أكره الحجاب بكافة أشكاله، سواء كان نقابا ً أو غطاء ً تلف المرأة فيه رأسها كعصابة، خصوصا ً حجاب المرأة الشاعرة، فما بالك لو كانت تلك المرأة تكتب قصيدة نثر دون سواها.. إختارت المرأة الشاعرة قصيدة النثر كأحد أكثر الأشكال الفنية إنعتاقا ً وتمردا ً وحرية، في حين إستسلمت هي أو أسلمت رأسها لعادة ٍ أو لفكر ٍ كّفن َ وحجب َ وأراد تغييب ليس جمالها الأنثوي فحسب إنما طبيعتها وأنسانيتها وكينونتها أيضا ً. أكره الحجاب على رأس المرأة الجميلة، كي لا يختفي جمالها ويتوارى كما تحجب الغيوم السود الشمس فتمنع عنا رؤية الضوء. أتخيل شكل الوردة وهي ملفوفة ً بخرقة ٍ سوداء. تكتب المرأة الشاعرة لتعبر َ عن مكنونات نفسها العميقة، لتظهر ما خفي منها، وخصوصا ً المشاعر والرغبات والأفكار التي تعصف بها. هي حين إختارت الحجاب، يعني هذا كموقف إخفاء وحجب وكبت هذه المشاعر والرغبات والأفكار وطيها، أو على الأقل محاولة تمويهها والتستر عليها وأكاد أقول طمسها وإسدال الغشاوة فوقها.

لتتحجب المرأة العادية، فهذا شأنها إذ لا يعنيني أمرها من قريب ٍ أو بعيد لكن المرأة الشاعرة، أكاد أشك حتى في شاعريتها أو صدقها مع نفسها لو إختارت الحجاب. الشاعرة التي أرادت أن تكون الرسولة لبني جنسها وللإنسانية جمعاء، كيف أثق بما تكتب وتبث من لواعج ٍ وبوح ٍ وما لايقال إلا في السر وهي أوقعت نفسها في تناقض ٍ غريب ٍ ما بين كشف السر وحجبه في آن. كيف لي أن أطمئن لشهرزاد وهي تقص علي َ ما وقع عليها من ظلم وقسوة شهريار، وتسرد بشكل جميل وبطريقة ٍ تخلب ُ الألباب القصص الساحرة الجذابة لتفتنني من جهة ٍ وتعري وتفضح وتدين ظلم الرجل عليها، هي التي ترتدي الحجاب بمحض رغبتها خشية أن أُفتن َ وأُسحر َ وأنجذب َ إليها؟ لقد فقد السحر بريقه وتأثيره بعدما إنكشف لي زيف الساحرة. لا أشك بوجود شاعرات ٍ يكتبن قصيدة نثر ٍ جيدة، كسهام جبار وفليحة حسن وورود الموسوي ورسمية محيبس وأخريات جلهن ممن يرتدين الحجاب
حتى مع وجود البعض منهن في بلد أوربي كالسويد منحها الحرية والشعور بالأمان كما هو الحال مع الشاعرة سهام جبار مثلا ً. أكاد أشك بقيمة وجدوى ما يكتبن من شعر كيف لا ألسن َ هن َ من إختار العتمة بديلا ً عن ضوء الشمس وعري الوردة ونضارة الأفكار والرؤى التي تعبر عنه بوضوح قصيدة النثر؟


كاتب من العراق