لقد سبقني كثيرون في تسليط الضوء عن فساد حزب البعث في العراق قبل نفوقه ونتائج حكمه الكارثية على ماضي وحاضر الاجيال ولعل نتائج سياساته التدميرية المبرمجه ستلاحق اجيال المستقبل كذلك ففساد الانسان والاخلاق الذي سببته سياسات البعث هو فساد معنوي وصلاحه يتطلب وقتا اطول بكثير من الفساد المادي الذي يعاني منه ليس العراق فحسب بل معظم دول العالم الثالث وبعض دول العالم الثاني.

لذا فنحن لسنا بصدد اعادة انتاج افكارا أصبحت من المسلمات لكننا نريد قطع الطريق أمام انصارالسيد المالكي من اتهامنا بالترويج للبعث.
quot;لمصلحة من تنتقد الحكومةquot;؟ أصبح عنوان الخطاب الحكومي العراقي المعاصر وكأن الساسة العراقيون يتبعون سياسة الرئيس الامريكي السابق جورج بوش بعد تعرض الولايات المتحدة الامريكية لهجمات الحادي عشر من ايلول عام 2001 والتي مفادها quot; اما معنا أو ضدناquot; ففي الحالة العراقية quot; اما معنا او مع البعثquot; نقول لهؤلاء نحن ضدكم والبعث في آن واحد.

نحاول في مقالنا هذه تناول كارثة معاصرة (اضافة الى كوارث اخرى ليست اقل خطورة) وهي كارثة فساد من نوع خاص لازم الحكومات العراقية التي تلت تحرير العراق من نير استعباد البعث، تلك الكارثة وصلت اوجها في أواخر أيام حكومة السيد نوري المالكي المنتهية صلاحيتها والتي لازالت جاثمة على قلوبنا.
واذا كان البعثيون نجحوا في توريط شريحة كبيرة من العراقيين في اضطهاد اخوانهم من الممتعظين من سياسات النظام الصدامي فتلطخت ايديهم

بدماء كثير من اهلنا وتاليا أصبح لزاما عليهم الدفاع عن النظام لارتباط مصيرهم بمصيره، فان السيد نوري المالكي ومقربيه نجحوا في توزيع الفساد على تقريبا كل مفاصل الدولة وورطوا الآلاف معهم ليصبح لزاما على كل الفاسدين والمفسدين التخندق للدفاع عنه وحكومته.

ما ان ينبس المرء بكلمة انتقاد لسياسات المالكي هذه الايام حتى تنهال عليه الشتائم والتهم من كل صوب وحدب اقلها الترويج للبعث أو اعادة احياء الآيديولوجيا القومية او العمالة لدول خارجية. انه ارهاب فكري غير مسبوق تمارسه الحكومة quot;الديمقراطيةquot; آلته أناس اشترتهم السلطة باموال العراقيين في صفقة فساد مالي واداري من الوزن الثقيل.
أغدقت ولازالت تغدق حكومة المالكي المنتهية ولايتها الهدايا والمكرمات والامتيازات والأموال والعقارات على كل من سار في فلكها من موظفين حكوميين واعلاميين وقادة منظمات مجتمع مدني وسياسيين وشيوخ عشائر، اما الذين خالفوها فرغم ان بعضهم كان يفترض انهم محصنين دستوريا من اضطهاد ازلام المالكي لكن الحكومة وبمخالفات واضحة للدستور العراقي ارسلت قواتها الخاصة قوات بغداد أو quot; لواء 56quot; (الذي يمثل لواء الحرس الاول لدى صدام حسين) لتقتلعهم من مكاتبهم وتخيرهم بين السجن أوالاغتيال او ترك العراق.

اذا ما استمرالسيد نوري المالكي في قيادة الحكومة لاربع سنوات أخر فقد يصير الفاسدون اكثر من المصلحين فيتبادل حينها الفساد والاصلاح تعريفيهما فيصبح الفاسد مصلح والعكس صحيح وحينها يتعاظم اختلال الموازين الاخلاقية المختلة اصلا في المجتمع العراقي.

العراق، أيها السيدات والسادة، يحتاج الى ثورة تصحيح او تغيير ثقافية لتغيير طرق الحياة النمطية كتمهيد لثورة تصحيح سياسية واقتصادية وقد اثبتت السنوات الماضية ان السيد نوري المالكي (في حالة التجديد له لاربع سنوات قادمة) يمكن ان يكون اكبر عقبه تواجه ثورة تصحيحية من هذه النوع.

حسب خبراء السياسة،ان اخطر أعداء الديمقراطية هما انقلاب عسكري ياتي بديكتاتور ونظام شمولي أو مقاطعة الشعب للانتخابات عندما يصل لمرحلة الياس من التغيير، والفساد،حسب رأيي، هو بيت استراحة منتصف الطريق لهذين الخطرين.

قد لايكون الانقلاب العسكري ممكنا في ظل النظام السياسي الجديد والمعطيات الدولية لكن لااستبعد ان يرفض الشعب مقاومة اي انقلابي مغامر ليس لتقاعس الشعب بل نكاية بالطبقة السياسية التي أثرت على حسابه حتى ولو كلفه ذلك حريته من باب quot;اذا كان فقداني لحريتي هو السبيل الوحيد لتجريدك من امتيازاتك فبهاquot;.

[email protected]