الماء طعم الحياة على حد تعبير أحد أئمة الشيعة، ويبدو لي إن هذا الإمام الذكي استقى هذه الفكرة من الكتاب الكريم، ذلك إن من القضايا التي ركز عليها القرآن دور الماء في إحياء الأرض، بل يقول تعالى (وجعلنا من الماء كل شيء حي)، على اختلاف في التفسير كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى


باقة الاستعمالات: ــ
وردت هذه المادّة في القرآن أكثر من ستين مرّة، ولكن باستعمالات متعددة، ومن أهمها استعمالان رئيسيان، هما:
الاستعمال الأول: الماء العادي الذي يرفع عطشنا، ويوري زرعنا، ويحي أرضنا، وهو الماء الذي ينزل من السماء وينبع من الأرض ويتفجر من الجبال:ـ
قال تعالى: (وأنزلنا من السَّماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم).
قال تعالى: (هو الذي أنزل من السَّماء ما ء فأخرجنا به نبات كل شيء).
لقد تكرر هذا الاستعمال كثيرا، ولم يستعمل هنا كلمة (مطر)، بل كان يلح على كلمة (ماء)، وفيما كان المطر مصدر بلاء كبير على أمم وشعوب، كان الماء طعم الحياة!
يقول تعالى: (أفرأيتم الماء الّذي تشربون، أنتم أنزلتموه من المُزن أم نحن المنزلون)
قال تعالى: (وأنزلنا من المُعصرات ماء ثجاجا).
إن نظرة إلى هذا الاستعمال تكشف عن غائية واضحة في البيان القرآني، فالماء مخلوق غائي، والله تعالى خلقه من أجل البشر، إن لغة القرآن ا لمائية لغة دعوية، ولغة ليست حيادية، أي من حيث الاستعمال، هدف الاستعمال.
الماء مخلوق غائي ومنظَّم، والهدف من البيان بالدرجة الأولى ربط الإنسان بالله، الله الخالق، المُنعِم، المتفضل، الكريم، فهي ليست لغة العلم، أو لغة الفلسفة، بل لغة الدعوة الشفافة.
هنا ومن أجل مزيد من التوضيح، نسطر الملاحظات التالية على الآيات السابقة: ـ
الملاحظة الأولى: لقد حصر القرآن عملية (إنزال) الماء من السماء بالله وحده، وكان مادّة تحدي بشكل واضح (أنتم انزلتموه من المثزْن أم نحن المنزلون)، والنزول في الأصل هو: (انحطاط من علو)، والسؤال هنا، ترى هي إنزال الله للماء من السماء باعتبار الماء بحد ذاته، أم باعتبار اسبابه؟
إن استعراض آيات الماء وهو ينزل من السّماء يرجِّح الاحتمال الثاني، فإن الله تبارك وتعالى يقول في الكتاب الكريم: (ألم تر أنّ الله يُزجي سحابا ثم يؤلف بينه ثم يجعله رُكاما فترى الودق يخرج من خلاله...)، ويقول: (والله الذي أرسل الرياح فتثير سحابا فسقناه إلى بلد ميِّت فأحيينا به الأرض بعد موتها كذلك النشور)، فإننا من هذا البيان الشريف نفهم إن الله ينزل الماء من السّماء بلحاظ مجموعة اسبابه، وليس المقصود هو إنزال الماء من دون النظر إلى مقدماته السابقة على ذلك، تماما مثل إنزال لله الحديد من السّماء بنص القرآن الكريم.
