منذ اشهر وحملة التهجم على المالكي مازالت مستمرة وبشكل لم يسبق لها مثيل , لكنها أخذت ابعاد اكثر قوة واكثر انتشار بعد اعلان نتائج الانتخابات البرلمانية في العراق والقصد من ذلك لايستعصي على المتابع لما يدور في العراق ومايدور حول العراق . لكن من تجرد من مواقفه المسبقة ووقف يراقب بنوع من الوعي و الانصاف والحياديه سيرى ان quot; ماكنة quot; الحملة على المالكي تحمل معها مؤشرات عراقية ووطنية تسجل للرجل من قبل خصومه دون ان يعوا هذه الحقيقة الكبرى فلقد أثبتت مفردات واساليب هذه الحملة الدعائية المضادة ان المالكي غير مدعوم لا من ايران ولامن السعودية ولامن سوريا او غيرها من دول الجوار بل وغير مدعوم من الولايات المتحدة نفسها كما كان يدعي البعض والدليل الواضح على ذلك أثارة موضوع سجن المثنى المزعوم بسريته في هذا الوقت بالذات !! فهذا السجن يقع وسط بغداد وفي مكان بارز مع التسليم بحقيقة ان لاشيء يخفى على الامريكان في العراق , انها اذن رسالة امريكية للمالكي اعتقد انه يدرك فحواها وجوهرها الحقيقي , وهذا يعزز موقف الرجل بانه غير مدعوم وانه يخوض المعركة الانتخابية ونتائجها وتفاصيلها بقوة قائمته وبعزمه الشخصي , رغم ان حقيقة هذه الرسائل الداخلية والاقليمية والامريكية تقول بصريح العبارة quot; ان فرص المالكي تتقلص في ا لحصول على فرص الاستمرار في منصبه كرئيس لحكومة العراق في الدورة القادمة quot; وهذه الحقيقة تدفع بالاتهامات التي ستصدر حول مجاملة المالكي في هذه الاسطر وتسحب البساط من طلاب صف النعيق الطائفي والتخلف الحزبي الموروث .
لكن مناقشة هذه الظاهرة بحاجة الى رصد وفهم كبيرين في شقيها الداخلي والخارجي فالتنسيق بين هذه الاطراف واضح وصريح مثل وضوح الهدف الذي التقى عليه الجميع من المحيط الاقليمي وحتى ذيوله المعروفة في الداخل , أن علة المالكي انه ليس quot; قومجي quot; في نظر خصومه العرب فالرجل يضع العراق اولا قبل اي مصلحة عربية اخرى وهذا شيء غير مألوف في العراق الذي اعتاد العرب ان يجعلوه جسرا لتحقيق اهدافهم من خلال نزيف ثرواته ونزيف ابنائه في حروب عبثية بالنيابة . والمالكي غير quot; اسلامجي quot; رغم انه زعيم لحزب اسلامي معروف , لكنه تصرف في هذا المجال بالذات بطريقة ليبرالية اسلامية تسجل له بكل امتياز , رغم ان هناك الكثير من النقاط تسجل عليه في مجالات اخرى قد يكون ابرزها ان مقابل نجاحه الباهر في ملف الامن كان بطيء جدا في ملف البناء واعادة الاعمار وايضا كان الاجدر به خوض صولة فرسان ثانية لكن هذه المرة على الفساد الاداري ورموزه , والجمع بين عنصري المعادلة بحاجة الى خبرة كبيرة وايضا بحاجة الى مستشارين يحملون كفاءات كبيرة ومتنوعة لاينظرون للامور بعين واحدة او يتمتعون بخبرة متواضعة تدفعهم للانكفاء على أنفسهم والتقوقع داخل شرنقة الحزبية الضيقة مع خوفهم وقلقهم الكبيرين من كل كفاءة او مبدع في مجال معين فتتقدم هنا مصلحة quot; السيد المستشارquot; على مصلحة بلد مثل العراق !! . وهذه الجانب بالذات يسجل على السيد المالكي في اختياره غير الموفق لكثير من مستشاريه . فاذا كان الكثير من الوزراء قد تم فرضهم عليه من قبل الاحزاب المشاركة في الحكومة فان اختياره الشخصي لمستشاريه قد تم بارادته الشخصية .
من جانب اخر يسجل للمالكي وقائمته انه الشخص الوحيد الذي حصل على اصوات كبيرة دون منازع وتفوق بذلك حتى على القائمة العراقية التي حصلت على اصوات لانها تمثل احزاب وشخصيات مختلفة قابلة للانشطار في اقرب فرصة ممكنة . وهذا هو جوهر قلق خصومه في الداخل وفي الخارج , لكن كل هذا القلق لايبرر هذه الحملة المسعورة التي تجاوزت في بعض مفاصلها حدود الكياسة والعمل السياسي كما حدث موخرا مع تصريح الناطق باسم القائمة العراقية , فالشخص اي شخص لايعاب عليه نوعية عمله في اسواق الشام او غيرها طالما كان هذا العمل ضمن حدود طلب الرزق الحلال بل يعاب على المرء مثلا ان يعلن انه عمل مع عشرة اجهزة مخابرات عالمية لاسقاط صدام والوصول لسدة الحكم !! ان للضمير ميزان يجب ان يفعل مثلما للسياسة ميادين وحدود عمل . اما ان يمتد التهجم على المالكي ويصل الى اقربائه اوالعاملين في مكتبه كما حدث قبل يومين في احدى الفضائيات فتلك مثلمة كبيرة ومشينة بحق الناطقين بها والعاملين على ترسيخ هذا السلوك المعيب المشين . ان التهجم الشخصي على المالكي لايحمل اي نوع من انواع البطولة لان الرجل لم يسجل عليه انه سخر امكانية الدولة ضد شخص تهجم عليه شخصيا , لذلك فان هذه البطولة في عراق اليوم هي بطولة ورقية وكارتونية تدعو للضحك والاستهجان . ثم ان المالكي سوف يغادر منصبه في نهاية هذه الدورة اوالتي بعدها لكن ظاهرة التهجم الشخصي عليه او على غيره لايجب ان تكون تقليد في العراق الجديد . ومن الممكن بل ومطلوب ان يكون كل مسؤول عراقي تحت مطرقة النقد و المراقبة التشريعية والاعلامية والجماهيرية فمثل ذلك يقوض فرص بناء الديكتاتورية لكن ان يتم ذلك ضمن حدود المحاكاة والتفاعل السياسي لا ضمن حدود مفردات واساليب تنتمي الى خانة التصرف والفعل والكلام السوقي الذي يجب الترفع عنه احتراما للعراقيين كشعب قبل غيرهم .
- آخر تحديث :
التعليقات