ارى ان افضل ما في مصر هم مفكريها الليبراليين الذين يرفعون الوطن فوق أي اعتبارات اخري والذين يرفعون حلم المواطنة فوق نشوة الانتماء الديني الحالية ويرفعون شعار المساواة في مجتمع متطرف يري ظلم الاقليات والمختلف هو العدل بعينه. وعلي فكر ليبرالي مصر الشرفاء تعلمنا الكثير لانهم ايقونة مصر الجميلة المتسامحة والنابعة من اصلها. ولهذا صدمت من الحملة الكبيرة من بعض ليبرالي مصر ضد الاقباط بعد رد القيادة الكنسية بعدم تنفيذ حكم القضاء الاداري بزواج المطلق، وايضاً بعد تظاهر الاقباط الاخير بالكاتدرائية بسبب اختفاء زوجة احد الكهنة. ونحن نعلم جيداُ الخلاف بين الليبراليين وبين الاقباط والذي بدأ تحديدأ بعد المبايعة من القيادة الكنسية لجمال مبارك وكان رأئ الليبراليين حينئذ كيف ندافع عن الأقباط من نظام مبارك والذي ينسب له هؤلاء الأقباط سواء في العلن او في السر كل ما يحدث لهم في الثلاثة عقود الاخيرة، ثم يندفع قيادات الأقباط لتأييد نجل هذا الرئيس والذي بالتاكيد سيبقي علي نفس الوجوه التي تضطهدهم بل وسيبقي علي نفس طريقة النظام الحالي والتي تقوم علي التجاهل التام لمعاناة الاقباط. وربما تفهم الكثيرين موقف الليبراليين من هذه التصريحات حينئذ واعتقد انه حدث تراجع عن هذه التصريحات من قبل القيادة الكنسية.
لكن ما لا يمكن تفهمه منهم هو الحملة الحالية التي نالت من الكنيسة والاقباط علي ايدي هؤلاء الليبراليين متجاهلين أن الاعتراض علي حكم المحكمة هو حق اصيل لاي فرد او جماعة. وخاصة وانه حكم قضائي غريب تتدخل فيه الدولة بالدين وهو laquo;جرمraquo; مثله مثل دخول الدين بالدولة. وإذا كان الليبراليون يرون ان العلمانية هي الحل فأن جميع الدول العلمانية لا تستطيع التدخل في المؤسسة الدينية وطقوسها وعقيدتها علي الاطلاق، فهذا التدخل يصب لصالح الدولة الدينية وليس العكس فالعبث بالاديان وخصوصيتها سيخلق تطرف ديني مضاد ويتحول الامر الي صراع غير متكافئ بين الدين والدولة هو امر يعلي شأن الدولة الدينية ولن يصب في صالح الدولة المدنية. وفي حادثة اختفاء زوجة الاب الكاهن وتظاهر الاقباط بالكاتدرائية وهو التظاهر في الذي اثار الكثير من الليبراليين حتي ممن كانوا يدافعون عن الاقباط ولا نعلم لماذا فالليبراليون دائماً ما ينتقدون سلبية الشعب المصري وانه لا يصرخ عند وقوع الظلم عليه حينما تنتقص حقوقه ولهذا أليس تظاهر الاقباط هو امراً محموداً وهو تعبير حضاري محترم عن الالم الذي يشعرون به. ويخطئ من يظن ان القبطي الذي ركب الاتوبيس لمئات الكيلومترات من صعيد مصر الي الكاتدرائية بالقاهرة ذهب فقط للتظاهر لأجل عودة زوجة الاب الكاهن فهذا ليس صحيح، فاللافتات كان بها تنويه لكل مشاكل الاقباط ومعاناتهم فقد كان اختفاء laquo;تاسوني كاملياraquo; هي القشة التي قسمت ظهر البعير فجاء هذا الاختفاء ليفتح جراح الاقباط من خطف القاصرات الي التغرير بالبالغات، الي منع وجودهم في مناصب عليا بالدولة الي حرق ونهب ممتلكات الاقباط ثم اجبارهم علي صلح حتي يتم افلات الجاني، الي انتهاك عقائدهم في كل وسائل الاعلام المسموعة والمقروءة والمرئية الي اختفاء القانون كلية في اي شئ يكون الاقباط فيه مجنياً عليهم. فلماذا الغضب من التظاهر والتعبير عن الغضب أليس هذا الامر يتفق مع الفكر الليبرالي وهذا ما كان الليبراليين يدفعوننا اليه.
ثانياً: أنتقد البعض منهم تظاهرات الاقباط لانها تمت داخل الكنيسة وليست في الشارع او امام مؤسسات الدولة مثل مجلس الشعب او الشوري او غيرهم، وحقيقة لا اعلم كيف نقنع الاقباط بالأمان في الشارع المصري، فالقبطي الذي لا يأمن علي نفسة داخل داره أو عملة او متجره. فالمتطرفين والدولة يستهدفونه فمن يحميه منهم خارج اسوار الكنيسة وأعتقد ان غياب الشعور بالامان لأقلية من متطرفي اغلبية، هو شئ يجب التوقف عنده ورصده وايجاد حلول له من معتدلي الاغلبية وليس بالهجوم علي تلك الاقلية.
ثالثاً: أنتقد بعض الليبراليين مظاهرات الاقباط الاخيرة باعتبار ان التظاهر داخل الكاتدرائية يرسخ الطائفية وهنا التساؤل لماذا لم ينتفض هؤلاء الليبراليين عندما كان المسلمون يتظاهرون داخل اسوار جامع الأزهر والعديد من مساجد مصر لسنوات طوال وهذه التظاهرات التي حولت قضية قومية مثل فلسطين الي قضية دينية فلماذا لم نسمع صوتكم دام فضلكم.
رابعاً: انتقد بعض الليبراليين الأقباط لأنهم اعتبروا غياب زوجة الكاهن اختطاف بينما زعموا هم انه laquo;اختفاءraquo; ونسي هؤلاء الليبراليون ان القبطي دائماً سينظر الي laquo;اختفاءraquo; أي قبطية باعتباره laquo;اختطافraquo; طالما هناك مؤسسات بالدولة لا تلتزم بدورها الحيادي بل وتشارك فعلياً في الأسلمة فألغت جلسات النصح والارشاد حتي يتم الانفراد بالفريسة وطالما الامن يترك خاطفي القاصرات حتي تصل القاصر الي البلوغ وتتظاهر بعدم المعرفة وهم علي دراية بالامر كما حدث مع الطفلتين الشهيرتين ماريان وكريستين. وطالما وببجاحة جعلت الدولة القانون الاجراء الوحيد بالشهر العقاري المجاني وربما الاجراء الحكومي الوحيد المجاني في مصر هو quot;اجراء إشهار الأسلمةquot;.
ليبرالي مصر....نقدر دوركم المحترم والجاد بوطن لكل المصريين، نقدر وقوفكم مع الاقباط في محنتهم وقضيتهم باعتبارهم جزء من هذا الوطن بل وأصله وهو الذي يجلب لكم المشكلات مع المتطرفين وما اكثرهم من الشعب والنظام. ولكن رفقأ بهم فإن ما يفعله الأقباط الأن من تظاهر هو الحد الادني من الاعتراض علي إبادة ناعمه لشعب علي مدي قرون وهو الحد الادني من الاعتراض علي ظلم بين واستهداف اغلبية لأقلية مسالمة ونظام يراهم لعبة في يده ومعارضة سياسية لا تتفق مع النظام الحاكم الا عندما يتعلق الامر باذلالهم.
التعليقات