قبل ايام قليلة كنت قد كتبت مقالة تحت عنوان quot; ويكيليكس كيف تحول من امام الى شيطان عند العرب quot; عن دور الاعلام العربي في العراق وابتكاراته الطائفية فيما يخص الحكومة العراقية دون غيرها من فضائح الحكومات العربية , وقد جاءت التعليقات التي تصف المقالة والافكار بالطائفية وهذا في واقع الامر تخبط عربي طائفي أخر من نوع تخيلات النعامة التي تدفن راسها في الرمال وتترك البقية مكشوفة دون ان تعي الحقيقة الكبرى.
اليوم الاعلام العربي وليس غيره يتناقل بنشوة وفرح كبيرين كلا حسب طريقتة وأليات عمله واجندته وبتطبيل فارغ خبر غاية بالغرابة وغاية في التخبط الذي تجاوز حتى تخيلات تلك النعامة المسكينة , وتاتي quot; مسكنيتها quot; من كثرة الاستعارة العربية لها دون الاستفادة من هذه الصورة الحيوانية الرائعة في اختصار الكثير من الامور التي يحتاجها الانسان قبل غيره . مختصر الخبرالمفبرك ان رامسفيلد وزير الدفاع الامريكي السابق كتب في مذكراته ان المرجع الاعلى في النجف الاشرف السيد السيستاني quot; استلم مبلغ 200 مليون دولار لاصدار فتوى بعدم محاربة قوات التحالف في العراق , وانه اخذ بالاحضان والقبل رامسفيلد , رغم ان الاخير يكره القبل بين الرجال!!quot; .ورغم ان مكتب رامسفيلد اصدر بيان كذب فيه هذه الادعاءات جملة وتفصيلا وراهن على تاريخ اصدار المذكرات بعد ساعات قليلة لكشف هذه الكذبة الطائفية الكبرى , الا أن معظم الاعلام العربي quot; المهني بطائفيته المقيته quot; يصر على تكذيب كاتب المذكرات نفسه كما يصر على تكذيب اوراق المذكرات نفسها!
بداية دعنا اولا ناخذ الامور من حيث يطرب الطائفيون .. فالسيد السيستاني هو رجل ايراني الجنسية وهو لم ينكر ذلك في يوم من الايام , وايضا ان قوميته الايرانية ليس مسبة او انتقاص فالامة الايرانية امة ذات عمق ووجود تاريخي لايمكن تجاهله او الاستهانه به الا من قبل جهال القوم وسفهاء التأويل , وهذا جوهر المشاكل العربية مع ايران الدولة . ثانيا وهذا الاهم ان السيد السيستاني هو مرجع كبير لملايين الشيعة العرب والمسلمين على مستوى الكرة الارضية . ثالثا يسجل للسيد السيستاني انه حافظ على وحدة العراق بشكل وبجهد فاق كل تصور وتفوق فيه حتى على كثير من العرب انفسهم حينما كان البعض يصدر فتاوى الذبح الطائفي في العراق و كان السيستاني يصدر فتاوى تمنع الانتقام وتمنع القتل الطائفي باي شكل من الاشكال , كما كان يصد كل محاولات التفرقة والتفكك والتشظيء التي كانت تحيط بالعراق البلد. كما يسجل وبفخر للمرجع السيستاني انه من أصر على كتابة الدستور بايادي عراقية وانه من اصر على التصويت و الانتخابات ونظام التصويت لكل فرد صوت واحد , مقابل مشروع كان يطرح مرة بالتعين واخرى على أساس المساحة لكل مدينة! وهذه نكتة مسخة كان البعض يحلم بتمرريها في العراق الجديد , اما اذا هناك خطأ وشطط هنا وهناك في العملية السياسية فهذا ليس ذنب المرجع بل هو ذنب بعض عمال السياسة في العراق .و اما اذا كانت نتائج هذا التصويت الديمقراطي الحضاري لاتناسب البعض فهذه غصة لاعلاج لها لانها حقيقة تاريخية كانت مغيبة وعادت بشكل انساني ودستوري متطور.
