في 24/12/2009 شنت السلطات التركية مجدداً حملة ترهيب واعتقالات طالت العشرات من الكوادر والسياسيين في حزب المجتمع الديمقراطي (الذي حظرته المحكمة الدستورية العليا مؤخراً)، وعدداً من رؤوساء البلديات في شمالي كردستان، ممن انتخبتهم الجماهير بارادتها الحرة. كما طالت حملة الإعتقالالت مجموعات كبيرة أخرى من عامة الشعب الكردي، خاصة اولئك الذين يشاركون في التظاهرات السلمية وينددون بالسياسة القمعية التركية ضد هوية وحقوق الشعب الكردي، وبهذا يكون قد تبين لنا وللعالم من جديد مآرب حكومة حزب العدالة والتنمية، وظهر عياناً الوجه القبيح لسياسة هذه الحكومة القمعية ضد شعبنا الكردي الاعزل والذي يمارس حقه الديمقراضي السلمي في التظاهر والتنديد.

كنا قد اشرنا من قبل بان حكومة حزب العدالة والتنمية هي حكومة تم توكيلها بمهمة شن حرب خاصة وشاملة ضد الكرد وحركتهم التحررية. هي حكومة قمع وارهاب منظمين، لذا حذرنا القوى السياسية والديمقراطية منها وطالبناها بالانتباه الى هذه الناحية، والإستعداد جيداً الان وفي المستقبل ايضاً، للتصدي لما تخطط له هذه الحكومة من سياسات تصفوية ضد الشعب الكردي وحركته التحررية.

بعد الانتخابات التي جرت في 22 تموز عام 2007 وبعد فوز حزب العدالة والتنمية برئاسة الحكومة، قامت دوائر هذا الحزب مباشرة ببعض الاجراءات التصعيدية الخطيرة. كان الاجراء الاول اصدارها لمذكرة الحرب لخارج الحدود، حيث صوّت برلمانيوها وبرلمانيو المعارضة( عدى كتلة حزب المجتمع الديمقراطي) وبالإجماع على قرار غزو مناطق من العراق بحجة محاربة حزب العمال الكردستاني، ومن اجل الضغط على حزب المجتمع الديمقراطي وعرقلة مسيرته النضالية التقى الحزب بالمحكمة الدستورية العليا لاصدار مذكرات توقيف بحق نشطاء هذا الحزب وحظره، ومنع قادته ونخبه من مزاولة العمل السياسي. ثم قامت الحكومة بدفع الجيش لشن حملة عسكرية ضخمة في منطقة الزاب، ومناطق متفرقة اخرى من جنوبي كردستان، حيث راح ضحية هذا الحرب القذرة مئات الاشخاص. كما وشن الحزب الحاكم حروباً سياسية ضد الاحزاب والقوى الديمقراطية الاخرى في البلاد. كل هذه السياسات التصفوية والمعارك والحملات العسكرية التي قامت بها حكومة العدالة والتنمية اكدت لنا صدق توقعاتنا فيها وصحة تحذيرنا الجميع منها.

وفي 17/11/2009 بدأت حكومة العدالة والتنمية برئاسة رجب طيب اردوغان حربها الشرسة المنافية لكل القيم الديمقراطية والانسانية ضد القائد عبدالله أوجلان وذلك عبر فرض المزيد من العزلة والتضييق بحقه للتأثير في مواقفه السياسية ومحاولة فرض الإستسلام والخنوع عليه. وفي 11/12/2009 قررت المحكمة الدستورية التركية العليا حل حزب المجتمع الديمقراطي ومنع عدد كبير من اعضائه من مزاولة العمل السياسي لمدة خمسة اعوام، وتمت رفع الحصانة الدبلوماسية عن رئيس الحزب البرلماني احمد ترك والبرلمانية آيسل توغلوك، كما تم مداهمة مقرات ومكاتب ومنازل اعضاء ومناصري الحزب ومصادرة اموالهم واغلاق شركاتهم.

وفي 24/12/2009 قامت حكومة الحرب التركية بحملة اعتقالات واسعة بين صفوف النشطاء السياسيين الكرد شملت الالاف منهم، حيث زجتهم في غياهب السجون، وشردت بذلك آلاف العوائل الكردية. لذلك يجب علينا اولاً الاتفاق على ايجاد تسمية صحيحة لهذه المرحلة الخطيرة ودراستها بشكل جيد، وبيان الحقيقة للشعب التركي الشقيق وللشعب الكردي والعالم اجمع. يجب علينا ان نكون حذرين من ما تقوم به حكومة الحرب التركية في هذه المرحلة الحساسة والخطيرة وان نستعد لمواجهة سياساتها القمعية ونتصدى لها بالطرق السلمية والديمقراطية.

