إعلان يوم 31/کانون الاول(ديسمبر)، المنصرم، بمثابة يوم وطني في العراق، کان بالامکان إعتباره إجرائا منطقيا و حکيما لو کانت معظم أزمات و مشاکل العراق محصورة و متعلقة به فقط، لکن، عندما نقوم بعملية إستقراء دقيقة لمجريات و تفاصيل تلك المشاکل و الازمات، نجد أن المشکلة لن تعتبر محلولة او محسومة بإنسحاب آخر جندي أمريکي وانما ستتجه للمزيد من الصعوبة و التعقيد.

إزدياد التفجيرات و العمليات الارهابية(المنظمة) في العراق خلال آخر شهر من العام 2011، و تفاقم الاوضاع الامنية بصورة ملفتة للنظر و تزامن ذلك مع إتجاه المشهد السياسي العراقي نحو المزيد من التأزم، يوحي بوضوح أن المشکلة أکبر و أوسع بکثير من عملية إنسحاب القوات الامريکية من العراق و التي إستخدمتها الکثير من الاطراف و الجهات السياسية العراقية کشماعة تعلق عليهاquot;تنظيراتهاquot;وquot;قراءاتهاquot;الفجة للواقع السياسي العراقي، لکن الذي ظهر لحد الان هو أن القوات الامريکية کانت بمثابة صمام أمان لهذه القوى المتشابکة و المتناطحة مع بعضها البعض کمجموعة من الثيران الهائجة ليس إلا.

ربط السيادة العراقية بإنسحاب القوات الامريکية و إعلان يوم وطني للعراق مع إکتمال ذلك الانسحاب، هي قراءة سمجة و سطحية للواقع السياسي العراقي، بل وانه يشبه سعي و جنوح لنأيquot;بعضquot;من القوى السياسية العراقية بنفسها بعيدا عن الدور الايراني بشکل خاص و أدوار أخرى بصورة عامة في الاوضاع السياسية و الامنية و حتى الاقتصادية في العراق.
رئيس الوزراء العراقي نوري المالکي عندما يحتفل بيوم 31 کانون الاول(ديسمبر)المنصرم و يعتبره يوما وطنيا للعراق بإعتبار ان الامريکان کانوا ينتقصون من السيادة العراقية وان إنسحابهم يعتبر بمثابة إسترجاع السيادة العراقية المهدورة و المذبوحة ببساطيل الجنود الامريکان، غير أن السيد المالکي وفي نفس الوقت لاينسى عامل مهم آخر ينتقص من السيادة العراقية و ينتهکها أشد إنتهاك، وهوquot;إحتلال!!quot;أفراد من منظمة مجاهدي خلق لأراضي عراقية و إقامة معسکر أشرف عليها، ويرى المالکي و بعض من الذين يسايرونه أن غلق هذا المعسکر سيعيد للسيادة العراقية عافيتها و حرمتها، لکن، ومع إعلان الاستعداد المسبق من جانب المجلس الوطني للمقاومة الايرانية للانتقال الى مکان آخر ريثما تتم عملية نقل و إجلاء سکان أشرف عن العراق، کشف کذب و زيف هذا الادعاء ذلك أن سکان أشرف لم يکونوا مطلقا محتلين لأرض عراقية وانما کانوا يعتبرون أنفسهم ضيوفا(مؤقتين)، لحين تحرير وطنهم من ربقة إستبداد النظام الديني.

السيادة العراقية و بعد إنسحاب القوات الامريکية من العراق و إبرام إتفاق بين الامم المتحدة و الحکومة العراقية بشأن تسوية مشکلة معسکر أشرف سلميا، يعلم الجميع و على رأسهم نوري المالکي نفسه انها مازالت منتهکة إنتهاکا صارخا، حيث تصول و تجول الخلايا و الشبکات و العصابات التابعة للنظام الايراني في معظم أرجاء العراق و تقوم بکل مايحلو لها و يخطر على بالها من دون أن تأبه للسيادة العراقية او تدير لها بالا، السيادة العراقية لاتنتهك بتواجد أفراد من المعارضة الايرانية في معسکر أشرف وفق إتفاق مسبق مع النظام العراقي السابق و بعلم و موافقة المجتمع الدولي، وانما تنتهك بالقصف المدفعي و الصاروخي للقرى والأراضي العراقية، السيادة العراقية تنتهك عندما لايکون القرار العراقي وطنيا و نابعا على أساس مصالح و إعتبارات عراقية کما هو الحال مع تإييد حکومة نوري المالکي للنظام الدکتاتوري المجرم في سوريا و تإييد الفتنة الطائفية في البحرين، و هذا الموقف العراقي يعتبر بمثابة صورة طبق الاصل لموقف النظام الايراني من تلکما الازمتين، فهل هناك نظام سياسي واحد في المنطقة (ماعدا لبنان المغلوب على أمره و النظام الايراني)، يقف الى جانب النظام السوري و يؤيده؟!

السيادة العراقية قضية حق لکن المالکي يريد بها باطلا، فهو يطبل و يزمر لخروج القوات الامريکية من العراق، لکن العالم کله يدري بأن الرئيس الامريکي يواجه ضغوطا قوية من أجل سحب القوات الامريکية من العراق وان قد قام أساسا بسحب القوات إستجابة للشارع الامريکي و ليس لإرادة و مشيئة المالکي، لکن المالکي ان کان محقا و صادقا بشأن طرحه لقضية السيادة العراقيـة، فإنه بإمکانه أن يصبح بطلا و رمزا وطنيا عراقيا خالدا لو حمل على أکتافه عبأ تخليص العراق من نفوذ و هيمنة النظام الايراني و إنتهاکاته المستمرة و الفاضحة للسيادة العراقية، وان بتر يد النظام الايراني في العراق، کفيل ببتر کافة الايادي الاخرى التي تلعب على الضد او على هامش النفوذ الايراني، لکن، هل سيفعل نوري المالکي ذلك؟ سؤال نترك إجابته للأيام.