين الأول".
ثانياً: "أن العلاقات بين إسرائيل وجيرانها الأقوياء مثل تركيا والسعودية، وهي السياق الضروري للاستقرار الإقليمي، سوف تظل صعبة".
ثالثاً: "أن المزيد من الرهائن الأبرياء (من جنسيات مختلفة) سوف يفقدون حياتهم، بما في ذلك بسبب القصف الجوي الذي يشنه الجيش الإسرائيلي".
واختتمت الإندبندنت بالقول: "لن يكون لدى نتانياهو سوى القليل ليقدمه، فيما يتعلق بالطريقة التي يدير بها هذه الحرب التي لا يمكن الفوز بها، وهو ما سيؤدي إلى نتائج عكسية تماما".
"رفح آخر أوراق حماس"
ننتقل إلى صحيفة الشرق الأوسط اللندنية ومقال بعنوان "رفح آخر أوراق حماس"، بقلم الصحفي السعودي طارق الحميد.
يرى الكاتب أن "قبول حماس (مقترح) الهدنة مساء الإثنين الماضي، وبالشكل الذي حدث، خصوصاً بعد إعلان اسرائيل إجلاء أهل رفح صباح اليوم نفسه، كشف أن آخر أوراق حماس التي كانت تراهن عليها هي رفح نفسها، وليس حتى الرهائن الإسرائيليين".
ويرى الكاتب أنه بحسب التقارير الإخبارية، والتصريحات طوال يوم الإثنين، تظهر أن حماس وافقت على نسخة غير متفق عليها من الهدنة، والدليل أن "موافقتها فاجأت حتى البيت الأبيض، والمجتمع الدولي، وأعتقد حتى الوسطاء، وليس الإسرائيليون وحدهم".
وجاءت موافقة الحركة على الهدنة بعد أن أعلنت إسرائيل، صباح يوم الإثنين، إجلاء بعض سكان رفح، ما يعني بدء الاجتياح الإسرائيلي، ومن الواضح أن حماس أرادت إرباك إسرائيل داخلياً، وإحراجها دولياً، وفق الكاتب.
لكن هذا الهدف لن يتحقق "لأن الحكومة الإسرائيلية المتطرفة بقيادة نتانياهو همها البقاء، وليس إرضاء أحد".
والأمر الآخر الذي لم تعه حماس هو "أن إعلانها الموافقة على الهدنة بذاك الشكل كشف أن آخر أوراقها التفاوضية هي رفح، وليس حتى ورقة الأسرى. ويقال إن حماس ليس لديها أكثر من 30 رهينة، بمعنى أن البقية لدى فصائل أخرى، أو قتلوا".
"كل ذلك يعني أن موقف حماس بات ضعيفاً دولياً، ناهيك عن موقفها الضعيف على الأرض، والكارثة التي تسببت فيها بسبب عملية السابع من أكتوبر أدت الآن إلى اجتياح إسرائيلي لرفح، ما أعاد الاحتلال إلى غزة، وكما كان قبل عام 2005".
ويرى الكاتب أن حماس "وكعادتها أخطأت في قراءة الأحداث، والسلوك الإسرائيلي والنهج الدولي... وأضعفت كل أوراقها التفاوضية مع إسرائيل، كما أضعفت الوسطاء".
"دخول إسرائيل إلى رفح يعني اليوم أن حماس ليست بحاجة إلى مزيد من المفاوضات، بقدر ما أنها بحاجة ماسة الآن إلى أطراف ضامنة، وهو ما يزيد من ورطة حماس التي يبدو أنها تبحث عن مقر خارجي آمن، والآن ربما تبحث عن طرف ضامن لمخرج آمن".
واختتم طارق الحميد مقاله بالقول: "وعليه فإن خيارات حماس الآن صعبة ومحدودة، وقد يكون خيارها الوحيد الآن هو الخروج الآمن لما تبقى من قادتها، ومقاتليها من غزة، ولسببين، الأول أن حماس سلمت نفسها لنتانياهو - ومنذ السابع من أكتوبر.
التعليقات