قبل عدة أيام مرت الذكرى الثلاثين على مجزرة سجن quot;تدمرquot;الوحشية. عند قراءة تفاصيل ماجرى في ذلك اليوم المشؤوم يكاد المرء أن يفقد توازنه النفسي والعقلي.

قوات مدججة بكامل سلاح وعتاد quot;الميدانquot; قامت بعملية هجومٍ جبانة على سجن quot;تدمرquot; المعزول في الصحراء السورية. إثنتي عشر طائرة مروحية إتجهت الى quot;تدمرquot; بدلاً من الجولان أي طارت فيquot;الإتجاه المعاكسquot;.

الحراس وجهاز الأمن المسؤولون عن السجن يفتحون أبواب مهاجع السجناء.

الضباط والجنود quot;االشجعانquot; يهاجمون السجناء العزل من الأخوان المسلمين يقتلون ويفتكون بهم سائرين من مهجع الى آخر. عدد المغدورين لم يقل عن 500 سجين كثيرون منهم أبرياء لم يقدموا الى أية محكمة.

جيش ينهزم أمام اسرائيل في ستة أيام في 1967 وفي ثلاثة أسابيع في تشرين 1973 ولكنه إنتصر في quot;تدمرquot; في ساعة واحدة...

الجيش المهزوم في أرض المعارك يحرز quot;نصراًquot; على سجنٍ و سجناء عزل وهم في فراش النوم. هذه هي أخلاق وذهنية النظام الحاكم في سوريا الذي لم يتبدل.
هناك سؤال يدور في رأس المرء وهو موجه لحركة الأخوان المسلمين: كيف لكم بمهادنة نظام كهذا والسكوت عن المجازر التي إرتكبها بحق الشعب السوري، لاسيما ضد الأخوان بالدرجة الأولى؟.

هل لدى الأخوان أية دلائل تشيرالى تبدلٍ في ذهنية ونهج النظام؟. الأخوان دخلوا منذ مدة طويلة لعبة المهادنة مع النظام متذرعين بأن النظام يحتاج الى الدعم في وجه العدو الاسرائيلي!!!. هل إنطلقت رصاصة واحدة عبر الجولان؟. هل يمكن لأي إنسان عاقل أن يصدق أن نظاماً أو الجيش quot;العقائديquot; التابع له يدخل quot;المعاركquot; ضد سجناء عزل، سوف يخوض حرباً ضد إسرائيل؟. أم أن الأخوان إمتثلوا للأوامرالصادرة لهم من حزب العدالة والتنمية التركي بقيادة السيد رجب اردوغان أخوتهم في quot;الدين والسياسةquot;؟.

السيد اردوغان هدفه هو الحصول على دورإقليمي قيادي لتركيا في المنطقة. يبدو أن الأخوان يتخيلون حصول ذلك مستقبلاً وبالتالي النزول الى الساحة حينها والقفز الى السلطة بدعمٍ تركي، وأن كل هذه المهادنة ما هي إلا تكتيك مرحلي. مهادنة بين طرفين ليس بينهما ذرة واحدة من الثقة، أطرافها البعث الثورجي الملحد وفي المقابل quot;الإسلام السياسي الرجعيquot;. أحدهم قاتل والآخر الضحية.

في الحقيقة الشكوك تذهب الى أبعد من ما ذكر أعلاه.

قرارالأخوان بالمهادنة مع النظام جاء تقريباً بالتزامن مع قرارات مماثلة من امريكا والغرب الاوروبي وعلى رأسها فرنسا تجاه دمشق. هذا الأمر بالذات يدفع بالمرء الى الشك بوجود تحالف بين الاخوان والغرب،علماً أن هذه التهمة تعود الى الأيام التي بدأت بظهور أولى تظيمات الاخوان في النصف الأول من القرن الماضي وقيل وقتها أنها حركات quot;عميلة ألعوبةquot; أسسها الغرب لمحاربة الشيوعية.
التهمة خطيرة، والمنطق والتحليل يشيران الى ذلك.

أسئلة مشروعة تؤرق كل المخلصين من أبناء الشعب السوري.

إذا لم يكن الأمركذلك،ألم يكن يجدر بالأخوان مطالبة النطام الكشف عن كل الحقائق التي رافقت المجزرة والمسؤولين عنها، وتقديم المجرمين الى العدالة، أوالكشف عن أسماء الضحايا وأماكن رفاتهم؟. كيف يثق العالم بكلامكم عن الظلم الاسرائيلي بينما أقسى المجازر جرت على أيدي حلفائكم أبطال معارك quot;تدمرquot; وquot;حماةquot; وغيرها.....ألا تحمر وجوهكم؟. كيف تستطيعون النوم وأماكن رفاة رفاقكم مجهولة حتى اليوم؟.

يبدو أن الاخوان أيضاً صاروا يؤمنون بـquot;عقيدة البعثquot; وهم بإنتظار مجازرأخرى حتى تكتمل الظروف quot;الموضوعيةquot; للتحرير وquot;إلقاء اسرائيل في البحرquot;، إذ أن تحريرالجولان وفلسطين لا بد أن يمرا من quot;تدمرquot;و quot;حماةquot; وquot;القامشليquot; وquot;جسر الشغورquot;......الخ.

نعم...إرتكب الاخوان أخطاءً كبيرة في إقدامهم على سفك الدماء البريئة في الثمانينات.....ولكن علينا أن لا ننسى بأن المواطن أو الفرد قد يتحولان الى مجرمين وقتلة....ولكن الدولة لا يمكن أن ترتكب الجرائم وتصبح مجرمة في حق مواطنيها.....الدولة عليها تطبيق القانون وإصلاح المواطن وهدفها لا يمكن أن يختزل بالإنتقام......إلا أن الواقع هو أن النظام لم يعد مجرماً فحسب بل تحول الى مجرد عصابة لا تشبع من الإرتواء من دم المواطن المغلوب على أمره....

في حال عدم رد الاخوان على هذه التساؤلات المشروعة التي تشغل بال المواطن السوري العادي وتوضيح ما يدور بينهم وبين السلطة، فهذا يعني بأن الإتهامات لها ما يبررها حقا...

طبيب كردي سوري السويد
[email protected]