لعل واحدة من أهم محاولات إختراق الحالة السياسية الراهنة في الكويت في ظل الموسم الإنتخابي الحالي لمجلس الأمة الكويتي البرلمان ) و الذي يأتي توقيته في زمن عربي صعب، حيث الثورات الشعبية، و الإنتفاضات الجماهيرية، وحراك الربيع العربي المستمر منذ عام كامل و الذي أفرز متغيرات حاسمة ومفصلية بل تاريخية في بعض الدول العربية كمصر وتونس و ليبيا واليمن، بينما تقف دول أخرى على قائمة الإنتظار و بتكلفة دموية عالية كما هو الحال مع نظام الحكم السوري مثلا، الذي ذهب بعيدا في تحدي إرادة شعبه، وأرتكب من المجازر الدموية الشنيعة و بما هو متناسب و سيرة وتاريخ هذا النظام المفرطة في دمويتها و التي لاتعرف أنصاف الحلول، ولا تلوك سوى بعبارات التآمر الدولي و غيرها من العبارات الفاقدة لمصداقيتها وواقعيتها، الكويت كانت ولا زالت بمثابة مرآة عاكسة لأوضاع العالم العربي، وهي منذ إنطلاقتها عام 1961 كانت عنوانا ميدانيا لأي تحرك عربي، و مساهماتها القومية واضحة في صفحات التاريخ السياسي الحديث للشرق الأوسط.

ولا تنفصل الحالة الداخلية في الكويت أبدا عن أحوال العالم العربي بل أنها مرتبطة به إرتباط السوار بالمعصم، وتلك بديهية ستراتيجية للوضع الكويتي رغم المتغيرات البنيوية الكبيرة التي أعقبت الغزو العراقي عام 1990 ثم تحرير الكويت عام 1991، إلا أن هوية الكويت العربية و توجهاتها القومية ظلت على الدوام العنوان الشامل للسياسة و الأمن و الدبلوماسية الكويتية، تصاعد المشاحنات الداخلية في الكويت أدى لأزمة سياسية خانقة إستدعت اللجوء للدستور و حل مجلس الأمة حلا دستوريا إقتضى معه إعادة تنظيم إنتخابات جديدة للمجلس حرصت الحكومة على أن تكون إنتخابات شفافة ومن دون أية عناصر تهييج أو إثارة لا تستلزمها الظروف و لا يستدعيها الموقف في هذا الوقت العصيب تحديدا وحيث تطرح رؤى وسيناريوهات عديدة تمس أمن و سلامة و مستقبل الكويت و المنطقة بشكل عام خصوصا في ظل تصاعد نيران أزمة إيران مع نفسها و مع دول الجوار و مع العالم ككل وأشباح المواجهة العسكرية المحتملة في الخليج العربي ومضيق هرمز وصولا لمسلسل التدخلات الإيرانية الفظة في دول المنطقة وتحديدا في مملكة البحرين التي تتعرض لهجمة إيرانية مدعومة من وكلاء داخليين للنظام الإيراني وبهدف فرض ملفات سياسية و آيديولوجية معينة تستهدف في النهاية ضرب الوحدة الخليجية و إجهاض مجلس التعاون الخليجي تمهيدا لإسقاط الأنظمة الخليجية و تلك عملية ليست بجديدة بالمرة بل أنها مفضوحة و مكشوفة منذ عقود، خصوصا و أن الوضع المتأزم في العراق بسبب الهيمنة الإيرانية المطلقة ووصول الأحزاب الإيرانية الولاء للسلطة في العراق قد جعل من عملية إدارة ملفات الصراع في المنطقة من أصعب الأمور...

وإرتباطا بما تقدم من حيثيات وعوامل فإن لإنتخابات البرلمان الكويتي صدى ووقع خاص لدى العديد من الدوائر الإقليمية التي تحاول إستغلال الديمقراطية الكويتية والإنفتاح الكويتي المعهود لتمارس عملية تسلل سياسي وأمني معروفة الغايات والأهداف و النتائج لممارسة دور ما أو تأثير ما على كواليس السلطة في الخليج العربي، لذلك فقد لاحظنا مثلا أن اللوبي السوري / الإيراني قد طرح مرشحيه وخصوصا أن بعض المرشحين لهم علاقات عمل واسعة ومعروفة ومفضوحة بالكامل مع نظام المخابرات السورية وأوراقهم مكشوفة بالكامل أمام الملأ، يضاف لذلك كله دورهم التخريبي الكبير في الخليج العربي عبر مساندة جماعات التخريب البحرينية المدعومة إيرانيا ودعوتهم من خلال التجمعات التي عقدت في العراق تحديدا و تحت ظل الأحزاب الطائفية الإيرانية العراقية لإسقاط مملكة البحرين و نظامها الدستوري و الشرعي لصالح المشروع الإيراني و بشكل علني وفج وصريح تجاوز حدود الوقاحة؟ فهل يمكن لبرلمان الكويت أن يتحمل أو يضم عناصرا من هذا النوع.

وهل يتناسب هذا الموقف مع ممارسات نائب برلماني كويتي قومي و محترم وهو النائب السابق علي سالم الدقباسي رئيس البرلمان العربي الذي وقف بشراسة و شموخ وإباء عربي وهو يتحدى النظام السوري المجرم و يفضحه في المحافل البرلمانية الدولية و ينتصر لحق الشعب السوري المطلق في نيل حريته، مع مشروع فاشي و إرهابي لمرشحين شحنتهم المخابرات السورية و الإيرانية، بكل تأكيد فإن الناخب الكويتي يمتلك من الفطنة و الحكمة والدراية ما يجعل أحلام أولئك التابعين للولي الفقيه أو للواء أبو وائل تتحول لكوابيس و إن دخولهم للبرلمان الكويتي هو أشبه تماما بحلم إبليس بدخول الجنة!!.. و لن يخيب أهل الكويت الرجاء، فلننتظر و نرى.

[email protected]