الملاحظة الثانية: هناك أكثر من نموذج للماء في البيان القرآني الكريم،منها في قوله تعالى: (لو نشاء لجعلناه أُجاجا)، والأجاج هو الماء الشديد الملوحة، ومنها في قوله تعالى: (وأسقيناكم ماء فراتا)، ومنها في قوله تعالى: (وأنزلنا من المُعصِرات ثجّاجا)، ومنها في قوله تعالى: (قل أرأيتم إِن أصبح ماؤكم غورا فمن يأتيكم بماء مَّعين)، ومنها في قوله تعالى: (ولوا استقاموا على الطريقة لاسقيناهم ماءً غدقا)، ومنها في قوله تعالى: (ففتحنا أبواب السّماء بماء منهمر)، ومنها في قوله تعالى: (من ورائه جهنم يُسْقى من ماءٍ صديد)، ومنها في قوله تعالى: (خلق من ماء دافق)، ومنها في قوله تعالى: (وماء مسكوب)،ومنها في قوله تعالى: (لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا،إلاّ حميما وغسّاقا).
فهنك الماء العذب الحلو، وهناك الماء المالح الأجاج، وهناك الماء المنهمر، والماء المنساب بهدوء، وهناك الماء المتدفق، وهناك الماء الذي يشوي الحلق والامعاء، وهناك الماء الغائر في الارض (غيض الماء) وهناك المتفجر عيونا، وهكذا...
ليس هناك شيء جديد في هذا التنويع، الرصد ا لبسيط يمكن أن يتكفل بذلك، وللعلم أن هناك أكثر من أربعين اسم للثلج في لغة القطبيين الشماليين، وكل إسم يدل على نوع من أنواع الثلج وهناك عشرات الأسماء للابل في لغة العرب، واحصاء هذه الأسماء، سواء في مجال الماء أو الأبل أو الفيل ليس شيئا خارقا للعادة، ولكن القرآن جاء على ذكر هذه التنويعات في سياق ربط دعوي ناضج وجميل، ألا وهي تأصيل التوحيد العظيم، وهذه هي الميزة الكبرى.
الملاحظة الثالثة: إنَّ الله هو الذي ينزل الماء من السَّماء، هذه القضية محل توافق الفطرة البشرية، وذلك حتى بالنسبة لأولئك الذين أشركوا بالله بشكل وآخر، فالقرآن يقول: (ولئن سألتهم من نزَّل من السَّماء ماء فأحيا به الأرض بعد موتها ليقولن الله)، ولكن هل هذا الخطاب يصلح للذين لا يؤمنون بذلك؟ هل يصلح هذا الخطاب لشعوب أو أفراد لهم تصورهم المادي عن نزور المطر؟ من هنا نفهم غائية الخطاب القرآني وأحيانا محليته، وذلك في بعض مقاطعه وموضوعاته، فهناك الملايين الذين يرفضون مثل هذا المنطق، ولهم تصورهم الطبيعي الصرف عن نزول المطر من السماء.
الاستعمال الثاني: جاء استعمال المادّة للتعبير عن (السائل المنوي الذكري)، فقد جاء في القرآن الكريم: (ألم نخلقكم من ماء مهين)، وفي نص آخر: (ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين).
لقد فسّر بعضهم المهين هنا بالتفاهة والحقارة والضعة، ففي تفسير (الأمثل) لمكارم الشيرا زي: (أي تافه وحقير)، وفي مجمع البيان: (أي حقير قليل الغناء)، وفي تفسير ابن كثير: (أي ضعيف حقير بالنسبة لقدرة الباري)، ويُشعر هذا التفسير بمهانة هذا الأصل العظيم، أي النطفة، فتوصيفه بالحقير لا يخفي الموقف المستهجن من النطفة، لا يخفي النظرة الدونية إلى النطفة، فيما النطفة هي مبدا التكوين البشري الأول، هذه النطفة سوف تتحول إلى دماغ، فكر، قدرة ابداعية هائلة!!
