ان الاحداث الاخيرة في ايران هزّت حكم الملالي وهزّت العالم ايضاً. شعب انتفض فجأة ليقول لا لنظام متطرف توسعي متغطرس متعطش للدماء. نظام لايعرف اي حلّ لمشاكله سوى اللجوء الى مزيد من الارهاب والقمع الوحشي. فبعد انتفاضة laquo;عاشوراءraquo; شعر خامنئي واركان نظامه بالسقوط. لكن بدل ان يعلن، كما فعل الشاه، انه قد سمع صوت الثورة الايرانية الجديدة، فقام باستنفاركل مالديه من قوات القمع ومن ابواق الدعايات، خاصة في منابر صلاة الجمعة، ليهدد ابناء الشعب بان ماكنة laquo;المحاكم الثوريةraquo; ستبدأ عملها، وان هذه المحاكم ستصدر احكامها بالاعدام. وذلك بناءا على ان كل من شارك في المظاهرات فهو laquo;مفسد في الارضraquo; وlaquo;محاربraquo;، فيجب اعدامه.

علاوة على ذلك شهر نظام ولاية الفقيه سيفه لكل من له اية علاقة بالمقاومة الايرانية وبمجاهدي خلق، واعلن على لسان الرجل الثاني في السلطة القضائية، الملا ابراهيم رئيسي، بان منظمة مجاهدي خلق تعد laquo;منظمة محاربةraquo; في تركيبها الكامل. فكل من يعمل في هذا اطار هذه المنظمة ايا كان نشاطه وعلاقته فهو محارب يجب اعدامه.

نعم مرة اخرى وفي الاشهر الاخيرة من حياته لجأ نظام الملالي الى تصعيد القمع بغية انقاذ النظام، لكن يبدو ان السيل قد بلغ الزبي، هذه المحاولات لن تجدي وستتحول الى زيت تصب على نار الانتفاضة.

لكنني اريد ان اكتب في هذا المقال عن شخص يمكننا ان نقدمه بانه عاني اكثر مما عاني نلسون ماندلا في السجون. انه يدعي علي صارمي، سجين سياسي يبلغ من االعمر 62 عاما، قابع في الوقت الحالي في سجن جوهردشت الرهيب- والواقع في مدينة كرج، غربي طهران العاصمة. انه كان في السجن لمدة 23 عاما. يمكن ان نقول ان سنوات سجنه كان اقل قليلا من سنوات سجن ماندلا لكننا اذا قارننا صنوف التعذيب والمعاناة التي تحملها هذا الرجل فلا شك انه عانى اكثر مما عاني ماندلا طوال سنوات سجنه.

نعم انه قضى 23 عاما من عمره في سجون الشاه و الملالي. وآخر مرة تم إعتقاله في صيف عام 2007 بتهمة المشارکة في مراسيم الذکرى التاسعة عشر للمجزرة الجماعية لثلاثين ألف سجين سياسي معتقل.

لكن في يوم الثلاثاء 29 كانون الأول / ديسمبر، اي قبل اربعة ايام، ابلغه جلاوزة السجن، ومن دون وجود أي مستمسك قضائي، بانه محکوم بالإعدام، وسيتم اعدامه قريبا.

ولاشك ان السبب وراء هذا الاعدام هو بث الرعب في قلوب السجناء السياسيين وفي قلوب ابناء الشعب المنتفض. لانهم يعرفون ان اشخاص من قبيل علي صارمي يعدون رمزا للمقاومة والمثابرة في النضال.

انه قد سجن في عهد الشاه لفترة طويلة بسبب تعاطفه مع مجاهدي خلق. وبعد مجيء نظام الملالي ايضا سجن لاول مرة لمدة 14 عاما. فكان من بين السجناء الذين شهدوا اكبر مجزرة للسجناء السياسيين في تاريخ ايران، اي اعدام ثلاثين الف من مجاهدي خلق في صيف عام 1988. العملية التي ادت الي ابعاد منتظري من خلافة خميني، لانه عارض هذه الاعدامات وكتب عدة رسائل الي خميني والي اللجنة المكلفة لتنفيذ هذه الاعدامات.

وبعد ذلك تم اعتقال علي صارمي عام 2003 لانه زار مدينة اشرف في العراق بهدف زيارة ابنه الموجود في هذه المدينة. وبعد قضاء اكثر من عامين في السجن تم افراجه، لكنه اعتقل مرة اخرى قبل عامين ونصف عام، اي في شهر تموز من عام 2007، بسبب مشاركته في اجتماع عوائل السجناء السياسيين الذين تم تصفيتهم في المجزرة الكبري عام 1988.

