ولـو أنَّ لـيلى الأخيليةَ سَلّمت عـلـيَّ ودونـي جَنـدلٌ وصفائحُ
لـسـلمتُ تسليمَ البشاشةِ أوزقا إليهـا صدىً من جانبِ القَبر صائحُ
توبة بن الحمير
كتبَ أليّ صديق عراقي فاضل مرسلا الي تبريكاته بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك، يقول لي فيها:quot; إن سبقتني فأنت الكريم إبن الكرام /
وإن سبقتك فمنك تعلمت الإحترام / نحن لا نرسل لمن نعيش معهم /
بل نرسل لمن يصعب علينا العيش بدونهم quot;
ما اروع هذه التحية الرمضانية وما اجمل أريحية هذا الأخ العراقي الفاضل. شكرته على تبريكاته، ولم اسرع في الرد عليه كما لم اسرع في ارسال تمنياتي الطيبة الى أصدقائي المسلمين بمناسبة حلول شهر الصيام المبارك، شهر رمضان الكريم، وتساءل البعض، لماذا لم اسرع في ارسال تحياتي؟ فأقول لهم معتذرا، بأني كنت حزينا وكسير القلب مما يجري في العراق من سقوط الابرياء والتلكؤ في تشكيل الحكومة. كنت أتأمل ان يتوقف العنف والقتل والمفخخات في شهر رمضان على الأقل، ولكن نشرات الاخبار تذيع كل يوم ناعية سقوط القتلى والجرحى في عراقنا الحبيب. أخبرت احد الأصدقاء بحزني العميق لهذه الأنباء المؤسفة، فكتب يقول، quot;تعودنا على سماع مثل هذه الأخبار!quot;، هالني الجواب، فقلت، إنهم مستقبل العراق، وهل نسيت أن هذه الأخبار تتغافل عن ذكر العشرات من الايتام والأرامل والثكالى الذين يسيرون وراء مواكب نعوش شهداء العراق، فيصبحون أمواتا-أحياء يعانون اليتم والثكل والعذاب والتشرد، ومتى؟ في شهر رمضان الكريم المبارك، شهر من أقدس الاشهر الحُرُم، حين كان الناس حتى في الجاهلية يكفون فيها عن الاقتتال والغزوات. وهل أصبح quot;المجاهدونquot; يبيحون اليوم دم الأبرياء في الاشهر الحُرُم وفي رمضان شهر الصيام والانابة الى الله بالصوم والصلاة واطعام المساكين والأرامل وذوي القربى وفك الأسرى؟ وإني لاتعجب وأتساءل: هل بقي من أطفال العراق طفل يتمتع بحنان الوالدين، أم جميعهم أصبحوا quot;حاشا اللهquot; أيتاما لأمهات أرامل؟ سألني وكيف الحلّ، قلت، هذ أمر من شأن الحكومة العراقية، وهناك المئات من العراقيين في الداخل والخارج من الأساتذة والجاميعيين والسياسيين المحنكين، فهم أولى مني باسداء النصائح للحكومة التي يجب أن تشكل بسرعة لتأخذ بيدها زمام الأمور، وتفتح ابواب العراق لمثقفيه الذين فروا منها خوفا على حياتهم وعائلاتهم، وعليها عرض الوظائف المناسبة لتخصصهم العلمي والعملي لحثهم على العودة وتكريس علومهم وخبرتهم للنهوض بالعراق. وقد حدثني العديد منهم عن تخوفهم من العودة لغموض الاوضاع فيه.
ومن المنافي البعيدة يكتب إلي ويهاتفني بعض الإخوة العراقيين، يتحدثون عن شوقهم الى العراق وغربتهم الباردة الثلجية في الديار الغريبة، يتحدثون عن مدى حنينهم. كانت مكالماتهم الهاتفية ورسائلهم الالكترونية تترى كأنها تقاسيم على مقامات عراقية حزينة، فيها تضمينات منها:
- quot;آه يا عراق! كم اشتاق الى سماع مقام من مقاماتك هنا في المنفى البعيد، هذه المقامات التي تجعل الأموات تهتز عظامهم طربا وحنينا اليك، يا عراق.
- سألت اقربائي في العراق: أما زال قمر العراق quot;يلمع فوك النخل فوكquot;؟ أم رقش الرصاص صفحات خده الأسيل؟quot;
- آه يا بغداد شبابي، والله لو لم يقتلني حنيني اليك، بعد طول الانتظار، لكنتُ، قسما بسمائك ولياليك، quot;موت الله ما أموت!quot;
- quot;وإذا ما فرق بيني وبين احبابي في العراق صفائح القبر، فضع على صدري يمناك حيث قلبي لترى، هل ما زال حبك ينبض فيه!quot;
آلمني ما قرأت وسمعت عن حنين العراقيين في مهاجرهم، والعراق في اشد الحاجة اليهم، نتمنى للعراق الاستقرار والأمن والطمأنينة وللمهاجرين سلامة العودة اليه، فالعراق ينتظر عودتهم لبنائه من جديد، عراقا حرا مستقلا موحدا.
حقق الله الآمال بعودتهم سالمين.
التعليقات