لقد واجه أبناء شعبنا الكردي رصاص الجيش التركي ومرتزقة عصابات حماة القرى وافراد اجهزة الاستخبارات الخبيرة في صناعة الموت بصدورهم العارية وخرجوا بالالاف الى الشوارع منددين بالسياسة التركية القمعية. يجب على العالم اجمع ان يعي جيداً بان الشعب الكردي قد تجاوز مرحلة العبودية ولن يتنازل عن حقه في العيش الكريم والحرية والديمقراطية، وليس بأمكان احد ان يديره حسبما يريد. الشعب الكردي تعلم واستفاد من دروس التاريخ ولن يتنازل عن هويته بل هو يعي تماماً كيف يصونها ويدافع عنها وعن خصوصياته السياسية والاخلاقية. ان الشعب الكردي هو هذا الذي ترونه الآن في القرن الحادي والعشرين، يعشق الحرية والديمقراطية ولايتنازل عن حقه أبداً.

هذا الكردي الحر بأمكانه الدفاع عن نفسه، وصيانة حقوقه المشروعة، وادارة نفسه ومجتمعه في كافة المجالات، وهذا هو اكثر ما يخوف اعداء الامة الكردية ويجعلهم يعيشون في دوامة هائلة يخرجون منها احياناً عبر سفك ابحار من دماء الشعبين التركي والكردي، لكن سرعان ما يجدون انفسهم من جديد في داخل هذه الدوامة.

لقد حاولت حكومة الحرب التركية من خلال حملة الترهيب والإعتقالات الأخيرة سد الطريق امام هذه الحقيقة، اي حقيقة ادارة الكردي نفسه بنفسه وتمكنه من قيادة مجتمعه، فبحربها الضروس هذه والتي تعتمد فيها في الكثير من الاحيان على الخونة وضعاف النفوس من الكرد، انكشف أمر هذه الحكومة وصارت في وضع لا يحسد عليه.

القوات التركية الخاصة المتمرسة في الحروب القذرة على مدى ثمانين عاماً من الحروب الضروس ضد الشعب الكردي فشلت وإنهزمت، لذلك نراها تلتجئ الى الابتكارات الجديدة في حربها القذرة ضد الشعب الكردي الاعزل، معتمدة على ازلامها من الخونة الكرد الذين باعوا القضية على أرصفة اوروبا واسطنبول بارخص الاثمان، وهذه حقيقة يعلمها الجميع.

في الاعوام الماضية اعتمدت الحكومة التركية في حربها ضد الشعب الكردي وحركته التحررية على المرتزقة والجحوش واجهزة الاستبخارات الخاصة، وبذلك فقد نجحت الى حد ما في اشعال نار الفتنة والاقتتال بين الكرد انفسهم، ومازالت تحاول حتى في حربها القذرة الاخيرة ايضاً الاعتماد على هذه المجموعة الضالة من الشعب الكردي.

لكي نوضح الامور اكثر: الحكومة التركية وطريقة استخدامها لهؤلاء المرتزقة واجهزة الاستبخارات وعصابات الموت مختلفة تماماً عن سابقاتها في الشكل، فحكومة اردوغان وباكذوبتها في quot;الانفتاح الديمقراطيquot; تريد ان تظهر للعالم بأن هؤلاء اي بائعو القضية ان كانوا ممن يحملون السلاح او من يشهرون سموم اقلامهم وافكارهم على صفحات الاعلام التركي السمعبصري اللاخلاقي، بأنهم هم اصحاب القضية الحقيقيين. حتى البارحة كان quot;كامل اتاكيquot; قاتلاً مأجوراً ومسؤولاً عن عصابة من المرتزقة، واليوم امثاله وامثال quot;كمال بورقايquot;، quot;أوميد فراتquot;، quot;محمد متينرquot; وquot;محمد بارانسوquot; هم من يمارسون هذه السياسة ويتحولون إلى بيادق رخيصة تتحرك للنيل من حركة التحرر الكردستانية. لكن هؤلاء بتاريخهم المخجل وبعدائهم للقضية الكردية معروفون لدي عامة الشعب الكردي الذي يدرك بانهم باعوا هويتهم وضمائرهم في سوق الحزب الحاكم، بعد أن اصيبوا بالإفلاس الحقيقي في الشارع الكردي. المشكلة بأن هؤلاء لا يدركون خطورة هذه اللعبة السياسية القذرة التي يمارسونها.

