1950-1970**

بدأ الوعي السياسي الحديث في قطر مع بداية عصر النفط فيها، عندما تحولت ألإدارة التقليدية إلى نمط من الإدارة الحديث، بعد تصدير النفط عام 1949 وتغيير الحاكم وتعيين مستشاراً بريطانياً على رأس الإدارة العامة.

انشأ المستشار إدارات حكومية ووضع ميزانية عامة للدولة (1). وقد صاحب هذه الفترة بروز مطالبات أهلية متفرقة بالمشاركة بشكل عام، وفي نصيب من دخل النفط و حسن استخدام عائداته بشكل خاص. وذلك بعد أن تم تخصيص ربعه للحاكم قبل دخول عائدات النفط إلى خزينة الحكومة، كما خصص لإسرة الحاكم استجابة لمطالباتهم، رواتب شهرية ومخصصات عالية من ميزانية الدولة ناهزت ربع عائدات النفط أيضا.

وفي ضوء ذلك كان لقبائل وعائلات قطرية مطالبات بالمشاركة و في نصيب من دخل النفط، لم تسفر عن أكثر من رواتب متواضعة لبعض الشخصيات والعائلات ومخصصات سنوية تتراوح بين 500-1000 ربيه لكل إفراد القبائل والعائلات القطرية، سميت quot;جواعد أو قواعدquot; سنوية، وانشأ لها ديوان خاص وحسابات منتظمة لا تزال قائمة بالرغم من استنكاف الأغلبية العظمى من أهل قطر أخذها.

وقد عبر شعراء مثل سلطان العلي وسعيد البديد وحسن نعمه (أيام زمان) وغيرهم، إضافة إلى العرائض والمناشدات التي قدمت للحاكم، عن تذمر أهل قطر ومطالبتهم بالعدل والمشاركة.

ولعل تناولي في رسالة الدكتوراه عام 1974موضوع تخصيص عائدات انفط وانعكاساتها على التنمية كان ضمن البحث عن حقيقة ماحصل لعائدات النفط وكيف تم تخصيصها. وقد بينت الرسالة أن ما خصص للحاكم وأسرته من عائدات الدولة من النفط حتى عام 1970،،بلغ 64،7% في قطر، و42،7 في أبوظبي، و42% في البحرين، و5،5 في الكويت (2)

**هذه مقالة اولى من ثلاث مقالات كانت في الأصل أجزاء من بحث قبل للنشر في مجلة المستقبل العربي.

وجدير بالذكر أن معظم أهل قطر منذ عام 1946 قد توجهوا للعمل في شركة نفط قطر وفي الحكومة وكونوا منذ عام 1950طبقة عاملة لها مطالبات نقابية ووطنية موحدة. كما توجه اهتمام الفئات الأكثر وعياً من أهل قطر والعاملين في شركات النفط إلى المطالبة بالمشاركة في الشأن العام، وذلك في ضوء حالة من تفاعل الرأي العام القطري مع الدعوات القومية التي انطلقت في أرجاء الوطن العربي وكانت مصر وسوريا مركزها(3).

وفي هذه الفترة ظهرت لجان العمال في دخان وأم سعيد ورأس أبو عبود وكانت هناك مطالبة بلجنة تمثل العاملين في الحكومة. كما سبق ذلك حولي عام 1955 تأسيس الجمعية الإسلامية التي منعتها الحكومة من النشاط بحجة حصول القائمين عليها على مساعدات من حاكم البحرين، بلغت عشرين إلف ربية حسب رواية جاسم جمال. واستمر تأثير هذه الجمعية عبر شخصيات منهم عبدالله حسين نعمة(مكتبة العروبة ومكتبة التلميذ) وعبدالله خليفة المطاوعة واحمد بن ناصر عبيدان. كما ظهرت أيضاً تجمعات وشخصيات أخرى من مختلف القبائل و العائلات القطرية بما فيهم افراد من آل ثاني من الحمد والأحمد خاصة.

والتحق طلاب قطر في الداخل والخارج بتيار المطالبة إلى جانب العمال والوجهاء. وقد تجسد ذلك الشعور الوطني والقومي في مظاهرات 1956 أثناء العدوان الثلاثي على مصر وفي جهود مساندة ثورة الجزائر، وتجلى في حركة 1963 وماسبقها وصاحبها من إضرابات العمال وتجمعاتهم الجماهيرية.

