توقفت quot;الحياةquot; بتاريخ 11 الجاري لدى تقرير الاستخبارات الأميركية حول ما هو متوقع حدوثه خلال ال18 عاما المقبلة. ومع أننا لم نر التقرير نفسه، لكن تلخيص quot;الحياةquot; له يلقي ضوءا ما على خط تفكير وتحليل الإدارة الأميركية نفسها، ودور سياساتها هي نفسها في المسارات القادمة.
التقرير يرى، وهو محق هنا، أن النووي الإيراني سيرسم مستقبل الشرق الأوسط، استقرارا أو عدم استقرار. كما يتوقع quot;نهاية الإرهاب الإسلاميquot;، وإمكان ظهور دول quot;أكثر اعتدالا وديمقراطيةquot; في المنطقة؛ وعالميا، يتوقع أن تأخذ آسيا دفة قيادة العالم من أميركا وأوروبا.
إذا كان التقرير محقا في تقييم دور المشروع النووي الإيراني في تطورات المنطقة، فإنه يفتح أبواب الأمل في قيام quot; نظام أكثر لبرالية في إيرانquot; سيعنى بالتحديث ويتخلى عن مشروع القنبلة، مما يؤدي لإلغاء العقوبات واستقرار المنطقة!! هكذا دوما نحن أمام تفاؤلات أوباما الملائكية! فالتقرير يعكس روح ونهج سياسات أوباما نحو إيران:، نفس التفاؤل العقيم، ونفس سياسة اليد الممدودة التي ستؤدي هي بالذات للقنبلة والتعايش معها. وهو ما أكدناه مرارا. إن التقرير يسرد ما يتوقع حدوثه وكأنه ليس للسياسة الأميركية والسياسات الدولية عامة دورا في تحديد مسار الأحداث القادمة، ولكن تنبؤاته مبنية بالضبط على دور سياسات الإدارة الأميركية، سواء في الشرق الأوسط أو في آسيا. ولعل من المدهش تنبؤ التقرير باحتمال quot; نهاية الإرهاب الإسلاميquot;، بينما نرى اتساع رقعة عمليات ونشاطات القاعدة طولا وعرضا. والمدهش أيضا انه، بينما تقع المنطقة بين فكي الإسلاميين- من إخوان وسلفيين وقاعديين وخمينيين- فإنه يتوقع قيام أنظمة أكثر اعتدالا وديمقراطية. ترى على أي أساس هذه التوقعات المتفائلة جدا؟! أي سحر هذا الذي سيحول سياسات إيران إيجابيا؟ وأية معجزة هذه التي ستنتشل المنطقة العربية من براثن الظلامية الإسلامية في الوقت الذي لعبت فيه الولايات المتحدة نفسها دورا كبيرا في صعود الإخوان، ولا دليل على تراجعها عن هذه السياسة؟ سيقال إن المقصود هو توقعات عن فترة زمنية طويلة، يمكن أن تأتي بما ليس على البال أصلا. ربما يحدث شيء من هذا، ومفاجآت التاريخ غير قليلة .ولكن ألا نريد فهم الأسس والمعايير والمعطيات التي سمحت بهذه الاستنتاجات؟ إن علينا عدم غض النظر عما نراه أمام أعيننا من مسار الأحداث، سواء عن السياسات الإيرانية وعواقبها، أو خطط ونشطات وأهداف التنظيم العالمي للإخوان المسلمين، المتحالفين مع السلفيين، بل وحتى مع إيران [في هذا الظرف أو ذاك]. فما يمكن توقعه خلال المستقبل غير البعيد هو إصرار إيران على مشروعها النووي، مع طرح معضلة توقيت تصنيع القنبلة للمساومة مع الولايات المتحدة: quot;أطلقوا يدي في المنطقة، ولا تعارضوا حقي في التخصيب بالنسب التي أريدها، مقابل تأجيل تصنيع السلاح النووي.quot; بل ربما المساومة لاحقا على عدم استخدامها بعد التصنيع. وإذا صحت الأنباء عن عروض أميركية مغرية لإيران، فمعنى ذلك أنها ستزداد تدخلا في شؤون الآخرين، ليُترك أهل المنطقة الآخرون، لاسيما الخليجيين، أمام الابتزاز الإيراني الدائم. وما يمكن أن يقلل من الغلواء الإيرانية هو احتمال سقوط النظام الأسدي خلال العام المقبل.
هذه كلمة سريعة بانتظار الاطلاع على التقرير المذكور.