بصرف النظر عن أي كلام معسول أو نفاق جاهز برع به النظام الإيراني و تميز، فإنه يدير دفة ملفات الصراع في المنطقة تحت خانة حالة الحرب الدائمة و المستمرة، فنظام طهران يتصرف و يفكر ستراتيجيا على أساس أن دول منطقة الخليج العربي هي في حالة حرب معه!! و إن تصرفاته وفق هذا التقويم تنطلق من إتبارات ودوافع حربية محضة ومن دون أي تحديد عملي أو فعلي لقواعد الإشتباك المعمول بها في الجيوش المحترفة، فالإيرانيون يعتبرون جميع دول الخليج العربي وفي طليعتها المملكة العربية السعودية بمثابة ميدان حرب يتم التعامل السياسي و الإستخباري و الأمني معهم على ذلك الأساس؟، لذلك فقد كانت المناورات العسكرية الإيرانية الأخيرة في مياه الخليج العربي ( الرسول الأعظم ) بمثابة رسالة تهديد و بلطجة واضحة المعاني و الأهداف و العناوين لدول المنطقة، وقبلها كانت ردود الأفعال العدوانية الوقحة و البذيئة على تصريحات وزير خارجية دولة الإمارات العربية الشيخ عبد الله بن زايد الذي إستنكر إستمرار إحتلال النظام الإيراني لأجزاء من بلاده، وحتى ميادين ( كرة القدم ) لم تسلم من آثار وشظايا البلطجة الإيرانية الوقحة التي تعني أساسا بإن إحتمالات المواجهة مع دول الخليج العربي تمثل أولوية إيرانية ذات أسس فاعلة في التفكير الستراتيجي الإيراني العدواني، ففي الأمس القريب تمكنت أجهزة الأمن في مملكة البحرين من تفكيك شبكة لتبييض أموال الحرس الثوري الإيراني إمتدت نشاطاتها لما هو أبعد من البحرين، خصوصا و أن شبكات تبييض الأموال الإيرانية لها من مساحات التمدد الشيء الكثير بفضل بركات ( حزب الله ) اللبناني وقوائم المتعاملين الدوليين معه من طبقة رجال الأعمال التي تمتد و تتوزع من روسيا وحى البرازيل!، و اليوم أشارت الأنباء لقيام أجهزة الأمن الكويتية بإكتشاف شبكة تجسس إيرانية تعمل لصالح الحرس الثوري في الكويت تقوم بجمع وتحليل المعلومات و تكوين القواعد الإستخبارية وتهيئة مستلزمات ( اليوم الإيراني الموعود)!! والحديث عن شبكات التجسس الإيرانية ليس مجرد أوهام و تخرصات بل أنه أمر وملف مستند لتاريخ عامر وحافل و لملف طافح بالمعلومات و بالذكريات و الأحداث الشرسة التي عاشتها الكويت ذاتها كما عانت منها جميع دول الخليج العربي، نكرر القول ما أعلناه و أكدنا عليه سابقا من أن الهدف المركزي المقدس في التفكير الستراتيجي الإيراني هو إسقاط أنظمة المنطقة بمختلف الوسائل و السبل، ومن أهم أدوات ووسائل تحقيق ذلك الهدف هو العمل على تقسيم شعوب المنطق لشيعا وطوائف و أحزابا و تشجيع التصدعات الداخلية، كما أن هدف تمزيق و تقسيم المملكة العربية السعودية يظل قدس الأقداس في محراب السياسة السرية الإيرانية، ففي نهاية وحدة الجزيرة العربية تكمن نهاية العرب في الخليج العربي، لذلك فإن الإيرانيين يبتدأون بقضم أطراف الجزيرة العربية في الكويت و البحرين و الإمارات و بتحييد البعض الآخر!! وأنتم تعلمون من أقصد؟ أما العراق فقد نجح فيه للأسف وتجذر المشروع الطائفي التخريبي الإيراني في أحشائه لدرجة أنه لم يعد يفصل العراقيين عن التقسيم و الحرب الأهلية الطاحنة سوى مسافات قصيرة بعد أن تمكن الإيرانيون من إستثمار العامل الدولي بخبث تاريخي موروث و أوصلوا عملائهم ورجالهم لسدة الحكم في العراق تحت الراية الأمريكية ليضعوا اللمسات الأخيرة على المشروع الجهنمي التخريبي الإيراني؟.
وبطبيعة الحال ونتيجة للقراءة التاريخية و المنهجية للسياسة الإيرانية وللفهم بتفاصيلها البنيوية و الإقليمية فإن لدولة الكويت في المفهوم الأمني و الستراتيجي الإيراني أهمية قصوى و إستثنائية تنبع من أهمية الكويت في الخليج العربي، وقد إمتلك الإيرانيون خبرة ميدانية كبرى في التعامل مع الحالة الكويتية بسبب الطبيعة المنفتحة للمجتمع الكويتي و لإمتلاك النظام الإيراني لقواعد عمل ميدانية واسعة جدا في الكويت وللحجم الهائل للعمالة الإيرانية في الكويت و التي هي بمثابة جيش هائل من الإحتياط ينتظر ساعة الصفر!! لانود المبالغة و التهويل في تضخيم الأمور ولكن ثمة حقائق ستراتيجية وميدانية لا تقبل الإجتهاد ولا النقاش هي التي تدفعنا لتبني حقيقة الخطر الستراتيجي الإيراني على أمن دولة الكويت وحتى على مستقبل ألأوضاع فيها، شبكة التجسس الحرسية الإيرانية الأخيرة في الكويت ليست ألأولى كما أنها لن تكون الأخيرة بالطبع، ففي جراب الحاوي الإيراني ألف ثعبان و ثعبان وشبكات التجسس الإيرانية في الكويت و الخليج العربي تضم حقائقا مرعبة وصادمة بل و متناقضة أيضا، وحجم الخروق و الثقوب الأمنية أوسع كثيرا من أسوأ توقعات البعض!! إن ناقوس الخطر الستراتيجي ق بدأ يرسل أشاراته الصاخبة، فحجم التحدي الأمني الإيراني المترافق مع قاعدة تحرك مادية عملاقة هو بمثابة إعلان إيراني واضح بالأهداف السرية الإيرانية التي فقدت سريتها، فالكويت مستهدفة بالكامل وهي في دائرة الخطر الإيراني المباشر ولا نستبعد أبدا في ظل الحالة الرخوة السائدة في الإقليم أن نستيقظ ذات صباح لنرى عناصر ( فيلق القدس ) وزوارق يا مهدي أدركني و أقزام الحرس الثوري!! ليتكرر مشهد الغزو العراقي السابق عام 1990 بطريقة أكثر درامية و مأساوية!! إننا لا نهول أو نضخم الأمور أبدا، لكن أهل الأمن في الكويت يحيطون جيدا بكل الحقائق و السيناريوهات السوداء، إذ تبقى كل الإحتمالات ممكنة وقائمة و محتملة... لقد آن الأوان لوضع خطة عمل ستراتيجية كويتية وخليجية لتفتيت المشروع الجهنمي الإيراني و سحب عنصر المبارة منه وذلك بتفتيت الجيوش و الخلايا السرية التي نعلم و تعلمون... لأننا و التاريخ معنا نرى بأن تحت الرماد يكمن وميض نيران هائلة قادمة من الشرق.. إنها الفتنة السوداء.. فهل سيطفأ نيرانها الرجال الساهرون في أمن الدولة و الدفاع وكل الأحرار.. ذلك ما نتمناه...؟
التعليقات