وكان حمد العطية وأخرون قد قد أنشؤامنظمة التكسي التي ضمت مالكي سيارات النقل والاجرة وكلهم قطريون، من اجل حماية مصالحم في مواجهت كبار التجار والمقاولين الذين بداو يحتكرون نشاطات النقل. وكان مدير المكتب هو الصديق أحمد خليفه السويدي وزير خارجية الامارات لاحقا.

وفي عام 1959 أسس نادي الطليعة وزاول نشاطا ثقافيا استقطب الجمهور القطري بما طرحه من نقد من خلال مسرحه ومجلته الشهرية حتى أغلق وزج ببعض أعضاءه في السجن وحظر انتساب أعضاءه إلى الأندية منذ عام 1961.

وتلا ذلك نادي الجزيرة الاجتماعي الذي استقطب عدد من الطلاب إلى جانب العاملين في شركات النفط، وكذلك أسست فرقة الأضواء بقيادة عبد العزيز ناصر وعبد الرحمن المناعي.

وفي هذه الفترة أيضا نشأت امتدادات للأحزاب والحركات القومية في قطر وانتشرت بين الطلاب والعمال وبعض أبناء التجار، كما قامت تنظيمات وطنية أخرى بين العمال خاصة.

وفي ضوء هذا الحراك المتنوع الذي برز في خمسينيات القرن العشرين، كانت مسألة المشاركة في إدارة الشأن العام مطروحة، وقد استجابت الحكومة برأست المستشار الانجليزي لتلك المطالب بفكرة إنشاء مجلس بلدي ينتخب ثلثي أعضاءها وفق وثيقة أطلق عليها دستور مجلس بلدية الدوحة. وهذا الدستور الذي يقر بحق أهل قطر في انتخاب ثلثي أعضاء مجلس بلدي مكون من 24 عضو هو أول استجابة لمطالب المشاركة في الشأن العام بشكل حداثي وخارج الأطر التقليدية. ولكن هذا المجلس الذي كان من المفترض انتخاب ثلثي أعضائه لم يرى النور ولم يجري انتخابه، وإنما عين أعضاءه من قبل الحاكم. كما أنشئت سكرتارية له يذكر من العاملين فيها عبدالرحمن بوحميد وعبدالله خليفه المطاوعه وعلي السعد، وبذلك أزيح دستور مجلس بلدية الدوحة دون إلغاءه، وعطلت المواد الخاصة بانتخاب ثلثي أعضاءه.

واستمرت حكومة قطر من عام 1957-1960 تتجنب الاقتراب من تلبية الطلب الشعبي بالمشاركة في الشأن العام والدعوة للاستفادة من عائدات النفط في التنمية وإعادة توزيعها بشكل عادل من خلال تقديم خدمات ورعاية اجتماعية أسوة بالكويت.

وبالرغم من قوة المطالبة الشعبية بالعدل والمساواة والمشاركة بشكل عام، فان الاصلاح الاداري الذي شهدته حكومة قطر اعتبارا من 1962 على اثر تفاهمات 1960 و انتقال الحكم للشيخ أحمد بن علي وتولي الشيخ خليفه بن حمد ولاية العهد ورأسة مجلس الوزراء ووزير المالية، لم تطرح فكرة المشاركة على مستوى مجلس بلدي أو مستوى أعلي منه حتى تاريخ تقديم عريضة الحركة الوطنية ذات المطالب الاجتماعية والسياسية الشاملة، في مارس عام 1963 والتي ترتب عليها اعتقال العشرات من أهل قطر وإبعاد بعضهم من البلاد.

وعندما تمت الاعتقالات وأجهضت الحركة العمالية خاصة والحركة الوطنية عامة، أصدر حاكم قطر بيان إيضاحي لمنهاج العمل الشامل لتقدم البلاد، نشر في الجريدة الرسمية في 3/6/1963(3).

وفي هذا البيان الإيضاحي والذي يعتبر بمثابة إعلان دستوري، نجد حكومة قطر تستجيب بشكل غير مباشر لأغلب المطالب التي اعتقل وابعد من اجلها عدد من أهل قطر الممثلين والمتعاطفين مع الحركة الوطنية والعمالية. ومن بين تلك الاستجابات ما ورد في ختام البيان حول صدور المرسوم رقم ( 4 ) لسنة 1963 الذي ينظم انتخاب وتعيين أعضاء مجلس بلدي. ويعد البيان الإيضاحي أيضا بإنشاء مجلس استشاري أعلى يمثل أهل الرأي في البلاد.

