تنامت الدعوات المختلفة، لحل البرلمان العراقي والعودة لانتخابات جديدة، قد تفرز خارطة سياسية تحقق الهدوء للخراك السياسي في العراق. وتمكن من تشكيل حكومة وطنية قوية. ولعل من ابرز من نادى بهذا المقترح وبشكل فوري كان اعضاء في الكتلة العراقية واعضاء في التيار الصدري وكاحتمال طرحها الاستاذ مسعود البارازاني رئيس اقليم كوردستان. من الواضح اننا لسنا سائرين الى الانتخابات فورا، وذلك لان الكتلة التيار الصدري (الاحرار) والكتلة العراقية بمفردهما لايمكنهما حل البرلمان. ولكن اتساع التاييد لهذا الحل في حالة فشل التحركات الحالية، والتي ترمي لايجاد حل لمعضلة السيد طارق الهاشمي، يعني ان على جميع الاطراف الاستعداد لما قد يحدث. ويعد الانتصار السياسي في التمكن من فرض وحدة الشعب بمختلف تسمياته، وفرض ادراج حق الحكم الذاتي في مسودة دستور اقليم كوردستان سابقة جيدة، ولكن هذا الانجاز لم ياخذ مداه الى التطبيق، لان الاخوة في اقليم كوردستان وضعوا المسودة في الادراج وتناسوها ولم يطرحوها للاستفتاء الشعبي لتكتسب الشرعية. ضمن ما يطالب به شعبنا وقيادته السياسية هو ضمان اقامة محافظة تضم كل مكونات منطقة سهل نينوى والتي تضم اقضية الحمدانية وتلكيف ومناطق اخرى. لكي يتمكن شعبنا والازيديون والشبك من ادارة امورهم بانفسهم وتنشيط المنطقة اقتصاديا وبناءها بعد ان تركت مهملة لسنوات طويلة. وكذلك للمحافظة على الموروث الحضاري من قيم ولغة وتراث وتطلع. الا ان قوى ومنها محافظ الموصل وشقيقه رئيس البرلمان وقفوا بالضد من هذا المطلب المحق، بحجة ان هذا المطلب انفصالي في الوقت الذي يطالبون هم لاقامة اقليم فيدرالي في محافظة نينوى. مطلب شعبنا يواجه عقبات كثيرة، ولعل اكبر هذه العقبات هو الصراع الدائر بين القوى الكبرى، لالتهام اكبر قدر من الحصة، وبالتالي فان وضع ومصير شعبنا والازيدية والشبك غير مهم الان لدى هذه القوى، لا بل هو الهاء لهم عن مهامهم المقدسة في قضم اكبر ما يمكن من الحصة. والعقبة الاخرى هي عدم ادراك الكثيرين ان التقسيم الاداري هو وتصغير حجم الوحدات الادارية هو تعزيز لفرص المشاركة في القرار السياسي، وتعزيز لروح المواطنة، من خلال الشعور بالامن والحرية والمساواة مع الاخرين. لا بل ان الاصرار على هضم حقوق الناس من خلال تهميشهم مما يدفعهم اكثر واكثر نحو الانعزال عن المشاركة السياسية و اللامبالاة بالوطن وبمستقبله، ولعل تجربة العراق القاسية خلال تسعون سنة من وجود البلد، كافية لتمنحنا الدروس والعبر. ان بعض الخطوات التي اتخذت وتتخذ، باعتقادنا هي استباق الامور لمرحلة الانتخابات القادمة. فبعض الاطراف السياسية والكنيسة تهئ نفسها للانتخابات من خلال الخطوات التي تتخذها، ولعل قيام احد الاحزاب بنشر تصريحات محددة وقيامه بخطوات انفرادية يعني انه يدرك ان الانتخابات قد تقوم في اي وقت قريب، ولان له الان اكثرية من الكوتة، فهو لا يريد تقاسمها مع اي جهة اخرى. ومن جانب اخر ان الهجوم الغيرالمبرر والعالي النغمة الذي ابتدأته قيادة احد كنائس شعبنا ضد هذا الطرف بالذات، يعني انها تريد الدخوزل في معركة كسر عظم معه، حتى لو كان الشعب هو الضحية. فمن خلال الهجوم الغير المنطقي، تريد الكنيسة ان تقول انها موجودة في الساحة وصوتها لا يزال عالي وممكن ان ينسمع. ولكن رد الشعب كان ترديد المثل العراقي (ابوي ما يكدر الا على امي). خلال المرحلة الماضية والممتدة من 2003 واللى 2010 لم يقر الطرف السياسي الفاعل بان شعبنا يتعرض للاضطهاد لاسباب قومية ودينية، لا بل تم نشر والادلاء بتصريحات مستفزة لمعاناة شعبنا من خلال القول ان ابناء شعبنا يخرجون للسياحة والاصطياف او ان مطالبة قوانا السياسية بالحكم الذاتي هو مطلب عنصري شوفيني، اما الكنيسة التي تحاول منافسة الطرف السياسي، فقد ظلت ساكتة عن تعرض المئات من دور العبادة المسيحية واغلبها يعود بناءها الى ما قبل الف عام