منذ سنوات وحزب العمال الكردستاني PKK ينتقل من هدنة إلى هدنة أو وقف لإطلاق النار من جانب واحد في سلسلة من الحلقات متصلة بحيث غدا أشبه ما يكون بمنظمات أنصار السلام وغيرها من منظمات المجتمع المدني ذات الصلة بحقوق الانسان والسلم. وتكاد المطاليب التي يتقدم بها لا تتجاوز الحقوق المدنية التي استشهد من أجلها quot;مارتن لوثر كينكquot;.

بالمقابل نجد الحكومة التركية الحالية ذات التوجه الإسلامي لا تختلف في شيء عن الحكومات العلمانية التركية السابقة لها من حيث تجاهلها لغصن الزيتون الذي يرفعه حزب العمال الكردستاني والآية القرأنية الكريمة quot;وإن جنحوا للسلم فاجنح لهاquot; والاستمرار في الحرب على الكرد التي تطال بين حين وحين كرد العراق أيضاً وتتهم الحزب هذا بالإنفصال والذي لا ترتقي مطاليبه حتى إلى الصيغ المتواضعة كالحكم الذاتي والفيدرالية.

وهكذا يتميز الصراع الدائرة بينهما، بهدنة متواصلة من حزب العمال الكردستاني مقابل معارك متصلة للحكومة التركية، وسط تجاهل المجتمع الدولي والقوة الأعظم الولايات المتحدة الأمريكية لمعاناة كرد شمال كردستان والمتغيرات الايجابية في سياسية حزب العمال الكردستاني من غير أن يسجل ولو حادث واحد لافت مصنف على الإرهاب على مقاتليه. بعد أن كانوا يوصمونه به لفترة سيما من عقد التسعينات، مع كثير من المبالغة والتهويل فوضعه من قبل واشنطن على لائحة الإرهاب. من غير الإشارة لا من بعيد أو قريب إلى إرهاب الدولة التركية المكمل لإرهاب الامبراطورية العثمانية. ربما يكون هنالك أفراد في حزب العمال الكردستاني مارسوا الإرهاب إما عن جهل أو عن قصد أو يكونوا مندسين فيه من جانب الحكومة التركية لتشويه صورته والنيل منها، ولكن، بالله عليكم، هل خلت ثورة في العالم أو حركة ما قديماً وحديثاً من سلوكيات شاذة مدانة؟

وهل هناك حكومة في العالم، إلا ما ندر، لم تمارس الإرهاب وبدرجات متفاوتة؟. وفي ثورات الشعوب. فان السلوكيات الشاذة مهما استفحلت فليس بمستطاعها نفي العدالة والحق عن قضايا الشعوب العادلة قومية كانت أم طبقية ودينية. ترى هل أثر مقتل رياضيين اسرائيليين على يد مقاتلي فتح في القرن الماضي على عدالة القضية الفلسطينية؟. أولم يرتكب ثوار ماو تسي تونغ الآلاف من العمليات الإرهابية أثناء الثورة الصينية وحتى بعد انتصارها؟.

