جريمة اخرى ترتكبها سلطة حزب العدالة والتنمية في تركيا ضد الشعب الكردي. جريمة اخرى تضاف الى سلسلة الجرائم التي ارتكبها هذا الحزب ضد الكرد من استلامه الحكم عام 2002. الجيش التركي( وبعد يوم من اجتماع مجلس الأمن القومي!) يقصف قافلة لمدنيين كرد ويقتل منهم، حتى هذه اللحظة، 36 شخصا، 24 منهم من عائلة واحدة، بينما لايزال 17 مجهولي المصير!. هؤلاء وكلهم صبية صغار( بينهم طلاب جامعيون) اعتادوا شراء المحروقات من اقليم كردستان وتهريبها عبر الحدود لبيعها في مناطقهم، استحصالا للقمة العيش الصعبة، طالما هم وذويهم يرفضون الانخراط في (ميليشيات حماة القرى) التي انشئتها الدولة التركية لمحاربة ثورة حزب العمال الكردستاني.

الجريمة وقعت منتصف ليلة أمس. الاعلام التركي لم يخض فيها انتظارا لرأي الحكومة. فقط فضائية (Roj tv) الكردية هي التي غطتها بشكل مباشر من مكان الحدث، صوتا وصورة. الجيش التركي وبعد ساعات نشر على موقعه على شبكة الانترنت بيانا يبرر فيه القتل، ويقول ان quot;معلومات استخباراتيةquot; وصلته( عبر طائرات الهرون بدون طيار، الاسرائيلية الصنع) تقول بان مجموعة من المقاتلين يستعدون للتوغل ومهاجمة قواعد عسكرية تركية. ولما كٌشف عن هويات الضحايا واسمائهم وتبين حقا انهم قرويون عٌزل، عادَ الجيش القاتل ووعد بquot;اجراء تحقيق في الحادثةquot;!.

صلاح الدين دمرتاش رئيس حزب السلام والديمقراطية قال بان القوات التركية، بل وحتى رئيس الجمهورية عبدالله غول نفسه، يعلمون بان أهالي تلك القرى الحدودية يعملون في تهريب الوقود، وان مسير هؤلاء وطريقة عبورهم وحجمquot;حمولتهمquot; توضح تماما بانهم مدنيون وليسوا عسكريين.

السلطات التركية وكأنها استعدت للتعامل مع تداعيات المجزرة منذ ايام، تعاملت بعنف مفرط مع المظاهرات الكردية الغاضبة التي خرجت للتنديد بقتل الجيش التركي للمدنيين الكرد في ولاية شرناخ. حققت الشرطة والاستخبارات اصابات في صفوف المدنيين الكرد في دياربكر وشرناخ وميرسين واسطنبول.

هذه ليست الجريمة الاولى التي ترتكبها حكومة حزب العدالة والتنمية بحق الكرد ولن تكون الاخيرة. فقبل شهرين أفتى رجل الدين الاصولي فتح الله غولان( المقيم في الولايات المتحدة الأميركية!) بالنيل من حزب العمال الكردستاني ومقاتليه حتى ولو سقط 50 ألف انسان منهم!. وهاهو أردوغان وحزبه ينفذان فتوى مرجعهم غولان.

حزب العدالة والتنمية يرتكب مذابحا حقيقية بحق الكرد. يقصف معاقل حزب العمال الكردستاني كل يوم، ويقتل مقاتليه بالسلاح الكيمياوي( تقارير نشرتها مجلة دير شبيغل الألمانية)، ويعتقل 13000 شخص كردي بتهم سياسية شتى وفي محكوميات مختلفة( قال البرلماني الكردي سري ساكيك بانهم نصف عدد المعتقلين السياسيين في العالم!). ويفرض عزلة مشددة على الزعيم الكردي الأسير عبدالله أوجلان ويمنع محاميه وذويه من لقاءه منذ 5 أشهر. بل ويعتقل مؤخرا 35 محاميا من فريق الدفاع عن أوجلان بتهم مضحكة في عٌرف القانون الدولي. ويعتقل الحزب الحاكم ايضا 40 اعلاميا وصحافيا بتهمة quot;التعاطف مع حزب العمال الكردستانيquot;. وغير ذلك من انتهاكات وجرائم كثيرة لايمكن حصرها.