ان مادة مهين مأخوذة من الوهن، والوهن كما في لسان العرب (الضَّعف في العمل والأ مر، كذلك في العظم ونحوه)، وفي صحاح اللغة: (وهن الإنسان: ضعف، وا لوهنانة: المرأة القليلة الحركة)، وفي لسان العرب أيضا: (حملته أمه وهنا على وهن: ضعفا على ضعف)، وبالتالي، ليس هناك إي تهوين بالمعنى الذي يفيد الاحتقار و التفاهة، وليس من شك أن الحيوان المنوي الذكري ضعيف، فهو قابل للعطب بسرعة، رغم أنه يختزن أكبر قوة، فهو مشروع إنسان. وممّا يؤيد هذا الاتجاه في تفسير كلمة (مهين) الواردة في الآيتين وصفا للحيوان المنوي قوله سبحانه: (الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوّة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة يخلق ما يشاء وهو العليم القدير)
إن الإنسان مخلوق كريم، وقد مجّد الكتاب الكريم هذا المخلوق الكريم، حتى اعتبره خليفة الله في الأرض، فمن غير المعقول أن يصف حيوا نه المنوي بهذه الصفات التحقيرية التهوينية.
قال تعالى: (فلينظر الإنسان ممَّن خلق، خلق من ما ء دافق، يخرج من بين الصلب والترائب...)
وليس من شك أن الماء الدّافق هنا هو ا لحيوان المنوي الذكري، بدلالة (دافق)، ومن الملفت للنظر إن القرآن يرجع خلقة الإنسان إلى هذا الحيوان بالأساس، فقد قال تعالى: (وأنّه خلق الزّوجين من الذكر والأنثى، من نطفة إذا تُمنى)، وقال أيضا: (أيحسب الإنسان أن يترك سدى، ألم يك نطفة من مَّني يمنى)23، وليس من شك أنه لأمر يحير اللب، إذ الإنسان وليد تلك البويضة المخصّبة بين الحيمن الذكري والبويضة الأنثوية؟ ربما مجارات للتصور الذي كان سائدا آنذاك والذي كان ربما يرجح دول الرجل في عملية الخلق والتكوين، بسبب تلك المعادلة التفضالية بين الرجل والمرأة، الذكورة والانوثة، الزوج والزوجة؟!
ولكن ما هو الداع لتسمية هذه الحيمن بـ (الماء)، هل لأن نسبة الماء هي الغالبة في تكوينه، أم لأنه شبيه بالماء من ناحية خارجية، أم بسبب قوله تعالى (وجعلنا من الماء كل شيء حي)؟ لا جواب واضح على هذا السؤال، ويمكن أن نتكلم أكثر لا حقا بإذن الله عن هذه النقطة بالذات.
الاستعمال الثالث: نجده في قوله تعالى: (ومن ورائه جهنم ويُسقى من ماء صديد)25، وفي قوله تعالى (وأن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه) 26، وفي قوله: (وسقوا ماء حميما فقطّع أمعاء هم)
هذه النماذج هي مياه (جهنمية) أُعدت لتعذيب (مستحقين!)، ولسنا ندري حقيقة و ماهية هذه المياه، وكونها آليات تعذيب يوم القيامة مجهولة لدينا، فلست أدري ما الذي يبقى في هذا الجسد المعذَّب بعد أن تتقطع أمعاؤه من شرب هذا الماء الرهيب؟ وإذا اشتوى الوجه ما الذي يبقى فيه للعذاب مرّة ثانية؟ تبديل الجلود بعد الجلود كأني أراه وصفا لهذا العذاب أكثر من كونه حقيقة حرفية، و الله العالم.

من أنظمة الماء
هذا الماء المُنزَل من السماء، أو المُعصرات، أو المُزن، أو المتفجر من ينابيع له نظامه في القرآن الكريم، نظام جميل يعرضه الكتاب العزيز بلغة جميلة شفافة، نحاول هنا أن نستعرض الخطوط العريضة لهذا ا لنظام.
ألنظميَّة الأ ولى: إن الماء / الغيث / ينزل من السّماء بأمر الله تبارك وتعالى، وقد بينت في فقرة سابقة هذه النقطة بشيء من التوضيح، فلا إعادة، والمهم في هذه النقطة إن الإنزال هنا ليس بلحاظ هذا الانحدار المائي من فوق إلى تحت، بل هو بلحاظ مجموعة عمليات تكوّن الماء، وإنه تحت سلطان وأمر الله عزّ وجل.
