مرض انفصام الشخصية هو احد اصعب الامراض النفسية دون شك. الآن نحن امام مرض من نوع آخرلا يقل خطورة عن الانفصام يدعى مرض quot;الانفصالquot; وهو مرض سياسي عصري ينتشر بين quot;القومجية والثورجيةquot; ممن يدعون العروبة دجلاً.

الجديد في تطورات هذا المرض هو انتقاله الى البعض من رجال الدين. من اولى الاعراض المرضية كانت الفتوى التي اعطاها سبعون من رجال الدين والتي تحرم على المسلمين في جنوب السودان للإدلاء باصواتهم لصالح quot;الانفصالquot;.

كل القومجية هم ضد كلمة quot;الانفصالquot;مهما كانت الاسباب او النتائج. كان من الأولى بهم تقديم فتوى تحرم فيها جواز حكم الرؤوساء الدكتاتوريين الانقلابيين على حكم السودان والذين كانوا وراء كل المصائب والكوارث التي أنهكت المسيحيين وأيضاً المسلمين في شمال وجنوب السودان. لو تسنى للمسلمين في الشمال الفرصة لاختاروا ايضاً الانفصال والالتحاق بالجنوب المسيحي للتخلص من ربقة النظام التسلطي في الخرطوم.

ألم يقف هؤلاء مع تسلط العسكرالتركي ضد الشعب الكردي المسلم في تركيا ولمدة 90 عاماً؟ أم أن هدر دم المسلم بيد المسلم حلال؟.

حبذا لو دخل هؤلاء quot;العلماءquot; المعركة السياسية دون لف ودوران بعيداً عن التجني على الاسلام واستعماله مطية لرغباتهم ومصالحهم الآنية ليستحقوا لقب quot;وعاظ السلاطينquot;.

أول من أصيب بمرض quot;الانفصالquot; كان البعث السوري صاحب quot;الوحدة والرسالة الخالدةquot; بزعامة المرحوم محمد عفلق (الفاتحة) وذلك عند اكتشاف هذا المرض في ستينات القرن الماضي.

في تلك الحقبة انفصلت سوريا عن مصر. البعث في عهد الانفصال لم يترك في قاموس الشتائم أي صفة او كلمة نابية إلا وألصقها برجالات الحكم حينها, ولكن عند استلامه للسلطة بعد انقلاب عام 1963 كرس البعث الانفصال بكل قوة حتى يومنا هذا وتم تصحيح شعار quot;الوحدة العربيةquot; بعد حركة حافظ الاسد التصحيحية الى وحدة quot;عربية اعجميةquot; أي وحدة سورية ايرانية فعلية على ارض الواقع.

ضربة الحظ وصلت على طبق من ذهب الى quot;كروشquot; القومجية الذين كانوا قد اصيبوا بالترهل والاهمال. منذ الآن بدأ هؤلاء يطلقون نداءات الاستغاثة لعقد المؤتمرات quot;القوميةquot; العاجلة على quot;الموائدquot; الدسمة في فنادق خمس نجوم لتدارس الوضع الخطيربعد quot;انفصال الجنوبquot; لا سيما خطرالمجاعة في الشمال والذي يحتاج الى quot;مناضلينquot; في شؤون الطبخ والخطب. سوف نجد العديد من هذه الروح الوحدوية حول quot;الموائد المصيرية المشتركةquot; في المستقبل.

النظام السوري هو على استعداد لخسارة الجولان والتبرع بلواء اسكندرون ولكن لا يقبل مطلقاً كلمةquot; الانفصالquot; الحقيرة.

استمرار بعض رجال الدين بإعطاء الفتاوى السياسية سوف يشكل خطراً على مستقبل بلدهم السياسي حيث أنهم لن يتوانون عن الفتوى لصالح شخصquot;انقلابيquot; في المستقبل إنطلاقاً من الفهم الخاطئ لهيئة علماء المسلمين لمبدأ quot;السن بالسن والعين بالعينquot; وذلك عندما اراد سعادة الامير أن يمدد فترة النقاهة السياسية للاميرالوالد سابقاً.

د. بنكي حاجو
طبيب كردي سوري