بانكوك: تواجه مفاوضات السلام الشاقة اصلا بين السلطة المركزية في بانكوك وحركة التمرد في جنوب تايلاند حيث يستمر النزاع منذ عشر سنوات، مزيدا من الصعوبات بسبب الازمة السياسية التي تهز العاصمة منذ شهرين.

وقتل نحو ستة آلاف شخص خلال هذا العقد الذي شهد عمليات اطلاق نار وهجمات بقنابل بشكل شبه يومي في المناطق الثلاث الواقعة في اقصى جنوب تايلاند باتاني ويالا وناراثيوات.
وهذا النزاع المعقد الذي يخوضه متمردون مسلمون مستمر ويؤدي الى سقوط قتلى معظمهم من المدنيين البوذيين او المسلمين المتهمين بالتواطؤ مع بانكوك، بدون ان يهز ذلك بقية انحاء البلاد.
وبدأ هذا النزاع في الرابع من كانون الثاني/يناير 2004 بهجوم شنه المتمردون على مستودع للجيش في هذه المنطقة الحدودية مع ماليزيا التي الحقت بتايلاند منذ حوالى قرن.
ويعد هذا التاريخ بداية النزاع، مع ان مجموعات مسلحة متمردة كانت ناشطة منذ فترة طويلة في المنطقة وخصوصا في سبعينات وثمانينات القرن الماضي.
وتكمن جذور هذا النزاع في الغضب العميق من محاولات استيعاب السكان المحليين المسلمين والذي ينتمون الى الاتنية الماليزية، في دولة يشكل البوذيون غالبية سكانها.
ولا يكف المتمردون غير المرتبطين اطلاقا بتيار القاعدة الارهابي الدولي، عن مواجهة الجيش التايلاندي الذي ينتشر ثلاثون الفا من رجاله في المنطقة.
وفي 2013، عقدت عدة quot;جولاتquot; من المفاوضات غير المسبوقة واثارت تفاؤلا حذرا.
حتى ان احدى المجموعات المسلحة الرئيسية الجبهة الوطنية الثورية التي كانت تبتعد عن وسائل الاعلام باستمرار حتى ذلك التاريخ، قدمت لائحة مطالب من خمس نقاط وخارطة طريق من 32 صفحة، موضحة الى حد ما بعض الغموض الذي كان يلف دوافع حركة تمرد سرية جدا.
لكن المفاوضات توقفت في الخريف بسبب عدم اعلان رد من الحكومة على المطالب الخمسة.
وارجئ لقاء كان مقررا في كانون الاول/ديسمبر الى اجل غير مسمى لان حكومة ينغلوك شيناواترا تواجه حركة احتجاج واسعة في شوارع بانكوك.
وقال رئيس مجلس الامن القومي بارادورن باتاناتابوت ان عملية السلام يمكن ان تستأنف في كانون الثاني/يناير quot;اذا تحسن الوضع على صعيد التظاهراتquot;.
لكن ليس هناك اي مؤشرات على تحسن ممكن في الوضع اذ ان المعارضة اعلنت مقاطعة الانتخابات التشريعية التي ستجرى في شباط/فبراير وهددت بالنزول الى الشارع بكثافة حتى ذلك التاريخ.
وقال مصدر قريب من المفاوضات لوكالة فرانس برس quot;لن تجري اي محادثات في كانون الثاني/ينايرquot;.
وقد يضر هذا الارجاء الجديد بعملية السلام الجارية.
الى ذلك، قد لا تحضر اللقاءات المقبلة شخصيات محترمة من السلطة المركزية مثل بارادورن وتاوي سوندسونغ المسؤولان على رأس ادارة مناطق الجنوب.
وقال المحلل سريسومبوب جيتبيرومسري ان quot;للشخصيات اهمية في هذه العملية. فقد اقامت على مر الايام علاقات جيدة مع الطرف الآخرquot;.
ويرى مراقبون ان وضع حركة التمرد الرئيسية خارطة طريق وتفكيرها في نهاية تفاوضية ممكنة لاعمال العنف، مؤشر جيد وتغيير ملحوظ في موقفها بالمقارنة مع تشددها في البداية.
ويطالب المتمردون بالاعتراف بالجبهة الوطنية الثورية quot;كمنظمة تحريرquot; والافراج عن انصارها المعتقلين وحضور مراقبين دوليين المفاوضات، الى جانب النقطة الاساسية المتمثلة بquot;سيادةquot;شعب باتاني.
وبدون ان تصبح دولة مستقلة، ستتمتع بحكم ذاتي اوسع مما يتطلب سياسة تخفيف المركزية، وهو امر غير مرجح في هذه الفترة من الاضطرابات التي تواجهها الحكومة.
ويثير غياب اي مطالب متعلقة باقصى الجنوب من قبل المتظاهرين، بعض الاستياء في هذه المنطقة التي يشعر فيها السكان بانهم منسيون.
وقال دانيال عبد الله العضو في حركة للشباب المؤيد للسلام في باتاني quot;لا يهمنا المتظاهرون ضد الحكومةquot;، معبرا عن امله في عودة القادة الحاليين الى طاولة المفاوضات.