ألم يقتل البلاشفة أفراد الأسرة القيصرية بأمر من لينين والذي أمر أيضاً بإطلاق النار على تظاهرة سلمية، تسبب مقتل متظاهرين فيها في اندلاع الحرب الأهلية في روسيا. أولم يكن هو القائل:quot;احبسوا المشكوك فيهم في محتشدات خارج المدن وانشروا الرعب في أوساطهم دون رحمة أو شفقةquot;؟ أولم يقتل عبد الكريم قاسم أفراد العائلة المالكة العراقية بأبشع طريقة؟. أولم يكن quot;تشرشلquot; الديمقراطي وquot;المتحضر المتمدنquot; يعرب عن سعادته بتدميره لقرى الأفغان وحرق محاصيلهم الزراعية ومنادياً باستخدام الغازات السامة ضد من سماهم بغير المتمدنين؟quot; بل وباعترافه قتله وبيديه لعدد من السودانيين؟. ولنذهب أبعد إلى صدر الاسلام، وما فعل خالد بن الوليد ببني حذيمة عندما نفذ بحقهم مجزرة حتى بعد إعتناقهم للإسلام. لسبب بسيط وهو أنهم بدل أن يقولوا quot;اسلمناquot; قالوا: quot;صبأناquot; التي كانت تعني quot;أسلمناquot; فقتل حشداً منهم لأنه لم يعرف معنى الكلمة. ولما علم الرسول quot;صquot; بفعله قال مرتين: quot;اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالدquot; ألم تسمعوا بالقائد الإسلامي quot;محلم بن صعبquot; الذي قتل رجلاً مدفوعاً بعداوة شخصية معه حتى بعد اعتناق الرجل الاسلام. ما أغضب الرسول quot;صquot; الذي قال ثلاث مرات: quot;اللهم لا تغفر لمحلمquot; وحين قتل أسامة بن زيد أحد قادة الفتوحات الاسلامية رجلاً من المشركين كان قد أسلم، وتناهى الخبر إلى رسول الله quot;صquot; غضب غضباً شديداً وقال له: quot;قتلته بعد أن قال لا إله إلا اللهquot;؟

هل قام حزب العمال الكردستاني PKK بقتل رياضيين أو اختطاف طائرات أو احتجاز رهائن أو تفجير سفارات، بشكل يهز فعله الرأي العام العالمي؟ كلا وألف كلا، وان كان قد أقدم على فعل إرهابي، وهو بالطبع مدان مهما صغر حجمه، فأنه لا يستحق الذكر مقارنة بعمليات إرهابية قامت وتقوم بها الحكومات والأحزاب والثورات.

لقد فعلت أمريكا حسناً عندما جمعت المصريين - الاسرائيليين والاسرائيليين ndash; الفلسطينيين والحزبين الكرديين، الديمقراطي والاتحاد الوطني الكردستاني على طاولة التفاوض والحوار ويا ليتها إلتفتت إلى الحكومة التركية وحزب العمال الكردستاني وقامت بجمعهما حول الطاولة نفسها وبذلك تكون قد قضت على بؤرة التوتر وقاعدة العدوان في المنطقة quot;تركياquot; الذي تهدد السلم والاستقرار بشكل دائم، فكم من مرة توغلت قواتها في أراضي كردستان العراق وحتى في إيران بذريعة ملاحقة حزب العمال الكردستاني وهددت باحتلال سوريا لإيوائها أوجلان، تصوروا التهديد باحتلال بلد لمجرد أنه احتضن لاجئاً!!!

أما اعتداءاتها واطماعها في كردستان العراق وولاية الموصل وكركوك فأمر غير خاف على أحد والذي دفع بالرئيس البارزاني عام 2007 إلى الرد بالمثل مالم تتوقف عن تدخلاتها في شؤون كركوك. نعم ان تركيا بؤرة توتر وقاعدة عدوان على شعوب المنطقة، وهي الآن ومنذ زمن على خطى إيران حينذاك لن يفيد الغرب والعرب عض أصابع الندم.

ان في شمال كردستان منذ أعوام ثورة شعب عادلة بقيادة حزب العمال الكردستاني PKK وقمع وحشي لها من قبل الأتراك نجم عنه اعتقال وتشريد الآلاف. والآن آن الأوان لكي يكف المجتمع الدولي عن تصرفها النعامي حيال ما يجري ضد الشعب الكردي المسالم الأعزل. ويهب بشجاعة لإحقاق الحق والانتصار له وتشخيص الإرهابي الحقيقي، وعلى تركيا أن تراجع سلوكها العدواني الارهابي وتتجاوب مع هدنة حزب العمال الكردستاني وتلبي إرادته التي هي إرادة شعب مظلوم وجريح، وتحول الأموال المرصودة للحرب والدمار إلى البناء والتعمير لما فيه خير الأتراك والكرد والناس أجمعين.


[email protected]