تحالف القوى الفلسطينية، صيغة جبهوية يطلق عليها أيضاً اسم تحالف الفصائل العشرة. أعلن عن قيامه عبر مؤتمر صحفي عقدته الفصائل الفلسطينية في مقر الخالصة، التابع للجبهة الشعبية/القيادة العامة في مخيم اليرموك، وذلك بعد فترة وجيزة من توقيع اتفاق أوسلو في 13/9/ 1993، ومن موقع المعارضة لمسار التسوية التي انطلقت من مدريد عام 1991.
يتكون التحالف بشكل أساسي من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين- القيادة العامة، جبهة النضال الشعبي الفلسطيني (جناح خالد عبد المجيد)، منظمة الصاعقة (طلائع حرب التحرير الشعبية)، الحزب الشيوعي الفلسطيني الثوري، الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، حركة فتح الانتفاضة، جبهة التحرير الفلسطينية (جناح أبو نضال الأشقر).
إضافة إلى حركتي المقاومة الإسلامية (حماس) والجهاد الإسلامي في فلسطين، وما لبثت أن خرجت كل من الجبهتين الشعبية والديمقراطية من التحالف عام 1998. وتراجعت صيغة التحالف مع انطلاقة الانتفاضة الثانية في 28/9/2000، وتوحد القوى الفلسطينية في إطار القيادة الوطنية الموحدة للانتفاضة.
بيان هذه القوى مؤخراً كان ولا يزال يصدر من قبل أمين سرها (خالد عبد المجيد) من دمشق كلما طرأ طارئ في الملف الفلسطيني، لكن خروج قيادات التنظيمات الفلسطينية من دمشق، وفي مقدمتهم حركتي حماس والجهاد الإسلامي، جعل من الفصائل المتبقية، والتي يضاف إليها في بعض الأحيان حزب البعث العربي الاشتراكي- القيادة القطرية لفلسطين، مجرد فصائل هامشية لا يعدو دورها إصدار بيانات موسمية في كل حدث فلسطيني، أو استغلال الصوت الفلسطيني الموقع على كل بيان لتمرير مواقف سياسية مؤيدة ومنحازة إلى أحد الأطراف في الأزمة السورية.
لم يقم تحالف القوى الفلسطينية المهيمن عليه من قبل (القيادة العامة) وتنظيم فتح الانتفاضة خلال الأزمة السورية بأي عمل إغاثي داخل المخيمات الفلسطينية، بل اكتفى التنظيم الأكبر (القيادة العامة) بتشكيل لجان شعبية لحماية المخيمات من أتون الأزمة السورية وquot;هجمات المسلحين الإرهابيةquot;، كما كانت تصفهم في بياناتها، إلا أن معظم الفصائل ذات الوزن داخل التحالف، كحماس والجهاد الإسلامي، فضلوا الاهتمام بالجانب الإغاثي من خلال مؤسساتهم المنتشرة في المخيمات، وخدمة النازحين السوريين، ولم يلتفتوا إلى حواجز جبريل التي قطعت أوصال المخيمات، وتعاملت مع الفلسطيني قبل السوري النازح، بفجاجة وصلت في كثير من الأحيان إلى حد الاستهداف والتعرض الجسدي لمجرد الاشتباه بالمظهر أو الموقف، وارتفعت الأصوات شاكية quot;ظلم ذوي القربىquot; من قبل كثير من الفصائل واللاجئين الفلسطينيين من ممارسات عناصر القيادة العامة التي كانت تثير الاحتقان في نفوس سكان المخيمات الفلسطينية، وبالذات مخيم اليرموك.
انفرط عقد اللجان الشعبية أو quot;حواجز جبريلquot;، كما يحلو لأهالي المخيمات تسميتهم، وجر ذلك على أهل مخيم اليرموك ومخيم فلسطين قصفاً جوياً لإسناد العناصر المندحرة والتي حوصرت بين فكي كماشة مسلحي الحجر الأسود والتضامن، وراجت معلومات عن هروب جبريل، وهو لم يكن يقطن اليرموك أصلاً، إلى خارج دمشق مع ابنه باتجاه طرطوس، بل ومحاولته الخروج إلى لبنان لولا منع السلطات السورية، وهي كلها شائعات لم يتم التأكد منها بعد، لكن الحدث الأهم في سياق الحدث الفلسطيني كان إصرار مسؤول الإعلام في القيادة العامة، أنور رجا، على إصدار بيانات التأييد والولاء للنظام السوري، رغم قصف المخيمات، ورغم البيان الذي أصدرته الجبهة في الداخل (حسام عرفات) والذي طالب فيه بمحاسبة الفاعلين، وحمل النظام السوري مسؤولية قصف مخيم اليرموك، ما أنذر بانشقاق داخل الجبهة، بعد الانشقاق الذي أعلن عنه قبيل انفراط عقد اللجان الشعبية التابعة لها، تحت مسمى (القيادة الحرة) نظير القيادة العامة.
كل الفصائل الفلسطينية (المحترمة)، إن جاز لنا التعبير، كفتح وحماس والجهاد الإسلامي والجبهتان الشعبية والديمقراطية، أدانت قصف المخيم، وطالبت بتحييده عن الأزمة السورية، في مواقف ترتفع تارة وتنخفض تارة أخرى بين الفصائل ذاتها، إلا تحالف القوى الفلسطينية العتيد، فإنه بدل أن يمثل إرادة شعبه اللاجئ للمرة الثانية بعد نزوحه عن مخيم اليرموك، فضل التأكيد على عقيدة quot;الولاءquot; للنظام، وquot;البراءquot; من أي بيان أو خبر يفيد تراجعه عن مواقفه.
والحال أن هامشية التمثيل التي تعرفها فصائل التحالف في دمشق، ودعوة الجميع إلى توحيد المرجعية الفلسطينية في منظمة التحرير وتفعيل أركانها، سوف تفضي لا محالة إلى انفراط عقد أحزاب وفصائل لا يعدو تمثيلها أصابع اليد الواحدة، ولا تمتلك من القرار والسياسة والنفوذ ما هو خارج عن مكاتبها المستأجرة أو الموهوبة في دمشق، فيما يبقى أن حالة النزوح الفلسطيني التي يعرفها مخيم اليرموك تستدعي حساً وطنياً تضامنياً أكبر مما جرى، لا أن نكتفي من المشهد بالنأي بالنفس فقط، والامتناع عن تقديم العون لمن نزحوا بحجة عدم التدخل في الشأن السوري، فيما تصطلي المخيمات الفلسطينية بلهيب الأزمة السورية، شئنا أم أبينا.
.... كاتب وباحث
[email protected]
التعليقات