بعد اعتقال اطفال درعا من قبل رئيس فرع الامن السياسي السيد عاطف نجيب ابن خالة الرئيس المفدى بشار الاسد على خلفية كتابة هؤلاء شعارات على الجدران يطالبون فيها باسقاط النظام وتحويلهم فيما بعد إلى فرع فلسطين السيء الصيت في دمشق، هذا الفرع الذي يعرف عنه القاصي والداني في سوريا آساليبه الوحشية والهمجية واستخدامه كل ادوات التعذيب بدون رحمة من الفلاقة إلى الكرسي الألماني. هذه الحادثة أدت إلى انتشار تذمر وغضب كبيرين بين الأهالي والعائلات التي توجهت إلى المحافظ لتتلمسه بالافراج عنهم إلا ان تعالي المحافظ ومعاملته السيئة مع الاهالي زاد من غضب الأهالي ويأسهم بالإضافة إلى الانباء التي تواردت عن تعرض الاطفال إلى التعذيب الوحشي حتى وصلت بهم الحد إلى قلع أظافرهم.

هذه المشاعر إنعكست على كل أهالي مدينة درعا لينظموا لاحقا أكبر مظاهرة ضد نظام بشار الاسد. لقد انطلقت الشرارة الاولى للثورة السورية من حوران وبدأ النظام بمواجهة الاهالي بالرصاص الحي وسقط أول شهيد من حوران وبعدها بأيام عمت المظاهرات العديد من المدن السورية تضامناً مع درعا الشهيدة.

بدأ اعلام النظام السوري بفبركة قصص عن وجود مسلحين ومندسين وسلفيين وان بلدهم يتعرض للمؤامرة كبرى بسبب موقفها - الصامد والممانع- للعدو الاسرائيلي ولامريكا ودعمها للمقاومة، وبدأت تتهم أطراف عربية ودولية وأول المتهمين كانوا السعودية وتيار المستقبل، السعودية التي حاول ملكها ان يخرج النظام السوري من عزلته بسبب اتهامه بمقتل رئيس وزراء لبنان رفيق الحريري وبناء معادلة س-س لكي يتم تشكيل الحكومة اللبنانية برئاسة سعد الحريري ولكن الاسد لم يلتزم بالوعود التي قطعها للملك السعودي بشأن الاستقرار في لبنان والتعاون مع سعد الحريري هو والمعارضة الموالية له، لذلك قرر الملك السعودي رفع يده عن لبنان بعد أن وصل إلى قناعة بإن النظام في سورية لم يغير نظرته الى لبنان ويحاول العودة مرة ثانية لابقاءه محمية سورية ولايقبل بأن يتعامل مع لبنان بندية وعلى أساس انها دولة ذات سيادة، بل على اساس أنها محافظة تابعة له.

الهدف من سرد هذه الاحداث ليس لكي تنتقم المملكة العربية السعودية والاطراف الاخرى من النظام السوري اللذين تأذوا من سياساته الرعناء. بل بسبب دور المملكة العربية السعودية المؤثر كدولة ذات وزن عربي واقليمي ودولي ولها تأثير كبير وباستطاعتها أن تغيير مجرى الاحداث بمواقفها. والشعب السوري يأمل في المملكة وبسياساتها الحكيمة أن تكون سنداً وعون لهذا الشعب المظلوم الذي يواجه آلة قمع النظام المجرم بصدوره العارية وبأحقية مطالبه المشروعة، وليس من مصلحة الشعب السوري فقط تغيير هذا النظام بل لصالح كل الدول العربية لكي تعود سوريا إلى الحاضنة العربية وتلعب دورها الصحيح في المنطقة لان شعبها يستأهل هذا الدور. المؤسف ليس موقف المؤسسات الرسمية العربية متخاذل فقط بل مواقف شعوبها أيضا، بإستثناء بعض المثقفين العرب الذين واكبوا الثورة باقلامهم أمثال طارق الحميد وعبدالرحمن الراشد وصلاح القلاب وغيرهم... والشعب السوري لاينسى هذه المواقف المشرفة ولم نرى الا بعض المسيرات الخجولة تضامناً مع ثورة الشعب السوري، حتى الدول التي قامت بالثورات لم تكن لها موقف من ثورة الشعب السورية ثورة الحرية والكرامة ثورة ضد اعتى دكتاتورية في هذا القرن.

