طالعتنا أقلام عربية شهيرة بكتابات عن الثورة الليبية لم تكن متوقعة على الإطلاق، فطالما عبرت هذه ألأقلام عن نبض الشارع ودغدغت مشاعر المواطن العربي التواق إلي الحرية و الكرامة و لم يخطر ببال احد إنها كانت تختفي تحت الشعارات التحررية و القومية و الإسلامية كوسيلة لكسب الرزق. الثورة الليبية واضحة المعالم لا غموض فيها لكل متابع منصف، أما هذه الاقلام فتقوم بمحاولات بائسة للنيل من مكاسب هذه الثورة و ذلك من خلال قلب الحقائق و الزج بمصطلحات و مفاهيم خاطئة في واقع الثورة المعاش.

لقد وصفوا الثورة الليبية بالحرب الآهلية وذلك تشخيص غير دقيق لعدم توفر صفات الحرب الآهلية بهاء، حيت إن الحرب الآهلية تكون بين طوائف متعددة أو جهات مختلفة أو أعراق متباعدة او زعامات متنافسة قي البلد الواحد، كل ذلك لا يتوفر في الحالة الليبية. فالحرب الليبية هي بين الغالبية الساحقة من الشعب و عائلة مسلحة تساندها فئة صغيرة تنحدر من كافة مناطق و جهات الوطن، فهي اقرب إلى حرب تحرير لنيل الحقوق منها إلى حرب أهلية، كما يمكن وصفها على إنها حرب بين الشرعية المتمثلة في الأغلبية الشعبية و حركة تمرد تمثلها عائلة و فئة قليلة تساندها. إن شرعية الحكم تكتسب من خلال الانتخابات أو الاستفتاء و ألقذافي لم ينتخب او يستفتى لصالحة بل اكتسب شرعيته من ألمؤازرة الشعبية اثر انقلابه العسكري عام 1969م وقد اسقط الشعب عنة هذه الشرعية بخروجه في كل المدن و القرى منددا بحكمة و مطالبا بإسقاطه في ثورة 17 فبراير العارمة عام 2011م.

عندما يصف احدهم إن الحرب بين الشرق و الغرب فهو يسوق بضاعة لقاري لا يعرف الخارطة الجغرافية الليبية، وكل مطلع على تلك الخارطة سيجد أن بنغازي مهد الثورة عاصمة للشرق الليبي وتقع مصراتة حامية الثورة في الغرب و تقع الزنتان الثائرة في أقصى الغرب. أما نعت الثوار بثوار الناتو فتلك مغالطة رخيصة لان الثوار قاتلوا لمدة إثنان و ثلاثون يوما اسقطوا فيها الطائرات و اقتحموا الثكنات و حرروا مدن كثيرة قبل تدخل التحالف ألآطلسي الإسلامي. بل من وصف الثوار بثوار الناتو ناقضا نفسه في مقالة أخرى عندما ادعى ان من بين الثوار الليبيون أعضاء في القاعدة في محاولة يائسة لتاليب القوى الغربية على الثورة الليبية.

لقد نشرت كتابات غريبة تدعي ان التدخل الدولي في ليبيا هو من اجل النفط لان العالم لم يتدخل في اليمن و سوريا حيت يتعرض الشعبان لنفس الموجة من التقتيل متناسين إن ظروف ليبيا الجغرافية و السياسية مغايرة تماما. فموقع ليبيا الجغرافي المقابل لإوروباء يجعل الاوروبيين مضطرين للتدخل، فالفوضى في ليبيا تهدد الاستقرار بشكل مباشر في الضفة ألأخرى للبحر المتوسط وذلك من خلال إمكانية تسرب إرهابيين إليها و موجات الهجرة غير الشرعية. أما من الناحية السياسية فقد وجدوا الفرصة سانحة لمعاقبة ألقذافي على جرائمه السابقة من تفجير للطائرات و عمليات إرهابية ودعم للمجموعات الإرهابية في أوروبا.

أما من كتبوا عن توقعاتهم بان تنجرف ليبيا إلى المجهول و تسود الفوضى بعد نجاح الثورة دون إبداء معطيات موضوعية ولم يكن يعرف عنهم انهم من العرافين أو قراء الطالع فهو يبرهن على إن الآجر جزيل و كل ذلك يخلص إلى حقيقة واحدة هي سخاء ألقذافي في العطاء.