وجه المرجع الشيعي الأعلى في العراق السيد علي السيستاني ضربة قوية للامتيازات التي منحها قانون التقاعد الموحد الذي صادق عليه البرلمان مؤخرًا لكبار المسؤولين ممهدًا لإسقاطها، معتبرًا أنها منافية لروح الدستور، ودعا المواطنين لعدم انتخاب إلا من يتعهد مسبقًا بإلغاء هذه الامتيازات.
لندن: قال معتمد المرجع الشيعي الأعلى في العراق السيد علي السيستاني الشيخ عبد المهدي الكربلائي خلال خطبة الجمعة في مدينة كربلاء (110 كم جنوب بغداد) اليوم إن قانون التقاعد الموحد الذي صادق عليه مجلس النواب الاثنين الماضي ورغم بعض الايجابيات التي يتضمنها، ومنها رفع الحد الادنى للتقاعد الى 400 ألف دينار عراقي (300 دولار)، إلا أنه مما يؤسف له أنه تضمن امتيازات واسعة لكبار المسؤولين من الوزراء والنواب والمستشارين واصحاب الدرجات الخاصة.
وأشار إلى أنّ المرجعية الشيعية العليا للسيستاني اصدرت بياناً اليوم حول الموضوع، وقرأ نصه،وجاء فيه: (قبل ايام تم اقرار قانون التقاعد الموحد في مجلس النواب بعد طول انتظار.. ورغم مما فيه من ايجابيات من اهمها رفع الحد الادنى للراتب التقاعدي الى 400 الف دينار عراقي الا أنه من المؤسف أن البرلمان قد أخفق مرة أخرى في الاستجابة لمطالب المواطنين باقراره امتيازات استثنائية بغير حق لكبار المسؤولين بعد أن كان المواطنون يترقبون منذ سنوات التصديق عليه بما يحقق العدالة الاجتماعية، وكما طالبت به المرجعية الممثلة للشعب منذ ثلاثة اعوام ودعت الى إجراءات حاسمة لإلغاء الامتيازات غير المقبولة، لكن اغلب الحاضرين في جلسة البرلمان ابوا ان يستجيبوا ويحترموا ارادة الشعب، وهذا الامر ينبغي أن يلفت نظر الناخبين حيث عليهم أن يدققوا في اختياراتهم ولا ينتخبوا إلا من يتعهد مسبقًا بإلغاء هذه الامتيازات غير المنطقية، كما أن المحكمة الاتحادية مطلوب منها معارضة القانون.. وعلى الحكومة المركزية والحكومات المحلية عدم تمرير هذا القانون لأنه ضد الدستور الذي ينص على أن الناس متساوون امام القانون ويرفض أن تكون هناك امتيازات لفئة من الوزراء والنواب والمستشارين واصحاب الدرجات الخاصة وعددهم كبير ويستثنون من مواد القانون من خلال منحهم هذه الامتيازات غير المنطقية والمتعارضة مع روح الدستور).
ودعا الشيخ الكربلائي المفوضية العليا للانتخابات الى القيام بتوزيع البطاقة الذكية على الناخبين وايصالها اليهم جميعًا بأسرع وقت، مشيرًا الى أنها اعلنت عن طبع 21 مليوناً لكنها لم توزع لحد الآن سوى نصف مليون منها.
وقال إن هذا يتنافى والرغبة في مشاركة واسعة وفاعلة في الانتخابات المنتظرة في 30 نيسان (أبريل) المقبل، داعيًا الحكومات المركزية والمحلية لايصال البطاقة بأسرع وقت لجميع الناخبين البالغ عددهم حوالي 23 مليوناً ونصف المليون ناخب.
وكانت المدن العراقية شهدت خلال الاسابيع الاخيرة تظاهرات واحتجاجات شعبية واسعة ضد منح النواب والرئاسات الثلاث للجمهورية والحكومة والبرلمان مرتبات تقاعدية وامتيازات مادية كبيرة، الامر الذي دفع المحكمة الاتحادية الى اصدار قرار بالغاء الرواتب التقاعدية لاعضاء مجلس النواب وكبار المسؤولين الذين يخدمون لمدة اربع سنوات الا أن البرلمان لم يستجب لهذا القرار.
ويستثني القانون الجديد النائب من الحد الأدنى لسنوات الخدمة المطلوبة.. وفي حين يجيز صرف راتب شهري من 150 الف دينار (120 دولارًا) للموظف العام الذي يخدم عشر سنوات كحد أدنى فإنه يكافىء اعضاء مجلس النواب الذين خدموا اربعة اعوام باكثر من سبعين بالمئة من الراتب الذي يتجاوز 11 الف دولار.
كما ينص القانون على أن يتقاضى كبار المسؤولين 25 بالمئة من راتبهم الاصلي الا أن امتيازات التحصيل الدراسي والخدمة العامة السابقة تضاف الى 2,5% عن كل سنة في البرلمان ليصبح الراتب اكثر من سبعين بالمئة.
وتشمل امتيازات التقاعد بالاضافة الى سبعين بالمئة من قيمة الراتب الاساسي مدى الحياة اجور عشرة عناصر حماية بقيمة عشرة آلاف دولار تقريبًا، وهي ايضًا لمدى الحياة، اضافة الى تقاضي مبالغ كبيرة بلغت في بعض الاحيان 50 الف دولار لمعالجة امراض بسيطة.
وتقول مصادر عراقية إن النواب العراقيين يسارعون عادة للمصادقة على القوانين التي تمنحهم امتيازات مادية ومعنوية في حين أنهم عجزوا على مدى العامين الماضيين في اقرار اكثر القوانين اهمية في البلاد مثل قانون النفط والغاز، وكذلك لتأخير لقوانين الميزانية العامة للبلاد برغم من اهميتها لحياة المواطنين.
ولاحظت المصادر أن النواب اتفقوا على مدى الدورات البرلمانية الثلاث السابقة على احتفاظهم بامتيازاتهم التي تشمل أيضًا جوازًا دبلوماسيًا ومصاريف حماية هائلة تقدر بنحو 30 الف دولار شهريًا يستلمها النائب بيده وبدل سكن وحتى نفقات القرطاسية، بينما يبلغ الراتب الاساسي للنائب نحو 11 ألف دولار.
التعليقات