وبعد ما سمع الرجل بان النظام يريد ان يعدمه كتب رسالة مفتوحة من داخل السجن الي جميع ابناء الشعب والي جميع اهل العالم. لاشك اول من يهمه هذه الرسالة هم اهله واحبته ورفاق نضاله في مجاهدي خلق ومن ثم جميع ابناء الشعب الايراني المنتفض، وبعد ذلك هو رجل مسلم مجاهد يقول laquo;يا للمسلمينraquo; فمن لم يجبه فليس بمسلم. وهنا اود ان اذكر نص هذه الرسالة التي فيها ما يكفي من فهم الواقع الايراني والعلاقة بين ابناء هذا الشعب التواق للحرية والديمقراطية والاسلام الديمقراطي المتسامح وبين نظام لم يقدم من الاسلام سوى الحقد والكراهية والعنف والاعدام والتعذيب والارهاب والرعب. وفي ما يلي نص رسالة علي صارمي من السجن:


بسم الله الرحمن الرحيم

فجر الأمل الذي ظل معتكفًا في خيمة الغيب

قل له اطلع علينا لان نهاية الليل الأسود قد اقترب


تزامنا مع تصاعد إنتفاضة شعبنا في ايران من أجل الحرية و خلاص وطننا من نير الإستبداد، يبادر النظام إلى إعتقال وحتى إعدام عدد من الناس الأبرياء لخلق أجواء من الرعب و الخوف في نفوس الشعب و طلائعه الفتية حتى يتمکن بهذه الطريقة من التصدي والوقوف بوجه غضب الشعب و إحتجاجاته. ولنفس السبب ومع صدور حکم الإعدام بحقي الذي تم ابلاغي به يوم أمس يمكن ان يكون انطلاقة مشروع لمجزرة كبيرة. خاصة و ان هذه العملية تتم في ظروف بحيث أنني، وحتى في إطار القضاء و المقررات القانونية للنظام ذاته، لم أرتکب أي جريمة غير حضور عادي قبل عامين ونصف في مقبرة خاوران وفي مراسيم تلاوة الفاتحة على أرواح السجناء الذين تم القضاء عليهم في المجزرة الجماعية المعروفة.

ولاشك إن الحکم الصادر بحقي يفقد إي أساس قانوني، ويريدون من خلال إعدامي إرعاب الناس و شباب هذا الوطن و يجعلونهم يتوجسون خوفا من المطالبة بحقوقهم، ولذلك في هذه الأيام التي تتعلق بسيدنا الحسين عليه السلام، فأجد من المناسب مرة أخرى وعن لسان قائد الأحرار أبي الشهداء أنادي لهؤلاء: إن کان دين محمد و حرية وطني لايستقيمان الا من خلال إراقة دمي و دماء أمثالي فخذيني يا حبال المشنقة.

ليس دمي قطعا بأفضل من دماء rdquo;ندا سلطانيrdquo; و نظيراتها و بقية الشبان الذين يوميا تراق دمائهم على ارصفة الشوارع. ولاتراق هذه الدماء الا في سبيل الحق و الجرأة و الإقدام وفي شهر محرم وبيد أشقى الناس.

وفي النهاية، اوجه أنظار کل العالم و جميع المدافعين عن حقوق الإنسان إلى ان النظام الايراني، وعلى أسلوب زياد بن ابيه، يبتغي من وراء سحبي وسحب من هم على شاکلتي او بعض من الشبان والسجناء إلى أعواد المشانق، ومن خلال عرض اجسادنا ان يلقي الخوف والرعب في قلوب الجميع.

هذا ماأعلنه وبوقاحة في التلفزيون المدعي العام للنظام في طهران، ورئيس مجلس الشورى لاريجاني و بعض من المسؤولين المجرمين للنظام لإرعاب الشعب. لکن ليس هناك من شك بأن هکذا أحکام و تهديدات ليس بمقدورها أن تتسبب في أدنى تأثير على إستعداداتي أنا و کافة المواطنين من أجل ولادة إيران حرة.

وبصفتي اب قضى قرابة 23 عامًا من عمره في السجون من أجل حرية هذا الوطن في ظل النظام السابق والنظام الحالي، فإنني أعلن للاريجاني وبقية المجرمين مايلي:

لو كان لابد من العيش هكذا نزيهًا

فأكون انا غير نزيه تماما ان لم أشيد من ايماني وكالجبل

صرحًا خالدًا من ذكراي على التراب الفاني

والسلام

علي صارمي ndash; السجين السياسي- سجن كوهردشت

31 كانون الأول / ديسمبر 2009