ومما يؤسف له حقاً أن المجلس البلدي هذا أيضا، لم ينتخب بالرغم من تحديد الدوائر ألانتخابية ومواعيد انتخابات متكررة، أجل منها الواحد تلو الآخر. وكذلك فان مجلس الشورى الذي أعلن بعد عدة سنوات أصبح مجلس لإسرة الحاكم، ومع ذلك فانه لم يفعل (4). فربما لوتم انتخاب تلك المجالس أو مجلس 1955، لكانت بشائر للمشاركة السياسية التي نطالب بها اليوم.

وفي ختام هذه المقال الذي اظهر حراكا وطنيا في قطر يجهله البعض، اذكر أن سكان قطر في أخر الفترة المدروسة عام 1970 كان 111 ألف نسمه فقط، المواطنون منهم 42% (حوالي 47 الف نسمه) من السكان و20% من قوة العمل، أما المقيمون العرب فقد كانوا يناهزون نصف المقيمين(5).

الدوحه 24-12-2010

ألملاحظات

1-علي خليفه الكواري، تنمية للضياع أم ضياع لفرص التنمية، مركز دراسات الوحدة العربية،بيروت،1996، ص 159-170

2- علي خليفه الكواري،quot;النفط وعائداته:خيار بين الاستهلاك والاستثمارquot; في: هموم النفط وقضايا التنمية في الخليج العربي، كاظمة،الكويت 1985. ص162.

3- علي خليفه الكواري، تنمية للضياع أم ضياع لفرص التنمية، مركز دراسات الوحدة العربية،بيروت،1996، ص 209-228.

4-إدارة الشئون القانونية، مجموعة قوانين قطر حتى 1966، د.ت، ص 614-619.

5-المصدر السابق ص 561-567ز قانون رقم (6)لسنة1964 بإنشاء مجلس الشورى ومرسوم بتعيين أعضاء مجلس الشورى.

6-علي الكواري، نحو فهم أفضل لأسباب الخلل السكاني،مجلة دراسات الخليج والجزيرة العربية،جامعة الكويت، الكويت 1983.ص 12.

الدكتور علي خليفه الكواري


عقدة الانتخابات

قرأه تاريخية لمراحل النظام الأساسي في قطر1970-2005**

الدكتور علي خليفه الكواري

في إطار حاجتنا الوطنية لفهم الممارسات الدستورية في قطر ومستقبلها، يحسن بنا أن نقدم قراه لمرحلة النظام الأساسي المؤقت لعام 1970 والنظام الأساسي المؤقت المعدل لعام 1972، لعل هذا يفسر لنا أسباب أرجاء تطبيق فصل السلطة التشريعية في دستور قطر الدائم لعام 2005، حتى وقتنا الحاضر.

أولا: مرحلة النظام الأساسي المؤقت لعام 1970

صدر النظام الأساسي المؤقت بتاريخ 2/4/1970 قبل إعلان الاستقلال بستة أشهر في سبتمبر أيلول 1970. وهذا النظام الأساسي جاء استجابة لمتطلبات الاستقلال ورغبة بريطانيا أن تنهي حمايتها، بإعطاء صورة حداثية للدولة التي قامت على حمايتها ونظام الحكم الذي خلفته بعدها. كما عكس وعبر النظام الأساسي المؤقت لعام 1970، عن رغبة الحاكم وولي العهد، في تثبيت التفاهمات التي تمت بين بريطانيا و الحاكم وولي العهد عام 1960وتم بموجبها اقتسام السلطة بينهما.

