ما يميز لبنان اليوم عن سائر الدول المجاورة انقسامه الى طوائف ومذاهب عدة لا تبدأ بالمسيحية والاسلامية ولا تنتهي بزواريب المذاهب من موارنة وروم ارثودوكس وشيعة وسنة ودروز.

جرت محاولات سابقة لالغاء الطائفية السياسية في لبنان باءت جميعها بالفشل، كما وُضعت قوانين عدة لالغائها بقيت حبرًا على ورق.
من منا لا يذكر مشروع الوزير السابق زياد بارود حول الطائفة ال19،اي طائفة القانون العادي الذي يسري على الجميع، من دون ان ننسى المادة 95 من الدستور اللبناني بعد الطائف التي نادت بالغاء الطائفة السياسية في بلد مشكلته الاساسية الطوائف ذاتها.

مرورًا بمحاولات رئيس المجلس النيابي نبيه بري العديدة في مجال اقرار الغاء الطائفية السياسية في لبنان.
ان المتتبع لمسار محاولات الغاء الطائفية السياسية في لبنان لا بد له من ان يدرك بان الامر يجب ان يتدرج العمل بتنفيذه بدءًا من النصوص وصولاً الى النفوس، ويتطلب الامر ورشة وطنية شاملة في المدارس والجامعات وداخل البيوت، لان الطائفية متأصلة ومتجذرة في المجتمع اللبناني منذ القدم.

وينقسم الرأي العام اللبناني بين مؤيد لالغاء الطائفية السياسية في لبنان وبين معترض على الغائها، فبينما يرى المؤيدون لإلغائها انها تزيد المحسوبية وتثير النعرات الطائفية كما تزيد من حدة التعصب الديني، مرورًا بدورها في تقليل الحس الوطني، يؤكدون انها عامل اساسي في جعل الاحزاب في لبنان من لون واحد، ويكفي برأيهم ان نلقي نظرة موضوعية الى مجتمعنا اللبناني حيث الطائفية تزداد يومًا بعد يوم، وتختفي الوطنية على حساب تكتلات طائفية اكثر ما تظهر في الاحزاب التي بمجملها من لون وطائفة واحدة.

ويرى من يقف في الجهة المعاكسة لهذا الرأي بان الغاء الطائفية السياسية تضر بالاقليات في لبنان خصوصًا بالمسيحيين، حيث لا تعد حقوقهم مضمونة كما كانت في السابق، ويعللون صعوبة الغائها كونها مرسخة في النفوس وبالتالي من المستحيل ازالتها بين ليلة وضحاها، ويبررون ذلك بوجود أطماع سياسية واقتصادية تقف اليوم سدًا منيعًا في وجه الغاء الطائفية السياسية في لبنان.

هذا الموضوع بحد ذاته هو مثار جدل، ويبقى كذلك، حتى لو كنت مع الذين يريدون الغاء الطائفية السياسية في لبنان كشعار جميل ورنان، هناك شرط لذلك من اجل الوصول فقط الى دولة مدنية كما هو الحال في تركيا، ويجب لذلك فصل الدين عن الدولة والا يكون البديل لالغائها دولة مدنية في الظاهر اما في الحقيقة فدولة دينية تطغى عليها.

ويبقى القول ان جدلية الغاء الطائفية السياسة قائمة وستبقى في لبنان، لانها راسخة في ادق تفاصيل حياتنا وتحتاج الى عمل وجهد كبيرين كي تتناسى الطوائف طوائفها وتنصهر في بوتقة دولة القانون.