النقد.. خيانة، والتعبير عن الرأي.. جريمة، وكل من يخالف ذلك فإنه يعرض نفسه لأشد العقوبات.
وهكذا، وجدنا أنفسنا في عالمنا العربي، نكرر ونجتر نفس الكلام ليل نهار عبر وسائطنا الإعلامية.
وبالطبع، فإن الذي تكتبه الصحف، وتلوكه الإذاعات، وتبثه التلفزيونات، هو دائماً عبارة عن تمجيد لتلك الإيجابيات التي تصنعها القيادات!!..
ولم يحدث قط في بلادنا أن رأينا موضوعاً يكتب، أو حواراً يدور في الإذاعة، أو مناقشة تجري عبر البث التلفزيوني وفيها نقد للدولة ولأعضائها، وكأنهم قد عُصموا من الخطأ!!..
إن العرب قد تحولوا إلى نكتة مضحكة على شفاه العالم الغربي والسبب: هو السلوك العربي، تضاف إليه عقدة عداء هذا العالم للعرب.
ولكن يبقى السلوك العربي هو العنصر الأساسي الذي يدفع العالم بمثقفيه، وأجهزة إعلامه، ومنظماته الكثيرة، وأوساطه المتعددة للسخرية من العرب والإستخفاف بكل ما يقولون ويعقلون ويفكرون.
bull;إن العالم الليبرالي، والغرب على وجه التحديد قد ألف الديموقراطية ومارسها زمناً طويلاً، حتى أصبح يعتبر حرية التفكير والتعبير كالماء والهواء، لا غنى عنهما لأي إنسان، ولا يتطلب الحصول عليهما أي عناء أو جهد.. ولذلك يُدهش عندما يسمع بأن هذا البلد أو ذاك من بلداننا العربية قد عاقب هذا الكاتب أو ذاك الأديب، لأنه عبر عن فكرة لا ترضي السلطة الحاكمة، أو كتب مقالاً انتقد فيه بعض الظواهر المرضية.. إن العالم المتقدم يضحك منا وعلينا، ونحن السبب في معظم الأحيان، إننا نشجعه على ذلك بتصرفاتا المختلفة وممارساتنا الشاذة وسلوكنا المهين.. كأننا لا نرى ماذا يحدث أمامنا في العالم وخاصةً هذه الأيام، حيث تتعرض أكبر إمبراطورية إعلامية في العالم يملكها مردوخ للمسائلات القانونية، بسبب التنصت على حريات الآخرين!!.. أما فضيحة أمريكا فيما نشره ويكيلكس فحدّث ولا حرج!!..
فإذا كنا جادين فعلاً في الدفاع عن كرامتنا، فما علينا إلا أن نتوقف عن الكثير من المهازل التي تعرض على المسرح العربي بصورة علنية، وفي مقدمتها مهزلة التفريق بين النقد والخيانة.. بين التعبير عن فكرة صغيرة والجريمة.. إنها المهزلة العربية الكبرى، فإن لم نردع أنفسنا عن إرتكاب هذه الحماقات، فإننا لن نستطيع أن نمنع العالم من الضحك على مهازلنا، وهي تعرض في كل يوم أمام العالم!!..