والنقطة الا خرى في هذه النظمية إن هذا الماء ينزل بقدر، فقد قال تعالى: (وأنزلنا من السَّماء ماء بقدر فأسكنّاه في الأرض)،، وهذه الفقرة النظمية هي تطبيق لقا عدة نظمية وجودية قرآنيّة عريضة، تلك هي قوله تعالى: (إنّا كل شي ء خلقناه بقدر)، وكون الماء ينزل بقدر يعني أن يسيل بقدر، ويتجمع بقدر، ويعطي بقدر، وينفع بقدر، ونحاول هنا أن نطرح هذه الفقرة النظميَّة وفق تسلسل تصاعدي: ــ
المستوى الأول: (والذي نزَّل من السَّماء ماء بقدر فانشرنا به بلدة مَّيتا كذلك تخرجون)
المستوى الثاني: (وأنزلنا من السّماء ماء بقدر فأسكنّاه في الأرض وأنا على ذهابه لقادرون).
المستوى الثالث: (ألم تر أن الله أنزل من السّماء ماء فسلكه ينابيع في الأرض ثم يخرج به زرعاً مختلفا ألوانه ثم يهيج فتراه مصّفرّا).
المستوى الرابع: (أنزل من السّماء ماء فسالت أودية بقدرها فاحتمل السيل زبدا رابيا وممِّا يوقدون عليه في النّار ابتغاء حلية أو متاع زبد مثله كذلك يضرب الله الحق والباطل فامّأ الزبد فيذهب جفاء وأمّا ما ينفع الناس فيمكث في الأرض كذلك يضرب الله الأمثال))32.
فنحن هنا أمام عملية تفريع وتشقيق لمادة (القدر المائي) النازل من السّماء، وتوسيع للمعلومات حول الموضوع، وفي الآية الأخيرة نقرأ أكثر من محاولة رمزية للتفسير، فهي جاءت لضرب الأمثال ولكنها تحمل من المعاني الرمزية الغنية بالايحاء ما يستحق معه التأمل العميق في تضاعيفها ومكوناتها وسيرها.
قال الطبري في تفسيره [ (أنزل من السّماء ماء...) هذا مثل ضربه الله للحق والباطل، والإيمان والكفر، فمثل الحق في ثباته والباطل في اضمحلاله، مثل الماء الذي أنزله الله من السّماء إلى الأرض، فاحتمل السيل زبدا عاليا، فالحق هو الماء الباقي الذي يمكث في الأرض، والزبد هو الذي لا يُنتفَع به هو البطال، وهذا أحد مثلي الحق والباطل، والمثل الآخر قوله تعالى: (وممّا يوقدون عليه في النار ابتغاء حليةٍ أو متاع زبد مثله) أي ومن الذي يُوقد عليه النّاس من المعادن كالذهب والفضّة والنحاس، مما يُسبك في النار طلب الزينة أو الأشياء التي يُنتفع بها كالأواني مثل زبد السيل، لا يُنتفَع به كما لا يُنتفَع به كما لا يُنتفَع بزَبَد السيل ].
إن الباطل يعلو، يظهر على السطح، شامخ، يعربد، يصرخ، منتفخ، تماما مثل الزبد الطافي، والرغوة الفلزيَّة الطافية، فيما تحت ذلك الزبد الراغي، الرابي، يكمن الماء الصافي، الماء الذي يروي عطشنا، ويسقي زرعنا، ويلطف جوّنا، ويطرد السموم من أجسادنا، وفيما تحت تلك الخبائث التي طفت على الفلز يكمن الفلز الصافي الذي نصوغ منه حلينا، ونصنع منه أوانينا، كذلك الحق، فهو خفي، مستور، مغطى تحت طغيان الباطل الظاهري، ولكن سرعان من ينقشع كما ينقشع الزبد والرغوة الفلزية الطارئة، فيظهر قوة شامخة، قوة نيِّرة.
