تدعي الأحزاب الإسلامية السياسية في كل دول الربيع العربي بأنها تطرح إسلاماً ليبرالياً جديداً وحديثاً يتناسب مع فكرة الدولة المدنية. ولكن تأتي إستقالة الدكتورة منال الطيبي من لجنة صياعة الدستور المصري لتفضحهم جميعا؟؟

كنت قد كتبت سابقا ومرات عدة بأن ما يحدث في المنطقة العربية ليس بثورات وإنما بإنتفاضات جاءت بعدطول إنتظار ضد الظلم وإنعدام العدالة في المجتمعات العربية..وقطفت ثمارها الأحزاب الإسلامية لترتقي وبقوة إلى السلطة وتسلم مقاليد الحكم.. وأن الطريق الوحيد للخروج من التخلف والظلام في المنطقة العربية
لن يكون إلا بتبني ديمقراطية حقة تمر عبر صناديق الإقتراع..

و السؤال الذي يطرح نفسة بقوة الآن.. هل وصول الإسلام السياسي متلفحا بعباءة الإخوان المسلمين في كل مناطق الإنتفاضات هو الذي سيحقق آمال وأهداف الإنسان العربي؟؟؟ هل الإسلام السياسي هو من سيحقق العدالة الإجتماعية والمساواة التامة بين المواطنين لتنمو المواطنة نموا حقيقيا وطبيعيا في مجتمعات لم تعرف معناها لطول عصور الإستبداد السياسي الذي تحالف مع فقهاء الدين الذين عملوا خلال العقود الثلاثة الماضية على مصادرة حرية تفكير الإنسان العربي بما جعل إستبداده مزدوجا..

الجدل القائم الآن في لجنة صياغة الدستور المصري والذي أدى إلى إستقالة الناشطة الحقوقية الدكتورة منال الطيبي حول المواد الدستورية التي يتحايل على وجودها وعلى صياغتها الإخوان والذين يمثلون الأغلبية في هذه اللجنة.. يبقى المثل الواضح على أن تشدقهم بالدولة المدنية ليس إلا من قبيل التلاعب بالمعاني الحقيقية للكلمات.. وأن الدستور الذي يتم إعدادة سيرسخ لمفهوم الدولة الدينية في ديكتاتورية قد تفوق
الديكتاتوريات السابقه!

تقول الدكتورة منال بأن الدستور الذي يتم صياغتة سيتمخض عن دستور لا يختلف في مضمونة ولا موادة عن الدستور الذي قامت الإنتفاضة من أجل تغييرة.. بل قد يفوقة سوءا.. فبأغلبيتهم البرلمانية قام الإخوان بدمج الدين مع الدولة في كل المواد التي نوقشت داخل اللجنة.. حيث تدخّل التيار الديني وبقوة لفرضرأية وسيطرته في تغيير المادة الثانية لأسوأ مما كانت عليه.. لتحجيم حرية الرأي وحرية الصحافة والإبداع والنشر والمرأة والطفل.. وفقا لمنظورهم الخاص في تفسير الدين ووفق لآرائهم البشرية له..

أحلام أكرم
وأنهم قاموا بعملية تحايل حين رفضوا حذف المادة التي تنص على تجريم الإتجار في البشر.. وذلك لكييبقوا الباب مفتوحا للسماح بالزواج المبكر.. والذي rsquo;يّجّرم في القوانين الدولية على إعتبار انه جريمة إتجار..

وأضيف بإن ما رأيناه من تصريح الشيخ الدكتور ياسر البرهامي والذي هو أيضا عضو في اللجنة التأسيسية لصياغة الدستور, ومفاده بأنه وحيث أن الدين لم يحدد سنا واضحا لزواج الفتاة.. وعلية فبإستطاعة ( ولي الأمر وهذه من عندي لأنها منصوص عليها أيضا ) تزويجها في أي سن يراه مناسبا , لم لا يكون في التاسعة أو العاشرة ما دامت قادرة على المعاشرة الجنسية؟ يؤكد صحة ما تقولة الدكتورة منال الطيبي..

(تفسيره على أن هذا ما سيحميها من الوقوع في الخطيئة.. يذكرني بتبرير ملك اليمين أيضا على انه حماية للجارية وتعفيفا لها )...

ففي تقرير ذكرته الأستاذه عزة سليمان ( المنسقة الوطنية لمكافحة الإتجار في البشر ) قالت فيه أن مصر إحتلت المرتبة الثانية في قضية الإتجار بالفتيات الصغيرات تحت مسمى الزواج.. حيث يتم عقد الزواج لتفاجأ الصغيرة بعد سفرها مع الزوج المزعوم بأنه قد يجبرها على القيام بأعمال منافية للآداب وتتعارض مع عقد الزواج المبرم.. مما يجبرها في النهاية لإمتهان التسول أو الدعارة..

أعتقد أن إستقالة الدكتورة منال الطيبي لن تكون الوحيدة.. بل وأتمنى أن تتبعها إستقالات أخرى لتؤكد بأن المرأة المصرية والعربية بوجه عام لن تكون سلعة كما روّج لها الخطاب الإسلامي.. ولن تقبل بان تكون أقل من الرجل في كل حقوقها.. نعم من حق المرأة أن تطالب بالمساواة في كل حقوقها السياسية والمدنية..
وحتى بالمساواة بالميراث.. والملكية المشتركة.. والدية.. والشهادة..

إن ما يقوم به الإخوان من تبني أحكام الشريعة وفرضها على المختلفين دينيا ( الأقباط ) والذي رضي بعضهم بذلك ليتحرروا من رفض الكنيسة لموضوع الطلاق.. أدى إلى إنقسام بين الأقباط أنفسهم.. مابين مؤيد للإلتزام بحكم الشريعة الإسلامية وبين رافض لحكمي الشريعة والكنيسة وينادي بتطبيق مبدأ الزواج المدني متخلصا كليا من أي تسلّط ديني.

نعم فشل الإخوان في أهم إمتحان للديمقراطية.. وبعد أن تشدّقوا بأنهم سيقدّمون إسلاما معتدلا يساهم في نهوض وتحرير المرأة.. ليؤكدوا بأنهم يقدّموا حكما يعيد المرأة إلى عصر الجواري ويساهم في تفتيت المجتمع.. وخلق مجتمع ينتمي للعصور الغابرة و لا مجال فيه للحرية.ولا العدالة ولا المساواة..


منظمة بصيرة للحقوق الإنسانية