يسجل للحوزة العلمية في النجف الاشرف ميزة تفتقدها كل المراكز الاسلامية الرئيسية الاخرى في الامة العربية ومعها الامة الاسلامية , فالمرجع في النجف الاشرف لاتعينه السلطات الحاكمة بل يرتقي به الى هذا العنوان الرفيع رسائله ودرجته العلمية وكثرة مقلديه المليونية , لذلك وعلى مر العصور لم يكن اي مرجع في النجف الاشرف يعين من قبل الحكومات المتعاقبة ولا يتسلم راتبه من الحكومة العراقية كما يجري في كل البلاد الاسلامية الاخرى, وهذا يعطي للمرجع حرية التفكير والتصرف وحرية الفكر والراي وايضا يعطيه قوة روحية ومادية تقلق الحكام المتجبرين وترشد من هم أدنى من ذلك وايضا تدعم المخلصين منهم . لذلك يسجل للحوزة العلمية انها خرجت فطاحل ليس في الدين والمذهب والفقه فحسب بل في الموقف السياسي الانساني من الشيرازي وثورة العشرين وحتى السيد محسن الحكيم ومرحلة التحول العظيم وال الحكيم المجاهدين والسيد الخوئي وثم السادة ال الصدر الباذلين الكرام وفي مقدمتهم الصدر الاول والصدر الثاني ومواقفهم الانسانية والبطولية الرائعة في مقارعة جبورت العصر وصنم الاصنام الساقط حينما سبقوا الجميع في وضع اللبنة الاولى لاسقاط الصنم وبناءالعراق الجديد . وهناك في الماضي وايضا في الحاضر الكثير والعديد من الاسماء المرجعية الرفيعة في النجف الاشرف. اما ان يقال وكما نقل بعض الاعلام ان اعداد السيد السيستاني كمرجع بديل للسيد الخوئي تم في السعودية اثناء فترة الحج فهذه نكتة اخرى لاتقل محتوى عن النكتة الاصلية , فمراجع النجف الاشرف ارفع من ذلك بكثير وان النجف الاشرف كانت وستبقى عاصمة كل عمامة سوداء دون أدنى منافس.
ان كل ذنب السيد السيستاني برأي المتعصبين والطائفيين والحاقدين انه حافظ على العراق بدون اقتتال طائفي وانه اصر على الانتخابات حتى ياخذ كل مواطن حقه , والذنب الاكبر للسيد السيستاني انه يملك قراءة تاريخية كبيرة للواقع الانساني العراقي على الارض بعيدا عن الشعارات الفارغة, لذلك لم يسقط في فخ الشعارات وانه ميز بين الواقع والمقاومة التاريخية quot; و مقاومة المقاولة المفضوحة بعد نيسان 2003 من القاعدة واتباعهم quot; لذلك امتلك صورة واضحة عن النتائج الكارثية على العراق منذ انتهاء ثورة العشرين وحتى نيسان 2003 عندما قاتل وضحى واستشهد الثوار وتمتع بنتائج ثورتهم ضباط الجيش الانكشاري العثماني فحرمت الغالبية المطلقة من ابناء الشعب العراقي ابناء الثورة ووقودها من مراكز القرار والحكم .كما يسجل للسيد السيستاني انه رجل أجاد القراءة وترجم الافكار على الارض وتعامل مع النتائج ببراعة أنسانية قل نظيرها وانه السيد السيستاني الايراني الجنسية وليس غيره من وضع الامور في نصابها الصحيح في العراق العربي . وهذا هو سر مقتل اعداءه الذين هم في الواقع اعداء العراق الجديد من الطائفيين الحاقدين . اما السيستاني المرتشي الذي يتكلم عنه بعض الاعلام العربي فهذا شخص اخر لانعرفه لانه من صنع نفوس مريضة لاتطيق الحرية والديمقراطية وحكم الدستور وعدالة نتائج صندوق الانتخابات .
[email protected]
- آخر تحديث :
التعليقات