الحزب الاسلامي/الاطلسي خافَ كثيرا منذ ان حقق حزب السلام والديمقراطية( يوصف بانه الواجهة السياسية لحزب العمال الكردستاني) فوزا كبيرا في الانتخابات البلدية 2009 وفي الانتخابات البرلمانية 2011( بات يسيطر على مساحة شاسعة تمثل نصف مساحة سوريا تقريبا، وبكتلة ديمغرافية متعاطفة تقترب من 10 مليون انسان) وايقن بانه اذما قلل من حالة الارهاب والقمع والقتل، فان يوما سياتي وسٌيدحر تماما من اقليم كردستان. لذلك عاد للحرب الشاملة، معتمدا على سياسة الترغيب: فتاوي دينية، ورشاوي كبيرة تٌقدر بمليارات الدولارات، والترهيب: قتل وحبس وتجويَع وحرمان من الحقوق و...ارهاب قلَ نظيره!. ولم يكن امرا اعتباطيا حينما كلفَ أردوغان شخصا كرديا في حزبه هو الوزير حسين جليك بان يٌلقي بيان الحكومة الأول حول الجريمة، ويبرر موقف حزبه القاتل. جليك هذا هٌزم في الانتخابات البلدية الاخيرة على رئاسة بلدية مدينة quot;وانquot; امام محامي أوجلان الشاب بكر كايا!.

أردوغان وفريقه ينتقمان من الكرد. اختارا طريق الحرب الشاملة وعلى كافة الصعد، مراهنين بذلك على سياسة الانكار والحسم العسكري لالحاق الهزيمة بالحركة القومية الكردية. والارجح ان الكرد وحركتهم سوف لن يستسلموا وسوف يردون بنفس اللغة.

الدول الأوروبية والغرب يستمران في دعم أردوغان. الدماء التي تسيل ليست دماء مواطنيهم. انها دماء كردية وتركية ولاقيمة لها. لذلك فكلما قتل الحزب الحاكم في تركيا الأكراد يتم التعتيم على جرائمه والتسهيل له اوروبيا. وكلما quot;انفتحquot; عليهم، تشنٌ اوروبا حملة ضد الكرد المقيمين لديها وتغلق مؤسساتهم( كما فعلت فرنسا قبل أشهر مع جمعية أحمد كايا الفنية) بدعاوي quot;العمل مع حزب العمال الكردستانيquot;، وعربونا للصداقة مع تركيا، وتشجيعا لها للمضي في طريق الحل العسكري ورفض الحوار والمصالحة الوطنية!.

حكومة اقليم كردستان العراق لم تدن جريمة الجيش التركي في قتل عشرات المدنيين الكرد، مثلما ادانت حادثة مقتل الجنود الاتراك في عملية عسكرية هجومية لمقاتلي حزب العمال الكردستاني. لم تعزي اربيل عوائل الكرد مثلما عزت أردوغان وغول في جنوده الآتين لتقتل الكرد وابنائهم. ومازلنا نتفائل وننتظر بيان الحكومة الكردستانية. كذلك فعل quot;المجلس الوطني السوريquot; أو quot;مجلس اسطنبولquot; عندما اصدر بيان الغدر ضد حزب العمال الكردستاني، ارضاء لحزب العدالة والتنمية ووفاء لتعهدات العمالة والتبعية. قطعا لن يفعل هذا المجلس ذلك لأنه مصٌادر من تنظيم الاخوان المسلمين الاصولي( المتهم بارتكاب الارهاب وقتل المواطنين السوريين على الهوية في الثمانينات)، وللأسف الشديد هناك بعض المعارضين الوطنيين مايزالون يٌكابرون تحت عباءة الاخوان بحجة دعم الثورة السورية، بينما الاخوان يعرضون اسمائهم وسمعتهم للبيع في بازارات تركيا!.

وكذلك: لن يندد اتحاد علماء المسلمين بالجريمة، ولا منظمة المؤتمر الاسلامي.

نعم.. أردوغان الذي تحلفون برأسه وتبشروننا باتخاذه نموذجا مستقبليا لكم يقتل الشعب الكردي ولايعتذر، بل يصر على مواصلة القتل. سادتي أردوغانكم هذا يقتلنا، فماذا تقولون؟.