يقدم تاريخ الشعب اللبناني العديد من الدروس والخبرات في مجالات: الأجتماع، والسياسة، والتألق في النجاح الفردي الذي يقابله الأخفاق على الصعيد الجماعي، فنحن امام شعب يجمع المتناقضات والمزايا أيضا، والمثير أنه رغم ذكاءه وقدراته الفردية المتميزة.. إلا انه مازال يسير عكس المنطق وبالضد من مصالحه!
فمهما أختلفنا في نظرتنا الى الشعب اللبناني.. إلا أننا لانستطيع أنكار النجاح الباهر الذي حققه اللبنانيون كأفراد في حياتهم العملية، فاللبناني كفرد أستطاع أحزار أعلى درجات النجاح في مشاريعه العملية التي أسسها في الداخل والخارج، واصبحت الجاليات اللبنانية في المهجر عنواناً للنجاح العملي التجاري والثراء المالي أينما تواجدت لدرجة حتى في قارة أفريقيا بلد المجاعة وكل انواع الفقر والأمراض الفتاكة نجح المهاجرون اللبنانيون في الأستثمار والمشاريع المختلفة وحققوا ثروات مالية ضخمة هناك!
وفي المقابل امام هذا التميز والذكاء الفردي الذي يتمتع به اللبناني.. نجد الفشل الجماعي في الحياة السياسية، بل نجد أكثر من الفشل وهو الكارثة بعينها، فمأساة هذا الشعب لم تبدأ اثناء أندلاع الحرب الأهلية فقط، وانما بدأت منذ ان تكرست فيه روح الانقسام واصبح الولاء للعائلة والضيعة والطائفة والحزب... وغابت مشاعر الأنتماء الوطني وغدت ضعيفة لاتصمد امام المصالح الشخصية والعائلية والحزبية والطائفية، ومن المؤسف ان هذا البلد الجميل تأسس منذ البداية على أخطاء دستورية وسياسية كانت نتاجاً لوعي اجتماعي مشوه بالولاءات الضيقة والأنقسامات أضاع الوطن بكل مايحمله من عناوين الأستقرار والرفاه والتنمية والسعادة!
فالذكاء الفردي للبناني لم يخدمه مطلقاً في الحياة السياسية وبناء البلد على اسس مبدأ المواطنة والديمقراطية، بل احيانا يتم توظيف هذا الذكاء ضد الوطن من خلال رهن البعض نفسه للقوى الخارجية وتحويل لبنان الى ورقة للمساومة في سوق الصفقات السياسية الرخيصة التي لاتعني الشعب اللبناني مطلقاً، والأخطر من هذا ان الولاء للخارج واستلام الدعم المالي والسلاح منه صار في لبنان عرفاً سياسياً مقبولاً لايثير الأستهجان ويستفز مشاعر الكرامة، وتداخلت الحدود ما بين العلاقات السياسية ومابين العمالة والخيانة... والنتيجة المؤلمة هي ضياع وطن كان يمكن ان يكون من أفضل بلدان المنطقة !
أكتب هذه الكلمات والمأساة تطحنني كمواطن عراقي أرى وطني قد أستورد تجربة الانقسامات والمحاصصة اللبنانية التي أستقرت فيه كمرض مزمن وقاتل... وأتساءل: هل يمكن الشفاء من هذا المرض الفتاك؟.. يؤسفني الجواب بالنفي والتشاؤم من المستقبل!!
[email protected]
- آخر تحديث :
التعليقات