شاهدت فيلم أسامة قبل عدة سنوات.. وبرغم إسم الفيلم الذي يوحي بأنه عن الملعون دنيا وآخرة أسامه بن لادن إلا أن الفيلم لم يتطرق بكلمة واحدة عنه.. لم تكن لدي فكرة واضحه عن أفغانستان آنذاك.. وإن كنت من المتابعات لأحكام الطالبان فيما يخص المرأة بالتحديد كنت أتساءل في كل مرة أقرأ فيها خبرا جديدا على إقامة حد على المرأة لماذا.. وعلى أي أساس وشريعة يستندون في احكامهم تلك...ثم شاهدت الفيلم الذي بيّن من خلال كل مشهد فيه ماذا تعني المرأة في نظر من يعتقدوا أنهم متدينون. وحاملي لواء الإسلام الصحيح.. لم أهتم كثيرا حين فجروا تمثال بوذا برغم توسلات اليونسكو وغيرها من المنظمات الدولية لحماية الآثار.. ولكني بكيت حين شاهدت الفيلم.. بكيت حين رأيت كيف تحرم المرأة من التعليم الأمر الذي ذكرني بأفكار الشيخ حسن البنا عن تعليم المرأة والذي يعتقد بأن المرأة ليست بحاجة إلى التعليم أكثر من كيفية إدارة المنزل والطبيخ للسيد.. كيف تحرم من العمل الشريف بينما يرضون لها التسول.كل ما في الفيلم أثار فضولي لأتقصى بعد ذلك عن أفغانستان ماذا كانت قبل وصول الطالبان إلى الحكم.. و كيف أصبحت.. والذي ومن خلال فيلم ستار اكاديمي أفغانستاني بيّن كيف كانت المرأة جزء من مجتمع منفتح.. متطور.. تأخذ حقها من التعليم. ولها رأي في الزواج وفي الحياة الإجتماعية.. وتعرّفت أكثر من خلال كتابات وقصص العديد من الكتاب الأفغانيين ومتابعة الأخبار التي لا يمر يوم يخلو فيه من أخبار القتل.. و العمليات الجهادية الإنتحارية.. والظلم للمرأة.. ما حدث مع الطفله quot;quot;ملالا يوسفزايquot;quot; الفتاة الباكستانية ذات الأربعة عشرة ربيعا.. والتي ومن خلال ما كانت تدونه على موقعها الأكتروني نجحت في تحريض الفتيات وإقناع الأهالي باهمية التعليم كسلاح يقي المرأة عثرات الحياة.. منذ أن كانت في الحادية عشرة نجحت في نشر الأمل والنور من خلال ما كانت تدونه من مذكرات تنشرها بمختلف الطرق ضد مساعي الحركة التي نحجت في جعل وجودها في منطقة سوات الباكستانية شبه مشروع.. والتي كانت تمنع الفتيات من التعليم وأغلقت مدارسهن لأن التعليم ( حسب فكرها ) يتعارض ومبادىء الإسلام ولم يخلق للفتيات.... ملالا تحدت فكرهم حين قالت بأنها لا ترفض الجلوس على الأرض لتلقي التعليم.. لأن هذا التعليم لا يتوقف بين جدران المدرسة.. وتعلمت سريا في البيت.. عملية إغتيال ملالا قد تحدث لأي فتاة في أي دوله ينتشر فيها فكر التعصب والتطرف وتقتل روح المرأة.. تتشدق بتطبيق تعاليم الدين.. في أي حزب يعتقد أنه المخول بصلاحية من الخالق ليطبق ما يفسّره هو شخصيا على أنه كلمة الخالق.. أيضا... ترك مليون ونصف إمرأة عراقية تتسول في الشارع.. أو تمتهن الدعارة لسد جوع أطفالها بينما تشتري الحكومة العراقية صفقة طائرات حربية بمليار دولار.. هو المشين في أي حكومة لا تسد رمق مواطنيها.. وتحرم أنثاها من الحق في الحياة الكريمة وتتشدق بأنها تعمل وتشتري هذه الأسلحة لحماية المواطن.. محاولة قتل ملالا.. هي محاولة قتل مجتمع عليه وحده تقع مسؤولية المناداة بحق الفتاة في الحياة وفي التعليم وفي المساواة.. مسؤولية كل رجل يخشى على مستقبل إبنته.. أخته.. زوجته.. وأمه التي قد تصبح ملالا الثانية... وهو ما لن يرتضية كل فقهاء الدين لأن المساواة تعني تهديد كل مكتسباتهم الذكورية..
