لتجنب موجبات و أسباب السقوط يحاول النظام السوري تجنب مصيره الحتمي من خلال اللجوء لمقاربات تبتدأ من العنف المفرط والتقتيل الشامل وتنتهي بإنتظار تبني خيارات توفيقية وإصلاحية مثيرة للسخرية كحكاية الدستور السوري الجديد الذي لم يتذكره النظام إلا في ساعة الحشر ،وبعد أن أمتشق فرسان البعث السوري المندحر السيف الدمشقي البتار لقطع رؤوس الشعب الحر و لنشر الموت في كل المدن السورية ، الدستور السوري الجديد الذي يأتي في وقت النظام الضايع جاء خاليا من حكاية المادة الثامنة من الدستور السابق و التي تنص على قيادة حزب البعث للدولة و المجتمع وهو في النهاية إجتثاث لحزب البعث و إلغاء لدوره السطحي و إعتراف حقيقي من النظام بأن حزب البعث بإطاره الهيكلي العام و بقيادتيه القومية و القطرية ليس سوى إطار فارغ يخفي تحت شعاراته المنتهية الصلاحية هيمنة سلطوية عائلية و طائفية مطلقة تتمضمض بإسم الحزب و شعاراته و تمارس النصب الثوري مع إستهلاك حكاية الصمود و الممانعة و التصدي و الصمود الستراتيجي المزعوم.
حزب البعث كحزب سياسي إنتهى دوره فعليا في الحياة السياسية العربية منذ يوم 23 شباط / فبراير 1966 حينما إنقلب ضباط اللجنة العسكرية للحزب على القيادة الحزبية و الرئاسية و قاموا بإنقلابهم الدموي ذو الأبعاد الطائفية المعروفة والذي جاء بحفنة من صغار الضباط المحدودي القدرات و المرتبطين أساسا بأجندات خارجية ليمارسوا لعبة الموت الدموية و ليكرسوا تدمير الوطن السوري عبر الهزيمة العسكرية المذلة و التي باع حافظ أسد خلالها الجولان للإسرائيليين أيام كان وزيرا للدفاع في حرب الساعات الستة عام 1967 ، فقد ذهبت هضبة الجولان المنيعة كقربان رخيص من أجل يقاء نظام البعث بشكله الطائفي في السلطة في الشام ! فصراع الرفاق المحتدم لم يكن يسمح أبدا للجيش السوري بأن يحافظ على الأرض و العرض و الكرامة بل على النظام السياسي المهترأ فقط وهو المهم ودخلت سوريا في مرحلة عصيبة من الصراعات الشخصية بين القيادات الطائفية المتناحرة إنتهت بإبهاد ما كان يسمى حزب البعث من الصورة تماما رغم وجود إسم البعث كتميمة للسلطة و إيقونه لها !! إلا أن الواقع كان يؤشر بحقائق ميدانية مختلفة بالمرة فقد لعبت بلطجة الضباط دورها في التصفيات الداخلية وتوجت بهيمنة خط و جماعة حافظ الأسد على السلطة نهائيا عام 1970 و الإبعاد الكامل لخط صلاح جديد و ماخوس و الأتاسي ومحمد عمران لينفرد وزير الدفاع الفاشل حافظ أسد بالسلطة ويحولها لدوقية وراثية تحت صهيل التقدم و الإشتراكية و البعث القائد!! وجميعها كما نعلم مجرد حالات من الصهيل الثوري المزيف فالبعث قد ذهب لذمة التاريخ و مابقي منه مجرد شعارات فارغة تصلح في العرض في متحف التاريخ فقط لا غير ، فالقائد المؤسس ميشيل عفلق غادر للبرازيل معتزلا العمل السياسي قبل أن يغريه الرفاق الإنقلابيين في العراق للعودة ليعيش في بغداد ويتابع المجازر البعثية الداخلية وهو شبه أسير حتى مات عام 1989 منهيا حقبة فشل كبيرة ومؤلمة ، وبقية الرفاق القياديين تشتتوا فالدكتور منيف الرزاز صاحب كتاب التجربة المرة والقيادي المرموق في القيادة القومية إحتجزه صدام حسين تحت الإقامة و الإعتقال حتى مات بغموض أما الرفيق شبلي العيسمي الذي ترك البعث وأيامه السوداء فقد ترك بغداد ليخطفه الرفاق في دمشق وهو في شيخوخته من لبنان ليكون رمزا من رموز الحالة المأساوية لحزب البعث الذي تحول لخرقة بالية في دمشق تحت قيادة عبد الله الأحمر الذي إختفى صوته وغابت صورته بالكامل عن الأحداث الأخيرة ، وقيام بشار في محاولته للحفاظ على السلطة بإبعاد البعث من دستوره الجديد ليس سوى تكريس فعلي لحقيقة موت حزب البعث النهائي وخروجه التام من مسرح التاريخ و الأحداث ، والطريف إن النظام السوري كان قد باع البعثيين العراقيين اللاجئين للشام والمرتبطين بالمخابرات السورية لخصومهم جماعة حزب الدعوة في العراق أملا في المساعدة المادية واللوجستية من العراق!! إذن عن أي حزب و أي بعث يتحدث الرفاق في الشام... لقد تلاشى البعث من مسرح التاريخ بعد أن ظل لعقود طويلة ممسجة لنظام قاتل و مجرم لا يعترف إلا بالموت و القتل كثمن للبقاء ، وسيواجه النظام السوري حكم التاريخ الصارم... أما البعث فقد ودعه الرفاق منذ عام 1966؟ فعن أي دستور يتحدث الهراطقة في الشام
التعليقات