للهدم والتدمير واغلب قرى شعبنا ابان فترة الحكومات العراقية المتعاقبة من زمن عبد الكريم قاسم ولحد قيام النظام البعثي بازالة العشرات من قرى شعبنا من الوجود، بكل مافيها وحتى الاشجار المثمرة ومنابع المياه وسواقي توزيعها. ولعل اطرف تفسير لهجرة ابناء شعبنا وتشتته في اصقاع العالم هو ما قالته قيادة الكنيسة اياها من ان الهجرة هي بسبب من ان النسوان يفرضن ذلك على الرجال، وهذا يدل على مدى القدرة على التفكير السليم والاستنتاج المنطقي والدفع باتجاه المعالجة التي لدى هذه القيادة. ولعل من المفارقات الكبيرة التي تؤخذ على الطرفين وقيادة الطرفين بالاخص، هي ان زعيمي الطرف السياسي والكنسي هم اكثر من صرح بمتناقضات كثيرة اثرت على شعبنا سلبا، فمرة هم مع ا الشعب واحد، ومرة تحريم ان يقوم احد بقبول التسمية الاخرى كتسمية له، هذا بالاظافة الى اتهامات الطرف السياسي لكل قوانا السياسية بمختلف التهم، واليوم هو يجالسهم ويتحاور معاهم. ان معركة كسر العظم الحالية، قد تدمر وتشتت شعبنا وقواه اكثر واكثر، ان لم نتدارك الامور ونضع الية صحيحة وسليمة كاولية، تستند على بناء ثقة تفيد الشعب وتجعله يشعر ان الاطراف السياسية صارت بمستوى المسؤولية، بحيث انها خلقت ارضية مناسبة لتحقيق التكاتف الشعبي. وخصوصا ان استلام السيد نجيرفان البارازاني لرئاسة الحكومة، سيعيد قوة اطراف سياسية اعتقد البعض انها ضعفت. من هنا فان الاتفاق على الية معينة للترشيح للانتخابات امر ضروري. وباعتقادي ان الترشيح ضمن قائمتين متنافستين وضمن نفس التشكيل اي تجمع تنظيمات ومؤسسات شعبنا اي القوى المؤيدة لوحدة شعبنا. امر يمكن ان يبعدنا عن التنافس التناحري وخصوصا لو توفرت للقائمتين نفس الفرصة من الاعلام والدعاية ومن خلال كلا المحطتين التلفزيونيتين اشور وعشتار. احدى القائمتين تظم الحركة الديمقراطية الاشورية والحزب الوطني الاشوري والمنبر الديمقراطي الكلداني، والقائمة الثانية تظم المجلس الشعبي وحزب بيت نهرين الديمقراطي والمجلس القومي الكلداني كمثال وليس بالضرورة التطبيق الحرفي. وبالتاكيد ستكون هناك قائمة اخرى تخص الانفصاليين واصحاب الاجندات المشبوهة.
رغم الضربات المتتالية التي انصبت علي الاشوريون (الكلدان السريان الاشوريين)، فقد ظلوا مشتتين بين قوى سياسية مختلفة، وتحكم بهم صراع تناحري بسبب التاريخ لا يخدم اي طرف. بالاضافة الى الصراع الحزبي القائم، هذين الصراعين وما لحق بهم من ضربات الارهاب من اطراف متعددة، جعلت قواهم تضعف رويدا رويدا، مما اضطر قسم كبير منهم للخروج من العراق.
يقال رب ضارة نافعة، وهذا ما تأملناه بعد الضربة الموجعة في كنيسة سيدة النجاة التي حدثت قبل حوالي عام من الان، ولكن النفع كان قليلا ولم يتطور، فالتأم الاحزاب والتنظيمات وبعض المؤسسات في تجمع احزاب ومؤسسات شعبنا الكلداني السرياني الاشوري، ان حقق شيئا ما، وحد من الصراع الحزبي التناحري، الا ان نتأجه كانت قليلة ومحدودة على مستوى ترسيخ الحقوق المشروعة لشعبنا وضرورة مساواته مع بقية مكونات العراق القومية.
ما تحقق من وحدة شكلية بين مؤسسات شعبنا الاشوري، هو نتيجة مباشرة لصرخة الشعب بعد جريمة كنيسة سيدة النجاة، ولكن هذه الوحدة التي لم تتمكن ان تتحول الى شكل مؤسساتي، يبغي تحقيق اكبر ما يمكن من مصالح الشعب. وامام الدعوات لاجراء اتخابات جديدة، خوفنا هو ان ينفرط العقد وتتفكك التشكيلة، جراء الحسابات الشخصية والحزبية، مما يعيدنا الى المربع الاول. واذا كانت المطالبة بالوحدة الاندماجية امر مستبعد لاسباب معروفة، الا ان وضع اليه للترشيح تبقي على وحدة الصف امر مطلوب وبسرعة. البعض من ساستنا يستحلون اللحظة الاخيرة، لانه يدرك انه من خلال الدقائق الاخيرة يمكن ان يفرض ما يشاء، دون النظر الى النتائج النهائية لمثل هذه المواقف وبالاخص الثقة المفقودة والتي تؤدي الى نتائج كارثية.
- آخر تحديث :
التعليقات