كتب أستاذنا المرحوم الدكتور عبد الرحمن بدوي كتاباً عن الشخصيات القلقة في الاسلام.. وبعد أن تابعت تعليقات القراء على بعض الموضوعات التي كتبتها، ترسخ في ذهني أن أكتب عن الشخصيات القلقة المسيحية، وهذا يقتضيني بعض الوقت كي أنجزه.. ولكن بما أن الأسلوب الذي كتبت به قصة انتحار أرنست همنغواي قد لقي صدىً عند القراء، بين محبذ ورافض، وهناك من غالى بإتهامي بالتزوير والتحريف، مع أن المقال لا يحتمل تزويراً ولا تحريفاً فهو نتيجة لقراءات مكثفة حول هذا الموضوع، واستخلصت منها ما كتبته..

أقول هذه المقدمة لأنني سأكتب لقراء إيلاف قصة انتحار أو قتل الممثلة (مارلين مونرو(..
bull; في لمعة من لمعات الكاتب الفرنسي بلزاك، كتب يقول:
quot;إن أسرار الاكتشافات العلمية سببها محاولة الرد على علامة استفهام في آخر جملة معينة.. وحكمة الكون كلها تكمن في كلمة (لماذا؟!)quot;..
فمن قتل مارين مونروا؟.. ولماذا؟
جان ماكريلي صحفي مختص في علم الإجرام، يجزم بعدم تصديق انتحار مارلين..
تُرى ما هي الملابسات التي اكتنفت موت تلك الممثلة الشهيرة..؟!
الإجابة الرسمية على السؤال تقول: إن مارلين مونرو قد انتحرت يوم الخامس من أغسطس عام 1962، وهذه المقولة تحيطها ظلال من الشك من كل جوانبها، فـ(مارلين) كما يجمع معظم من احتكّوا بها، لم يحدث أن تكلمت عن رغبتها في الانتحار.. ولم يكن في تصرفاتها ما يوحي بتلك النهاية، ويذكر ماكريلي:
quot;يوم كنت معها في أكابولكو، كانت في إجازة، جلَست على حافة حوض السباحة وأدلت بقدميها في المياه الزرقاء، وأخذت تهزهما في مرحٍ وسعادة، وهي تقول:
quot;أريد أن أنسى الماضي تماماً.. أريد أن أعيش حياتي الخاصة، لا تلك الحياة التي ترغمني عليها شركات السينما ومكاتب الدعاية.. أريد أن أعيش حياتي أنا، بأسلوبي أنا، وأن أحقق ذاتي!!.. أليس هذا من حقي؟!quot;..
كان هذا قبل وفاتها بشهر.. كان حديثها كله منصباً على المستقبل، كأنها أخيراً وجدت طريقها إلى ما يحقق أهداف حياتها.. وعندما تحدثت إلى إحدى صديقاتها عبر الهاتف، قالت لها:
quot;عندما أعود من إجازتي، ستجدينني مارلين مونرو جديدة.. نعم.. سألعب الدور الذي أريده، وليس ما يريده الآخرون ليquot;..
وقد كتب الصحفي وولتر وينشيل وهو من أصدقاء مارلين:
quot;أنا واثق أن مارلين لم تنتحر، فمن المستحيل جداً أن تنتحرquot;..
.. لكن تقرير الشرطة يقول: إنه حادث انتحار، وأنها ابتلعت (47) قرصاً من أقراص النومبتال..
لكن هناك أكثر من طعن وُجّه لتقرير الشرطة، وكذلك لتقرير الطبيب الشرعي، حيث كتبت إحدى صديقاتها تقول:
quot;كنت أزورها في دارها في منطقة برنتوود، وكانت عائدة لتوها من تصوير مشاهد في أحد أفلامها، فقالت لي:
quot;أنا متعبة جداً يا جين، وأحس بصداع شديد في رأسيquot;..
فنصحتُها أن تأخذ قرصاً مهدئاً، فقالت:
quot; لا أحب أن أتعاطى المهدئات أبداً، رغم أن طبيبي قد نصحني باستخدامها إلا أنني لم أطعه في ذلك لسبب بسيط هو أنني أجد صعوبة في بلعها، ثم أخذت تبحث عن أقراص الأسبيرين، ثم عادت إلى الصالون ومعها قرصان منه، وإذا بها فعلاً تجد صعوبة بالغة في ابتلاع القرصين، لدرجة أنها شربت كوبين كاملين من الماء كي يسهل عليها ابتلاعهما، ثم قالت لي وهي تضحك:
quot;لو أنني استخدم الخمر لابتلاع قرصي أسبيرين لترنحت من فرط ما أشربquot;..
bull; فتقرير الشرطة الذي يشير إلى أن مارلين مونرو قد ابتلعت (47) قرصاً من أقراص النومبتال، مثير للعجب!!.. والأعجب منه أنهم لم يجدوا قرب فراشها أي إناء للماء، ولا دورق، ولا كوب!!.. فـ مارلين التي احتست كوبين من الماء لابتلاع قرصين من الأسبيرين، كم تحتاج من الماء لكي تبتلع (47) قرصاً؟!!..