نص النظام الأساسي المؤقت لعام 1970 في مادته الأولى على أن quot;قطر دولة عربية مستقلة ذات سيادة.... دينها الإسلام والشريعة الإسلامية مصدر رئيس لتشريعها، ونظامها ديمقراطي، ولغتها الرسمية هي اللغة العربية. وشعب قطر جزء من الأمة العربيةquot;. ونصت الفقرة (حـ) من المادة (5) على أن quot; توجه الدولة عنايتها في كل المجالات لإرساء الأسس الصالحة لترسيخ دعائم الديمقراطية الصحيحة....quot; وتؤكد الفقرة (جـ) من المادة (8) على أن quot;هدف التعليم هو إنشاء شعب قوي الجسم والتفكير والشخصية، مؤمن بالله، محلى بالأخلاق الفاضلة، معتز بالتراث العربي الإسلامي، مجهز بالمعرفة، مدرك لواجباته وحريص على حقوقه.quot;

هذه بعض المواد التي تقرب نظام الحكم في قطر من نظام الحكم الديمقراطي وتؤكد مع غيرها من المواد في الباب الأول ( نظام الحكم ) والباب الثاني ( المبادئ الجوهرية لسياسة الدولة ) والباب الثالث ( الحقوق والواجبات ) على بعض من مفردات نظام الحكم الديمقراطي من حيث النص، دون أن يحدث انتقال حقيقي من نظام حكم الفرد أو القلة إلى نظام حكم ديمقراطي كما تؤكد بقية المواد.

**هذا مقال ثاني من ثلاث مقالات كانت في الأصل أجزاء من بحث قبل للنشر في مجلة المستقبل العربي.


فإذا انتقلنا إلى الباب الرابع ( السلطات ) نجد المادة (17) تقول quot; يصدر الحاكم القوانين بناءاً على اقتراح مجلس الوزراء، وبعد اخذ مشورة مجلس الشورى على الوجه المبين في هذا النظام. كما تنص المادة (18) على أن quot;السلطة التنفيذية يتولاها الحاكم بمعاونة مجلس الوزراء على النحو المبين في النظام الأساسيquot;. وبذلك نجد أن السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية موكلة للحاكم ومجلس الوزراء، وليس لمجلس الشورى سوى إبداء المشورة غير الملزمة. ويتضح ذلك من الاختصاصات الموكلة للحاكم ونائب الحاكم ومجلس الوزراء والتي تعبر عن اقتسام السلطة بينهما دون وجود سلطة تشريعية مستقلة عن السلطة التنفيذية، وهنا نجد سلطة مطلقة للحاكم يتقاسمها مع ولي العهد نائب الحاكم.

كما أن النظام الأساسي يوكل للحاكم اختيار عضوين من كل أربعة أعضاء تنتخبهم كل دائرة من الدوائر العشر لعضوية مجلس الشورى.

وجدير بالذكر إن مجلس الشورى هذا لم ينتخب ولم يعين طوال السنتان التي استمر بهما العمل بالنظام الأساسي المؤقت لعام 1970.

وفي الباب الخامس ( أحكام عامة ) تقول المادة (74) quot;يجوز للحاكم تنقيح هذا النظام الأساسي بالتعديل أو الحذف أو الإضافة إذا رأى أن مصالح الدولة العليا تتطلب مثل هذا التنقيحquot;.

وبذلك يتأكد أن النظام الأساسي المؤقت خاضع لإرادة الحاكم ولا يقر بمبداء quot;الشعب مصدر السلطاتquot; ولا الفصل بين السلطات، برغم ما نصت عليه المادة (1) بأن quot;نظام الحكم ديمقراطيquot;.

ثانيا: مرحلة النظام الأساسي المؤقت المعدل لعام 1972

لا يختلف النظام الأساسي المؤقت المعدل لعام 1972 من حيث الواقع عن النظام الأساسي المؤقت لعام 1970. والتعديل الذي جرى يتمثل في حذف المادتين (21) و (26) التين كانتا تعبران عن تفاهمات 1960 واقتسام السلطة بين الأمير وولي العهد نائب الحاكم. إضافة إلى النص على تولي الأمير رئاسة مجلس الوزراء مباشرة، حيث تغير لقب الحاكم إلى الأمير في النظام الأساسي المؤقت المعدل وأصبح يتولى رأست مجلس الوزراء أيضا، وبذلك تتركز كافة السلطات في يد الأمير رئيس مجلس الوزراء، وتضيق مساحة اتخاذ القرار ويصبح القرار العام قراراً فرديا بامتياز. الأمر الذي أدى إلى إجراء تعديلات متتالية في النظام منذ السنة الأولى وفي كثير من الأحوال عطلت مواد دون الالتفات إلى ضرورة تعديلها رسمياً. ومما يؤسف له أن أهم ما جاء في النظام المعدل، من إقرار مبدأ انتخابات عامة سرية مباشرة، هي نفسها التي استهدفتها التعديلات في عامي 1973 و 1975