إلى أن سقط حكم الطالبان بعد دخول القوات الأميركية.. وأعتقد جازمة بأن سقوطهم لا يعتبر إنتصارا للقوات الأميركية لأن فكرهم الذي يتطابق مع فكر القاعدة.. وفكر المتطرفين الإسلاميين في كل مكان لم يتوارى ولم rsquo;يدفن بعد وهو أخطر من آلتهم العسكرية....
إلى أن نجحت القوات الباكستانية في إعادة السيطرة على منطقتها ( سوات ) وهزمت فلول الطالبان العسكرية حينها فقط rsquo;عرف من هي هذه الفتاة... ملالا.. ولكن وجود فكرهم ووجود من يؤيد هذا الفكر هم من حاول إغتيال ملالا.. إسكات صوت الحق.. ودفنة إلى الأبد ليبقوا في ظلامهم في منطقة rsquo;تعتبر الأكثر تخلّفا وتشددا دينيا.. ربما في كل العالم الإسلامي.. وعندما دخل إثنان منهم إلى باص المدرسة وسألوا عنها بالتحديد ووقفت لتقي بقية الفتيات ما ينتظرها عاجلها المجرمان عن عمد وسبق إصرار بالطلقات النارية من رشاش.. وأصابوها.. الطلقة الأولى في الرأس.. والأخرى في طرف العنق.. ولكنها لم تمت..!!
ملالا.. إعتبرها متطرفي طالبان تتشبه بالعقلية الغربية.. لأنها معجبة بالرئيس ألأميركي أوباما.. ومعجبة بالديمقراطية والحياة الأمريكية.. أرادوا تكميمها لأنها أصبحت املا ونورا وملاذا للعديد من الفتيات.. فمن خلال موقعها الأكتروني بثت فيهن أملا للحياة.. في مستقبل يشعرن فية بالمساواة وبالكرامة.. من خلال الحصول على تعليم يؤهلهن للحياة عن طريق العمل الشريف..
محاولة قتل ملالا لم تكن إلا لإخراسها..لأنها أصبحت شمعة تستلهم منها الفتيات بصيص من نور وأمل.. وزرع الخوف في قلوب العائلات التي تريد تعليم بناتهم..
والآن وبعد مرور ما يقرب من العشرة أعوام على التخلص من حكمهم في أفغانستان.. نشاهد أثر فكرهم في كل المناطق الإسلامية.. التفكير المتطرف العقيم الذي يزداد سودا وعقما يوما بعد يوم وقد يظلل المنطقة العربية إن rsquo;سمح له وإن لم rsquo;يحجّم بأسرع ما يمكن.. جدالات البرلمانات العربية التي ومنذ الإنتفاضات لم تخرج بأي خطة للتنمية ولإستيعاب البطالة.. ولتحسين وضع الإنسان العربي. و إقتصرت على الجدل.. في تحديد سن الزواج.. وإباحة زواج القاصرات.. وختان الأنثى.. وتعدد الزوجات.. وتسعلا لإخراج دستور مجلل بالمبادىء الدينية يتناقض مع نفسه بين مادة وأخرى مما قد يقودنا إلى طالبان اخرى.. وrsquo;أخر. ستبدأ بدستور غامض يستطيع لي إعناق كل الآيات.. وتفسيرها بإزدواجية بما يتناسب مع تفكيرهم ومنطقهم في كل الأمور مما سيؤدي إلى قوانين تخضع للكثير من الإزدواجية وسيتعثر تطبيق أي من القوانين لإختلاف التأويلات لتنتج مجتمعا يحفل بمتناقضات قانونية تنتج مجتمعا فوضويا أسؤا مما كان ومماهو موجود وستنتهي بظلام مجتمعي سيمحو أي أثر للنور خلال سنوات بسيطة..
ولكن وإن لم يتصدى لهم جميع فئات المجتمع فإن هذا يعني جريمة مؤقتة في حق كل مواطن..
فهل حرمان المرأة من التعليم ومن كل الحقوق هو ما يقوله الشرع حقا؟؟
منظمة بصيرة للحقوق الإنسانية
- آخر تحديث :
التعليقات