استفاق المصريون علي صباح مرور أول عام علي ثورتهم ليجدوا دماء مازالت تسيل، مجازر وانتهاكات لاتتوقف، طلقات الخرطوش التي يطلقها رجال الشرطة مازالت تصم فرقعاتها الأسماع،مستمرة في خرق أجساد المصريين وفقأ عيون الشباب.
بدل أن يستنشق الناس في عيد الثورة أريج زهور النصر الممزوجة بعبير الحرية، راحو مرة أخري يستنشقون روائح قنابل الغازات البغيضة التي مافتئت تملأ سماء القاهرة دخاناً خانقاً يتتابع في موجات متتالية ما أن تهدأ حتي تبدأ.
خيبة الأمل تعاظمت في نفوس المصريين بعد مرور عام علي إندلاع ثورتهم البيضاء، وهم لايزالون علي طريق ما قبل الثورة يحصون أرواح شهداء، ويستمعون الي نحيب أمهات ثكالي،ويتطلعون ذات اليمن وذات اليسارـ فلا يجدون مغانم ثورة تدخل الفرحة علي القلوب ولا أدني ماطالبوا به من شعارات يرجُون فيها العدالة الإجتماعية والعيش الكريم حتي يهدأ بال الناس وتطمئن قلوبهم، بل غير ذلك وجدو أن فلول النظام السابق مازالوا يصولون ويجولون ينشرون التدمير والخراب ويحيكون المؤامرات ويصنعون الفتن، فلا رادع لهم ولا متصدي، بل حتي من آلت إليهم دفة الحكم في مصر وقفوا عاجزين شاهرين فشلهم وخيبتهم عن كشف كل محاولات وئد الثورة المصرية التي غلفت الموقف الحالي بالضبابية وعدم الوضوح، بل أدي ذلك الي مزيد من الغموض عندما أصروا علي ان الطرف الثالث أو اللهو الخفي هو المسئول عن تعثر الثورة المصرية!.
لقد كشفت مجزرة بورسعيد التي راح ضحيتها 74 شاباً يافعاً من شباب مسالم كان يستمتع بمبارة كرة قدم عن مدى تخبط من يديرون دفة الحكم في مصر ومدي ضعفهم وإفتقارهم لوجود رؤية ثاقبة لمصر ما بعد الثورة،أو توافر معاونين لديهم يتمتعون بدرجة من الذكاء والفهم السياسي لمعاونتهم علي إدارة البلاد في تلك المرحلة التي تنتقل مصر فيها من أحط عصورها الي حيث عصور الإنطلاق والتقدم، لقد كشفت تلك الجريمة البشعة عن اسوأ إدارة يمكن ان تدير بها بلد وهل هناك اسوأ من مرور كل تلك الأيام دون الكشف عن مرتكبي الجريمة حتي الآن؟ ليضف بذلك حكام البلاد الي سجل خيبتهم خيبة جديدة تمثلت في ذلك الوهن والضعف والشلل العقلي الذي لايستطيعون معه القبض علي مرتكبي جريمة سيظل التاريخ يربطها بهم وبعهدهم!
هل هناك في مصر ممن يديرون البلاد في الوقت الراهن من لديه بالفعل القدرة والشجاعة علي كشف أدوار فلول النظام السابق؟ وتسمية الأحداث بأسماء مرتكبيها؟
إن جريمة بور سعيد التي إقشعرت لها الأبدان ويندي لها الجبين خجلاً وعاراً من هكذا خسة ونذالةـ لن يرحم التاريخ صانعيها وكل من تلطخت يده بتلك الجريمة، إن حكام البلاد من العسكر وأعضاء مجلس الشعب المصري مطالبون بسرعة الكشف عن تلك الجريمة، فهي من الأولويات التي تسبق أولوية الدخول في جدل عن مدي رفع الصلاة في جلسة مجلس الشعب او في المسجد الملحق بالمجلس، ذلك الجدل الذي أصاب غالبية المصريين بالتشاؤم من عقلية نواب الشعب في مرحلة ما بعد الثورة اللذين اصبح خطاب البعض منهم يفضح نواياهم وتوجهاتهم التي هي ليست بعيدة عن نواب الحزب الوطني سئ السمعة في الوصول فقط للكرسي من أجل المصلحة الخاصة وليس من أجل المصلحة العامة،فحتي الأن لايفهم مدي تمسكهم بالحكم العسكري؟ وهل هم مع الثورة ام ضدها؟ وما هو صالح الأمة التي يمثلونها في كل هذا الإنحناء أامام المجلس العسكري الذي لايستطيع حكم البلاد، وهذا بالطبع انتقاد لايعيبه فهو لا يقع في اختصاصة الذي وجد من اجله.
[email protected]
التعليقات