وجدير بالتنبيه أن هذه التعديلات التي نصت على الانتخابات في النظام الأساسي المؤقت المعدل لعام 1972، قد تم التأكيد عليها في ديباجته بالنص التالي: quot;فقد شمل التعديل الإحكام المنظمة لتشكيل مجلس الشورى، فقضي بان يشكل هذا المجلس لأول مرة من عشرين عضواً يصدر بتعينهم أمر أميري مع جواز أن يعين الأمير عدداً آخر من الأعضاء لا يتجاوز أربعة إذا رأى أن الصالح العام يقتضي ذلك، وعلى أن تبقى اختصاصات هذا المجلس على ما كانت عليه وان تكون مدته سنة واحدة أصلاً. كما قضي بذات الوقت بإنشاء مجلس شورى جديد عند انتهاء مدة مجلس الشورى الأول، مع مراعاة أن يتم تشكيله بالانتخاب العام السري المباشر وفقاً للقواعد التي يصدر بها قانون خاص ينظم ذلك الانتخاب العام وان يصدر هذا القانون خلال ثلاثين يوما من تاريخ انتهاء المدة المذكورة وان تتم إجراءات الانتخابات خلال ثلاثين يوماً من صدور القانون المشار إليه.quot;

ومما يؤسف له حقا في تاريخ قطر الدستوري، هو تعديل المادة (45) بقرار أمير دولة قطر رقم (1) لسنة 1973 وبقراره رقم (7) لسنة 1975، بما يجيز استمرار مجلس الشورى المؤقت لمدة تتعدى العام الذي وعد به النظام الأساسي المؤقت المعدل، فأصبح نص المادة (45) quot;مدة مجلس الشورى سنة ميلادية تبدأ من تاريخ أول اجتماع له.quot; وأضيف إليهاquot; ويجوز مد هذه المدة إذا اقتضت المصلحة العامة ذلكquot;. وعلى ما يبدو إن المصلحة العامة من وجهة نظر السلطة قد اقتضت مد السنة الواحدة الاستثنائية للعمل بمجلس شورى معين مدة تزيد على ربع قرن من الزمن.

ومن المفيد في ختام هذه المقالة أن نقف عند ظروف تعديل النظام الأساسي المؤقت، فقد جاءت التعديلات بعد إزاحة الحاكم السابق وتولي نائب الحاكم ولي العهد رئيس مجلس الوزراء للسلطة، وقد كان لهذا الظرف دوافعه للإعلان عن توجهات يرضى عنها الشعب ويستحسنها الرأي العام العربي. ومن هذه التوجهات انتخاب مجلس شورى بالاقتراع العام السري المباشر، بعد إن كان الوعد بانتخاب هذا المجلس وفقا للنظام الأساسي المؤقت لعام 1970، يعطي الحاكم حق اختيار مرشحين فائزين من كل أربعة تنتخبهم الدائرة الواحدة من الدوائر الانتخابية العشر. ولذلك فان النظام المعدل لعام 1972 الغي ما وعد به النظام المؤقت لعام 1970 وجاء بمبداء الانتخاب السري المباشر واعتبر التعيين لمدة عام واحد استثناء. ولكنه تخلى عن وعده الصريح والمحدد المواعيد بإجراء اقتراع عام سري لأعضاء مجلس الشورى، فثبت بذلك مبدأ تعيين أعضاء مجلس الشورى المعمول به حتى الوقت الحاضر.

كما يلاحظ أيضا على ديباجة النظام المعدل علو نقمته الوطنية والقومية وتأكيده على أن تكون الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيس لتشريعها. بعد أن كان النص في النظام المؤقت quot; الشريعة الإسلامية مصدر رئيس لتشريعهاquot; المادة (1) في كلا النظامين.

وكذلك نلاحظ تأكيد ديباجة النظام المعدل لعام 1972 على البعد العربي والعلاقات العربية حيث يربط توجه قطر للنهوض بنفسها بما quot; يؤهلها للقيام بدورها الأكمل في التضامن مع الدول العربية الشقيقة تضامناً فعالاً نافعاً لبلوغ ما ننشده من عزة ورفعة ومنفعة لامتنا العربية الخالدة وسلام وامن العالم أجمعquot;.