تؤثر الفروق الفردية بين المرأة والرجل، وتوجهات الأفراد الأيديولوجية في النظر الى الحرية وكيفية التعامل معها. فالمرأة تختلف أولويتها وغاياتها عن الرجل، ولهذا نجد إنهماك الرجل طوال التاريخ في النضال من اجل الحرية، والأفراد الذين انخرطوا ضمن الأحزاب الدينية والشيوعية والقومية، الحرية ليست غايتهم، بينما الليبرالي هو حامل مشعل الحرية.


بخصوص المرأة هل تفضل تملك الرجل لها على الحرية ؟


يحضرني مقطع صغير من رواية زوربا للأديب اليوناني نيكوس كازانتزاكي، يتحدث فيه زوربا عن تفضيل المرأة لتملك الرجل لها على حريتها ويبدي دهشته لهذا، وبودي نقل نص المقطع :

(( أيها الجد ( انها تدعوني من جديد بالجد، لكن على سبيل المداعبة الآن ) أيها الجد، انني أود الذهاب الى العيد.

فقلت لها :

- اذهبي، ايتها الجدة، اذهبي.

- لكنني أريد ان اذهب معك.

- انني لن اذهب، لدى عمل هنا. اذهبي بمفردك.

- اذن فلن اذهب انا ايضا.

وجحظت عيني :

- لن تذهبي، لماذا ؟

- اذا جئت معي، فسأذهب. واذا لم تجيء، فلن أذهب.

- لكن لماذا ؟ ألست اذن شخصا حرا ؟

- لا، انني لست حرة.

- ألا تريدين ان تكوني حرة ؟

- كلا !

وايك الحق، لقد احسست بأنني اصبحت معتوها. وصرخت :

- ألا تريدين ان تكوني حرة ؟

- لا، لاأريد ! لاأريد ! لاأريد !))


انتهى الإقتباس.


مناسبة الكلام عن الحرية والمرأة هو تصادم حصل لي مع إحدى النساء التي كنت التقي بها وحفاظا على مشاعرها من الخدش والجرح أترك لها حرية إنهاء اللقاء من جانبها كي لاتشعر اني أتخلص منها بسرعة. لكن المشكلة تكررت بيننا بعد قيامها بإنهاء اللقاء.. اذ بمجرد طلبها الإنصراف، ومن باب إحترام حريتها وعدم وفرض نفسي عليها، أودعها متمنيا لها أوقاتا سعيدة، فتبادرني بعتب وإستهجان قائلة : الظاهر مستعجل على فتح الباب لي. وتقصد اني استعجل انهاء اللقاء بكلمات الوداع دون ان أتوسل وأطلب بقائها مدة أطول معي.


شرحت لها أكثر من مرة.. انني أحترم حريتها ولاأريد إزعاجها بطلب البقاء مدة أطول، ولهذا لاأعترض على إنصرافها، لكن هيهات تنجح في إقناع المرأة التي تعودت على إلحاح ومطاردة الرجل لها، ومقابلته بالغنج والتمنع الحقيقي أو المصطنع !


توجد عدة أسباب تجعل المرأة تضحي بحريتها من أجل الخضوع للرجل : منها يقال : - وهذا صحيح - ان غاية المرأة في الحياة ان تُحب من قبل الرجل، وهذه أولوية لديها تفوق جميع الأولويات ماعدا غريزة الأمومة، فالمرأة تريد ان تشعر بقيمتها وأنوثتها وجمالها من خلال ملاحقات الرجل لها وتغزله بها، واحساسها انها كل شيء في حياته حتى لو كانت لاتحبه، ومنها إرتفاع نسبة مشاعر الماسوشية لديها بمعناها الشامل وليس الجسدي، والتي من مظاهرها الرغبة بالخضوع لقوى عليا أو سلطة أكبر... ولعل حكمة الطبيعة أوجدت هذه الصفات لدى المرأة كي تستطيع الصبر على صعوبات الحياة الأسرية والحفاظ على تماسك العائلة ورعايتها.


لاحظ حتى في المجمتعات المتحررة الأوربية والأميركية تجد النساء المستقلات اللائي يعشن بمفردهن قليلات قياسا الى نسبة أعداد الرجال الكبيرة.


وهذه القضية ليست عيبا في تكوين شخصية المرأة، وانما هي إختلاف طبيعي من بين الإختلافات العديدة في الفروق الفردية بين النساء والرجال، وأرجو عدم النظر اليها من زاوية أخلاقية وإصدار الأحكام ضدها، وانما هي طبيعة سايكولوجية خاصة بالمرأة مثل طبيعة الرجل الذي يتفوق على المرأة بالسلوك العدواني واشعال الحروب وقتل شقيقه الانسان !


[email protected]