حكومة حزب العدالة والتنمية التي تقود هذه الحرب الشاملة تحاول الآن بناء هذه القوى والمجموعات الخاصة التي ذكرناها من جديد وعلى اسس وقواعد جديدة، لكن ليعلموا هم قبل غيرهم بأنناـ في حركة التحرر الكردستانية واعون جيدأ لكافة هذه الخطط القذرة. القضية الكردية في تركيا هي قضية شعب وارض. قضية حقوق مغتصبة. الم يتعلم هؤلاء بعد بأنهم سوف لن يتمكنوا من حل هذه القضية عبر أساليبهم القذرة هذه؟. ألا يعلمون بأنهم لن يصلوا إلى شيء عبر شن كل هذه الحروب التي تحرق الاخضر واليابس؟. كل هذه الحروب لن تنجح في تركيع الكرد وحركتهم الطليعية، وجبال كردستان وشوارع مدنها وقراها ودماء شهدائها شاهدة على ذلك.

الحكومة التركية مازالت تتعامل بالذهنية التصفوية العسكرية مع الشعب الكردي، فمن جهة تحارب القائد أوجلان وتضيّق عليه في معتقل سجن جزيرة quot; إيمراليquot;، ومن جهة أخرى تشن حرباً اخرى ضد القوى السياسية الديمقراطية معتمدة وكما ذكرنا آنفاًـ على تلك القوات الخاصة. كما تحاول تشتيت الصف الكردي والاصطياد في المياه العكرة وحتى الهاء الشارع التركي نفسه بقضايا اخرى. هذه الحكومة لا تجد في كل الاحوال في حزب العمال الكردستاني وقائده أوجلان شريكا لها في حل القضية الكردية، بل تذهب اكثر من ذلك حينما تحاول ايجاد شرخ بين حركة التحرر الكردية وقائدها التاريخي عبد الله اوجلان، وتوظف هذه الحكومة كل وسائل الإعلام واطلاق التهم والاكاذيب بحق حركة التحرر الكردية وقائدها، متناسين بان الشعب الكردي اقوى واذكى من ان يقع في حبال ألاعيبهم الدنيئة هذه.

المتابع لهذه القضايا يعلم جيدا بأنه حتى قبل حملة الترهيب والإعتقالات الأخيرة شنت حكومة حزب العدالة والتنمية حملة شرسة ضد القائد أوجلان وحركة التحرر الكردية للنيل من عزيمة وارادة الشعب الكردي وقائده، وذلك عبر تفعيل مجموعة من المرتزقة المعروفين لدى الشعب الكردي امثال quot;كمال بورقايquot;، quot;أوميد فراتquot;، quot;محمد متينرquot; وquot;محمد بارانسوquot; واشخاص اخرين كانوا يشنون يومياً حملات تشويه موتورة ضد القائد اوجلان وحركة التحرر الكردية عبر الفضائيات التركية. هؤلاء لهم علاقة مع كل من الضابطين التركيين quot;سداد لاجينرquot; وquot;احسان بالquot; المشرفين على هذا النوع من العمليات في إدارة المخابرات التركية العامة ( إم أي تي). وبعد هذه الحملة القذرة التي قاموا بها لتشويه صورة القائد أوجلان ومحاولة شق الصف الكردي وايجاد شرخ بين حركة التحرر الكردية وبين قائدها التاريخي عبد الله اوجلان قاموا من جديد بالتضييق على القائد ومحاولة التأثير علياً نفسياً وجسدياً.

في بداية عام 1990 قامت الحكومة التركية بشن حملات مشابهة ضد الشعب الكردي، فقامت بحرب شاملة ضد الاحزاب السياسية والديمقراطية ومنظمات المجتمع المدني ووسائل الاعلام الحرة، راحت ضحية تلك الحرب آلاف الوطنيين، واعتقلت عشرات الآلاف من المواطنين وزجتهم في اقبية السجون ومات المئات منهم تحت التعذيب. اذن ما نراه الآن هو نفس السيناريو القديم لكن بحلة جديدة. فالحكومة تحاول صهر احرار الكرد وتصفيتهم ومحاربتهم اينما وجدوا معتمدة بذلك على الخونة والجحوش والمرتزقة وبائعي القضية من الذين تريد تقديمهم وكأنهم هم الممثلون عن هذه الملايين من أبناء الشعب الكردي.

لكن وبكل تاكيد وثقة واخلاص يمكن القول بأن الشعب الكردي لن يقف مكتوف الأيدي وسوف يدافع عن هويته القومية وحقه في الحياة الحرة كما كل احرار العالم والشعوب التواقة الى الحرية والديمقراطية. سوف يدافع عن حركته التحررية وقائدها التاريخي، واذا لزم الامر فهو مستعد ان يضحي بأكثر مما قدمه حتى الآن. والاعداء والخونة يدركون ذلك جيداً. الشعب الكردي شعب حي جبار ومناضل وسوف يستمر في نضاله الديمقراطي وممارسة حقه النضالي. على الكل أن يعي هذه الحقيقة..

قيادي ومن مؤسس حزب العمال الكردستاني
الترجمة من الكردية: سرحان عيسى
[email protected]