النظميَّة الثانية: إن هذا الماء يأخذ صيغا وجودية متنوعة، فهو يمكن أن يغيب في بطون الأرض كما في قوله تعالى: (وغِيض الماء وقُضي الأمر)، وهذا الماء يمكن أن ينزل من السّماء سيلا هادرا (ففتحنا أبواب السَّماء بماء منهمر)، وهو مذاقات متنوعة متعددة، منه الفرات العذب، ومنه المالح الأجاج (وأسقيناكم ماء فرا تا)، (وهذا عذب فرا ت سائع شرا به وهذا ملح أجاج)، ومنه الماء الكثير، ومنه القليل، ومنه المنهمر، ومنه المسكوب، ومنه يصعب الحصول عليه ومنه السهل الحصول عليه.
قال تعالى: (وظل ممدود وماء مسكوب).
قال تعالى: (فمن يأتيكم بماء معين)، والمعين الذي يمتاز بالسلاسة والسهولة، ويمكن الظفر به بيسر ودون مشقة.
قال تعالى: (عينا تسّمى سلسبيلا)، أي ذي المرور السهل في الحلق من كثافة العذوبة، وهو كما يبدو وصف لماء الجنّة.
قال تعالى: (فيها أنهار من ماء غيرآسن وأنهار من لبن لم يتغيرطعمه).
أن لكل نوع من هذه الأنواع، ولكل حالة من هذه الحالات خصائصها وميزاتها، والقرآن كتاب وصف ورصد في كثير من موضوعاته واهتماماته.
النظميَّة الثالثة: يؤدي الما ء وظائف حيوية بل مصيرية للإنسان، فهو للشرب والطهي والغسل والطهارة، والسقاية، وتلطيف الجو، وهو قبل هذا وذاك سبب الحياة، وهي الفقرة التي سوف أفصِّل بها بعد قليل بإذن الله تبارك وتعالى.
قال تعالى: (وأنزل من السَّماء ماء فاخرجنا به من الثّمرات رزقا لكم).
قال تعالى: (والله أنزل من السّماء ماء فأحي به الأرض بعد موتها).
قال تعالى: (هو الذي أنزل من السّماء ماءً لكم منه تشربون ومنه شجر فيه تسيمون).
قال تعالى: (وأنزلنا من السّماء ماء طهورا).
النظميِّة الرابعة: والماء، مثله مثل الكثير من الموجودات، قد يكون نعمة، وقد يكون نقمة، والأمر يعود إلى الإنسان، فإننا نقرأ قوله تعالى: [ (ألم تر الله يزجي سحابا ثم يؤلف بينه...)، تترا كم السحب وبعدها فتنزل قطرات المطر من بين هذه السحب (فترى الودق يخرج من خلاله) ثم (وينزل من السّماء من جبال فيها من بَرَدٍ) أي وينزل من جبال السُّحب قطرات على شكل كرات ثلج، (فيصيب به من يشاء)،حيث يتسبّب بالأضرار التي ربما تكون مهلكة، (ويصرفه عن من يشاء)، أي يصرف الله هذا البَرْد عن آخرين، فينجو من ضرره ]. فهو هناك نعمة، وهنا نقمة، ومسألة استحقاق النعم و النقم قضية أخرى لها مجالها الخاص بها.
وهنا مجموعة تعريفات وتوضيحات كي نتمكن من فهم أوضح وأيسر للآية الكريمة نذكرها تباعا: ــ
1 / الركام مأخوذ من تراكم الأشياء بعضها فوق بعض.
2 / الودق هو المطر، أو حبّات المطر على أقرب الأراء المعجمية.
3 / قوله: (من جبال من فيها من برد)، الجبال هنا تعبير رمزي أو كنائي مثل قولك جبل من هم، أو جبل من علم، وعليه، يكون المعنى إن هناك ثلجا متراكما كالجبل، أي إشارة إلى عظمته وضخامته وهيبته، أو يكون المعنى إن هناك، أي في كبد السّماء جبال من بَرد، أي جبال من ثلج، أو يكون المعنى أن الله تعالى يحرك السّحاب من مكان لآخر ثم يجمعه على شكل جبل، ثم تجري العمليات البا قية.