هذا الصمت العربي المخزي صمت الجامعة العربية، ومجلس التعاون الخليجي، والمؤتمر الاسلامي،باستثناء موقف اتحاد علماء المسلمين، شجع القتلة على ممارسة أساليبهم الوحشية تجاه الشعب السوري الاعزل المسالم. شجع شبيحة النظام وقوات أمنه على ممارسة أبشع أساليب التعذيب والقتل والمقابر الجماعية وانتهاك الاعراض وهجرة الالاف من قراهم ومدنهم ونهب ممتلكاتهم.

ان هذا التواطئ العربي والدولي غير مبرر تجاه هذا النظام القاتل الفاقد للشرعية، فاقد الشرعية بكل المقاييس، لانه أصلاً غير شرعي وروث الاسد السلطة ولم يأتي عن طريق الاقتراع ولم يصوت الشعب له أتى رغم عن ارادة الشعب وبعد كل هذه الجرائم مازال البعض يرى أنه هناك امكانية قيام هذا النظام باصلاحات ويفضلون بقاءه بشرط أن تبقى جبهة الجولان هادئة وهذا ما تحاول اسرائيل أن تفرضه على الدول الاروبية من خلال ضغطها، وأيضا بعض الدول العربية التي كان من الواجب أن تقف إلى جانب الشعب السوري لانها عانت أيضاً الكثير من الدكتاتورية ولكن للاسف النظام والشعب كلاهما على السواء في الموقف تجاه الثورة السورية. والبارحة ظهر لنا السيد نوري المالكي الذي اتى أيضا رغما عن ارادة العراقيين أي فرضه ملالي ايران على الشعب العراقي رئيساً للوزراء وقال: أن استقرار المنطقة مرتبط باستقرار النظام السوري و (بأنه على ثقة بان الشعب السوري وقيادته سيتجاوزن التحديات) لانعلم عن أية تحديات يتكلم المالكي الا يعلم السيد المالكي الذي عاش سنوات في سوريا بأن البعث السوري توأم للبعث العراقي وأن الاسد الاب لم يكن أحسن من دكتاتور العراق، الذي أباد الشعب العراقي ولولا القوات الامريكية وقوات التحالف لكان السيد المالكي مايزال لاجئا في دمشق. الايخجل العراقيون اللذين عانوا الكوارث والويلات من نظام حزب البعث من مساندة نظام دكتاتوري على اعتاب السقوط، هل نسوا المجموعات المتطرفة والارهابية التي كانت تتدرب على أيدي نظام الاسد ومخابراته وارسالها إلى العراق والقيام بالعمليات الانتحارية التي راح ضحيتها الاف من أبناء الشعب العراقي البريء، هل نسوا انفجارات بغداد التي استهدفت بنية النظام العراقي الجديد ومؤسسات الدولة مثل وزارة الخارجية والمالية التي راح ضحيتها 95 قتيل و600 جريح واعترف احد المتشددين كيف تدرب في معسكر للقاعدة في سوريا ومن ثم ارساله إلى بغداد على أثرها حاول العراق تدويل القضية وتحويلها إلى المحكمة الجنائية الدولية. لدى السيد المالكي والحكومة العراقية والقوات الامريكية عشرات الارهابين اللذين تدربوا في سوريا وقاموا بعمليات في عراق ما بعد صدام والذي كان يراه السوريون خنجرا في خاصرتهم أي القوات الامريكية المتواجدة في العراق بعد 2003 والمشروع الامريكي في الشرق الاوسط الجديد الذي كان يرعب السوريين وكانوا يعرفون بأن رياح التغيير ستطال بلدهم ايضاً وبان نظام ديمقراطي بجنبهم خطر على نظامهم (الممانع). لذلك لم يبخل النظام السوري بإرسال العشرات من الارهابيين المتطرفين للشعب العراقي. اليس حريا بالسيد المالكي وبالشعب العراقي ان يساندوا اخوانهم السوريين في ثورتهم السلمية لكي ينتهوا من نظام دكتاتوري ارهابي ومن الاهاربيين وينهوا مسلسل القتل الذي انهك العراقيين. على كل حال ان ساندت الحكومة العراقية الشعب السوري أم لا فالشعب مصمم عن نيل الحرية ومهما كان الثمن، وان الحرية قادمة لا محالة وأن العدالة ستتحقق عاجلاً أم أجلاً.