التصعيد الملفت للنظر في الاحداث المتعلقة بالملف الايراني، ولاسيما لهجة التحدي و الوعيد التي بات المسٶولون الايرانيون بمختلف درجاتهم يستخدمونها ضد الارداة الدولية وقبل ذلك ضد مصلحة الشعب الايراني، تعطي إنطباعا واضحا بأن الامال و التمنيات التي تعول عليها العديد من الاوساط الدوليةquot;وحتى الاقليميةquot;على حل سلمي مناسب للأزمة، لم و لن تکون إلا کخيوط العنکبوت او أکثر منها وهنا.

النظام الايراني الذي تمکن و عبر سنوات عمره العجاف البائسة التي أذاق فيها الشعب الايراني الامرين، المراوغة و التحايل على مختلف الاطراف الدولية و سلك مختلف الطرق و الاساليب لبلوغ أهدافه المثيرة للقلق، مازال يجد هناك الکثير من الفرص لخداع المجتمع الدولي و الضحك على ذقون ساسة الغرب و على رأسهم الرئيس الاستعراضي باراك حسين اوباما الذي يبدو أن دخانه قد أصاب الناس بالعمى لکن طبيخه لم يصل لحد الان.

ان المراهنة على حل وسط مع النظام الايراني، من خلال مائدة التفاوض و الحوار و سلة الحوافز، لم ولن يکون سوى الدوران في حلقة مفرغة وجدل بيزنطي عقيم صب و يصب في مصلحة النظام و کلما امتد الزمن و استمر هذا الرهان الخائب و الفاشل مع هذا النظام الحرباوي، فإنه يتقدم خطوة أخرى للأمام في تطوير إمکانياته التسليحية و بالتالي يزداد تعنتا و تعسفا و صلافة و صفاقة في اسلوب مخاطبته و تعامله مع المجتمع الدولي. ولاريب من أن التعويل على سياسة القوة الناعمة أيضا من دون تفعيل ذلك على الارض و ترجمته الى أرقام ملموسة، فإنه هو الاخر لن يکون سوى هواء في شبك و حتى من الممکن تشبيهه بحکايات الجدة للأطفال وقطعا أن رٶوس النظام طالما تفننوا في الاستهزاء و السخرية بها في محافلهم العامة و الخاصة، ولعل التذکير بسياسة الاحتواء المزدوج الفاشلة في عهد الرئيس کلينتن، و ماتبعتها من سياسات أخرى لاجدوى من ورائها سوى إطالة عمر النظام و إبقائه مسلطا على رقاب الشعب الايراني الابي، تٶکد حقيقة أن هذا النظام لايمکن أن يستوعب و يفهم أية لغة لا تستند على مبدأ القوة، وان هذه اللغة و لأسبابquot;دولية و إقليميةquot; متباينة، مازالت تدور في اجواء التنظير و الاحتمالات و الاختلافات و التجاذبات، وفيما بين المسافات المعلقة و المجهولة في تلك الاجواء، يقوم النظام الديني المتشدد في طهران بالتصيد في الماء العکر ماحلا و يحلو له من الاجهزة و المعدات و کل مايلزم لبرنامجه النووي الذي يبدو أن کل المٶشرات تٶکد ان المسافة الفاصلة بين قنبلة المعممين و العالم ليست بعيدة.

القلق الدولي و التوجس الاقليمي المتزايدين من تطورات و تداعيات التصعيد المستمر الذي يقوم به النظام الايراني، مازال يحبس الانفاس أکثر من أن يمنح ولو فرصة لإلتقاط الانفس، وان الاسرائيليين بدورهم و من خلال ردود فعلهم الانفعالية المبنية على رٶيتهم المصلحية الضيقة، قدموا و يقدمون أفضل خدمة لهذا النظام الغارق في مشاکله و ازماته المستعصية، عندما يوفرون له الفرصة لکي يظهر بمظهر الدولة الاسلامية المظلومة المهددة من جانب(الصهاينة)، وهو غطاء يبدو أن معممي طهران وفي الظروف الحالية أحوج مايکونون إليه، والحق لو أن الاسرائيليين يکرمون العالم بسکوتهم سيکون من الافضل، خصوصا وانهم بدورهم أيضا يطلقون تصريحات نارية تبدو في ثناياها الکثير من التهويل و القليل جدا من التفعيل، رغم أن التهديدات الايرانية الاسرائيلية المتبادلة لم تتعدى في اساسها و في واقع أمرها مساحة الاوراق التي کتبت عليها وان کل من طهران و تل أبيب يرسمان لمستقبل أبعد قد تکون فرص الالتقاء و التفاهم بينهما أکثر و أکبر من عکسهما.

ان الخيار الافضل و الانجح و الاکثر فعالية لمواجهة تهديدات و الخطر المستقبلي لهذا النظام، يکمن في دعم و مساندة المعارضة الوطنية الايرانية الحقيقية التي ترفض أنصاف الحلول و تٶمن بالخيار الديمقراطي کحل أمثل و وحيد للمشکلة الايرانية، وليست تلك المعارضةquot;الترقيعيةquot;وquot;التجميليةquot;التي تسعى لإدخال تحسينات و تعديلات و تجميلات على الوجه البشع للنظام على حساب الشعب الايراني وان المجلس الوطني للمقاومة الايرانية الذي أبلي بلائا حسنا في سوح مواجهة و مقارعة و فضح و کشف ألاعيب و جرائم و تجاوزات النظام الايراني، هو البديل الافضل الذي يمکن الرکون إليه و الوثوق به واسناده و دعمه على مختلف الاصعدة، وان تکثيف الدعم و المٶزارة القوية المطلوبة لهذا المجلس تکون من خلال الاعتراف به کممثل شرعي و أمثل للشعب الايراني وان هذا الاعتراف سيکون القشة التي تقصم ظهر البعير. ان المجتمع الدولي يقف الان أمام مفترق بالغ الخطورة و الحساسية فيما يتعلق بالملف النووي الايراني، وان دعم القوى الديمقراطية و المحبة للسلام و الحرية في إيران والمٶتلفة ضمن المجلس الوطني للمقاومة الايرانية، سيکون من شأنه بتر الذراع النووية للنظام و تخليص العالم من شروره، وان الايام تجري بسرعة أکبر من سابقاتها ويجب على المجتمع الدولي أن يحزم أمره و يتخذ القرار الاصح و السليم من خلال سياسة دولية جديدة تقود الى تهيأة مستلزمات إقامة نظام ديمقراطي تحرري في إيران على أنقاض سياسة تمنح فرص البقاء و الامان لنظام نووي فوضوي لم تسلم المنطقة و لا العالم من شروره.