تصيبني الحيرة حينما أنظر الى أحوال بعض حكام الأنظمة العربية الذين يحكمون شعوبهم بالحديد والنار وبالقمع والإستبداد.أفكر مرات وأسال كرات، يا ترى هل أن حكامنا بشر مثلنا؟ تسري بعروقهم دماء مثل دمائنا،خلاياهم مثل خلايانا وتقوم بنفس وظائقها.

أحاسيسهم مثل أحاسيسنا،يشعرون بالآلام كما نشعر،يفجعون كما نفجع، يبكون كما نبكي،يفرحون كما نفرح؟؟.
هل هم يفكرون كما نفكر،في ماضيهم وفي حاضرهم ومستقبلهم؟.
هل يقرأون الكتب كما نقرأ؟ أم يكتفون بتقارير المخابرات وأجهزة الأمن؟.
هل يأكلون كما نأكل، أم تراهم حرموا على أنفسهم ما يشبه طعامنا quot; كل الطعام كان حلا لبني اسرائيل الا ما حرم اسرائيل على نفسهquot;. فأصبحوا يستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خيرquot;.

ثم..
هل يجالسون الآخرين كما نجالس إخواننا وأخواتنا وأقربائنا نسامرهم الحديث،نأخذ منهم ونعطي،نفهم منهم ويفهموننا؟.
هل يتابعون أحداث العالم وما يجري فيه،والقنوات الفضائية أصبحت تملأ بيوت الطين بالقرى النائية،أم تراهم يكتفون بالتلفزيون الرسمي وما تبثه من خزعبلات وأكاذيب وأراجيف بنشراتها اليومية بأنquot; دار السيد مامونةquot;؟.

هل يعرفون أحوال شعبهم كما نعرف نحن أسعار الطماطمquot; وما تنبت الارض من بقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلهاquot;؟.
هل يتابعون أحوال المساجبين وما تذيقهم أجهزة السلطة من صنوف العذاب والتنكيل، من قطع الألسن ونزع الأظافر والإجلاس على الخازوق، والإذابة بأحواض الأسيد؟.
ثم..

شيرزاد شيخاني

هل يشعرون بمعاناة المرأة التي تفقد زوجها المعيل لأطفالها العراة الجوعى، ومعاناة الأب المفجوع بإبنه الذي يقطع أزلامه رأسه بالساطور؟.
هل يعلمون بمحنة السكان عندما تنقطع عنهم المياه والكهرباء والمؤن، وتعز عليهم أرغفة الخبز الشعير أو أكياس الطحين؟.
هل يحسون بمعاناة عمال المساطر الذين يخرجون من بيوتهم فجرا باحثين عن عمل يسدون به رمق عيالهم، ويعودون الى بيوتهم خاليي الوفاض لأن أوضاع البلد مقلوبة ولا سبيل الى عمل أو كسب شريف؟.
هل هم بشر مثلنا؟ أم هم من طينة أخرى؟..

ثم..
هل أن عقولهم تميز بين ثورة الشعب الجائع التواق للكرامة والحرية والخلاص من الظلم والجور، وبين مثيري الشغب واللصوص والإرهابيين الذين يقتلون النفس من دون وجه حق لمجرد خلق الفتنة بين الشعوب؟.

هل أصابهم العمى عما يقترفه أزلامهم من جرائم وحشية تتحدث بها الركبان،من دك المدن بالمدافع والطائرات،وقتل الناس في الشوارع، وتدمير البيوت على رؤوس ساكنيها، وبث الرعب في صفوف العوائل بجرائم الإغتصاب وبقر البطون وذبح الأطفال من الوريد للوريد؟

هل أصابهم الطرش حتى لا يسمعون أنين الجوعى ودعاء المظلومين، وتصم اذانهم عن آهات الأمهات الثكالى،وكل وسائل الإعلام العالمية تنقل صراخهم وصياحهم حتى الى داخل غرف هؤلاء الحكام؟

يقال بأن طاغية دمشق نصب بغرفته الرئاسية ثمانية تلفزيونات تنقل إليه مباشرة أحداث سوريا لحظة بلحظة، وهذا دليل على أنه عارف بكل شيء.