bull; وما نُشر في ذلك اليوم: إنه في الساعة 4:30 من صباح (5) أغسطس اتصل الدكتور جرينسون بإدارة شرطة لوس أنجيلوس، وأبلغ الملازم كليمنز: أن مارلين مونرو قد انتحرت، ويرجوهم الحضور بسرعة إلى (305) شارع هيلينا درايف في منطقة برنت وود.. وبعد معاينة الجثة استمع الملازم كليمنز إلى مسز مورى - خادمة مارلين - حيث قالت: quot;قرب منتصف الليل، رأيت النور تحت باب غرفة نوم مارلين.. أردت أن أسألها عن سبب أرقها، ولكني وجدت الباب مغلقاً بالمفتاح من الداخل، فاستبد بي القلق، واتصلت بالدكتور جرينسون الذي حضر مع زميله انجلبرجquot;..
bull; كتب الملازم كليمنز ملاحظات في تقريره أكد فيها على أن وضع الجثة على الفراش يدل على أنها نُقلت من المكان الذي حدثت فيه الوفاة، وهناك شيء آخر قد أثار شكوكه يتعلق بالتوقيت، فالخادمة قالت أنها اتصلت بالدكتور جرينسون حوالي منتصف الليل، فإذا افترضنا أنه وصل بعد المكالمة بنصف ساعة، فلماذا لم يتصل بمركز الشرطة إلا في الساعة 4:30؟!!.. تُرى ماذا حدث خلال الساعات الأربع بين وصوله وبين الاتصال بمركز الشرطة؟!!.. ومما قاله الملازم كليمنز أيضاً:
quot;إنني أعددت طائفة من الأسئلة كنت سأتوجه بها إلى الدكتور في مركز
الشرطة.. ولكن لم يلبث مدير المركز السيد باركر، أن انتحى بي جانباً وقال لي: المطلوب منك أن تكتب تقريراً عما رأيت وسمعت!!.. أما التحقيق فهو من اختصاصي أنا شخصياً.. وهذا أمر!!.. وامتثلت للأوامر، وقدمت التقرير الذي اختفى لمدة يومين، ثم ظهر بحروف طباعة غير تلك التي كنت قد طبعته فيها، ووجدت فيه كلاماً مخالفاً لما كتبت.. فهذه الجملة: (وجدت مارلين مونرو ميتة في فراشها يوم (5/8/1962)، ومن المحتمل أن تكون الوفاة قضاءً وقدر بسبب تناول جرعة قاتلة من أقراص النومبتال).. فأنا لم أكتب هذا الكلام في تقريري الأصلي لأنني استبعدت حدث الانتحار لعدم وجود أكواب أو دورق ما قرب الفراش، كما أشرت في تقريري إلى تخشّب الجثة، مما يدل على وقوع الوفاة قبل أربع ساعات من استدعائي!!
bull; وهناك ما هو أهم من هذا وذاك، فلقد تبيّن أن زجاجة النومبتال تستوعب (25) قرصاً فقط، بينما تقرير مدير الشرطة السيد باركر، وتقرير الطبيب الشرعي، يؤكدان أنها تعاطت (47) قرصاً، فأين الزجاجة الثانية؟!.
ومما جاء في تقرير طبيبها الخاص جرينسون: أن مارلين مونرو حاولت الانتحار لعدة مرات، وكانت تفشل، وعلى ما يبدو أنها قد نجحت في محاولتها الأخيرة في (5) أغسطس.
bull; أمام الكثير من التناقضات والملابسات التي اكتنفت موت مارلين مونرو، كتب الصحفي جان كريلي:
quot; أنا واثق أن مارلين مونرو قد قُتلت!!، أما من يقف وراء تلك الجريمة البشعة فلا يمكنني تحديد ملامحه!!quot;
وقد طُرح أكثر من سؤال حول عدم القيام بتشريح جثة مارلين لإثبات وجود مادة النومبتال فيها، ما داموا قد أجمعوا على أنها ابتلعت (47) قرصاً عن طريق الفم، ولكن هذا لم يحدث!!
bull; إذاً فمن قتل مارلين مونرو؟!.. ولماذا؟!
العديد من المؤلفات التي كُتبت عنها، تكاد أن تشكك في عملية انتحارها، وقد ربط البعض بين أسباب موتها، وبين علاقات كانت تربطها بسياسيين كبار، وعلى درجة من الأهمية، ولكن هناك إجماع في كل ما كتب عن مارلين مونرو أنها قد توقفت وهي في قمة مجدها، والبعض يرى أن في هذا تخليد لذكراها.. ولكن السؤال لا زال مطروحاً:
من قتل مارلين مونرو؟!.. ولماذا؟!.. بعد أكثر من أربعة عقود على موتها!!
***