ثم..
ما الذي يغري الإنسان أن يتمسك بسلطة تقوم على جماجم أبناء شعبه،وما نفع الإنسان إذا ربح العالم وخسر نفسه كما قال السيد المسيح؟.
كيف تسول نفس الحاكم أن يقتل فردا من شعبه الذي يدعي زورا وبهتانا أنه يمثله في السلطة؟. ومن الذي أوكله هذا الحق، والنفس بالنفس، ومن قتل نفسا وكأنه قتل الناس جميعا.
إذا سلمنا بدعاية السلطات الدكتاتورية بأن الطاغية إنما جاء الى السلطة منتخبا من شعبه، فهل يجب على هذا الحاكم أن يقتل شعبه، أم يفترض أن يكرمه ويرعاه ويحافظ عليه ويصون كرامته ويبني له مستقبلا أفضل؟.

هل وظيفة الحاكم هي قتل الشعب وتدمير المدن والقرى وتهديم البيوت على رؤوس ساكنيها، أم أن واجبه هو حمايته ودرء العدوان عنه والدفاع عن عرضه وأرضه وماله؟.
الشرائع السماوية والقوانين الوضعية تنص على أن قتل النفس بالنفس.quot; يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والانثى بالانثى quot; البقرة الآية 178.
والشريعة التوراتية تقول العين بالعين والسن بالسن.

والقانون في معظم دول العالم يعاقب قاتل النفس بالإعدام، فكيف بمن يقتل مئات وألوف؟.ولم أر أو أسمع أو أقرأ بأن هناك دولة بالعالم تستثني بقوانينها أي شخص حتى لو كان رئيسا للجمهورية من العقوبة القانونية إذا إرتكب جريمة قتل عن سابق إصرار وتصميم وترصد.ومن هذا المنطلق فإن الرئيس السوري بشار الأسد هو قاتل يجب أن يعاقب وفقا للقانون الذي لم يستثن أحدا..

حتى الحالات النادرة التي يجيز فيها القانون مبدأ الدفاع عن النفس،ولكن هذه الحالة بحد ذاتها لا تنطبق على طاغية دمشق،لأن العالم كله يعلم ويرى بأن أحدا لم يعتد عليه، ولم يهدده أحد من شعبه بالقتل، فعندما خرج الآلاف من شباب مدينة درعا للمطالبة بالتغيير الديمقراطي هتفوا قائلين quot; سلمية سلميةquot;.وأن من بادر بالقتل أولا هو الطاغية المجرم الذي يجب أن لا يفوت من العقاب.

ثم..
متى كان رؤوساء الدول أحرارا بقتل الناس،عندما يدوس الحاكم قبل غيره برجليه على القانون،ستحل عندها شريعة الغاب،فيأكل الرئيس القوي بسلطته وماله وأزلامه،الضعفاء من شعبه المجردين من وسائل الدفاع عن النفس. ولذلك يجب أن تكون هناك قوة مجتمعية ودولية تحاسب هؤلاء الطغاة وتجرهم من أكتافهم الى المحاكم الدولية العادلة.
بشار الأسد عندما أمر قواته وشبيحة نظامه بقتل الناس يكون هو الجاني الأول،حتى لو كان غيره ينفذ الجريمة، فإن هذا الغير لم يكن يقتل أحدا لو لم تأتيه الأوامر من رئيسه.
عندما يستخدم بشار الأسد طائراته ودباباته ومدافعه لقتل عشوائي لا يستثني طفلا أو إمرأة أو شيخا ضعيفا يكون قد إرتكب جرائمه بوحشية، والقانون يضاعف العقوبة في هذه الحالة.

ثم..
أن القانون العادل سوف لن يستثني بالطبع من أصبحوا أداة للجريمة،وأقصد بهم الضباط والأعوان وشبيحة النظام الذين سيلاقون نفس مصير أزلام صدام حسين طاغية العراق، سواء بتعليقهم على أعواد المشانق أو بالتهريء كالأسمال البالية داخل السجون المظلمة التي زجوا فيها أحرار سوريا لسنين طويلة، فويل للذين لا يخافون عقوبة السماء،ولا يرتدعون من عقوبة الأرض،ولات ساعة من مندم.

كان على طاغية دمشق أن يدرك جيدا قبل أن يطلق أول رصاصة الى صدور شعبه بأن مصيره لن يكون إلا بالقتل،وسوف لن تفيده المنافي الروسية أو الصينية غدا أو بعد غد إذا ما غادر سوريا بعد سقوط نظامه الحتمي، فالآباء المفجوعين والأمهات الثكالى سوف لن يسكتون عن هذه الجرائم البشعة التي ترتكب بحق أبنائهم وما أكثرهم اليوم في سوريا السائرة نحو الحرية والخلاص، وسيزدادون عددا، لأن الحرية لها ثمن، ولكن الثمرة ستكون يانعة عن قريب إن شاء الله، ويوم الحساب قادم، وذلك هو يوم الحصاد الأكبر..

[email protected]