الحديث عن انفصال الكورد وتأسيس دولة ليس بالجديد، فمنذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة، ومع بداية مطالبة الكورد بحقوقهم المشروعة داخل العراق، وهم متهمون بالانفصالية وتمزيق الوحدة الوطنية وتهديد الامن القومي العربي ناهيك عن الاتهام بالعمالة والخيانه وما الى ذلك من اتهامات.

اليوم وبعد مضي قرابة تسعة عقود على تأسيس العراق الحديث نتيجة الاتفاق بين الحلفاء المنتصرين بعد الحرب العالميه الاولى، يبدوا ان الساسه العرب في العراق، هم الذين يدعون الى الانفصال وتمزيق الوحده الوطنيه وتهديد الامن القومي العربي كنتيجة حتميه للسياسه الطائفيه التي يمارسونها.

الكورد هم الذين نادوا بالتاخي العربي الكوردي وصاغوا اهم شعاراتهم في مرحلة الكفاح الوطني ضد الاستعمار البريطاني ( على صخرة التاخي العربي الكوردي تتحطم مؤامرات الاستعمار ) انطلاقا من الايمان بهذا التاخي وفعاليته.

الكورد في ثورتهم للدفاع عن النفس ضد الحكومات العراقيه المتعاقبه،هم الذين صاغوا الشعار الرئيسي للثوره وهو ( الديموقراطيه للعراق والحكم الذاتي لكوردستان ).
الكورد هم الذين اختاروا الفيدراليه والاتحاد الاختياري والبقاء داخل الاسره العراقيه عندما سنحت لهم الفرصه للخروج في اعقاب انتفاضة عام 1991.
الكورد لا يزالون اوفياء للعراق وشعبه مع انه حتى بعد سقوط النظام الدكتاتوري لا تزال الكثير من مطاليبهم الاساسيه لم تنفذ، وهم اليوم يبذلون جهودهم لانقاذ العراق والعراقيين من مغبة السياسات الطائفيه الخطيره للسلطه.

تسعون عاما والكورد يناضلون من اجل الديموقراطيه وحقوقهم المشروعه دون ان يفكروا بالانفصال وتمزيق وحدة العراق رغم كل المأسي والمظالم التي عاشوها، ولكن بعض الاطراف العربيه والطائفيه منها بشكل خاص، في اول ازمه سياسيه، تمضي قدما في الاجهاز على ما يمكن تسميته بالبقيه الباقيه من الوحده الوطنيه العراقيه.
ان تمسك واصرار الاحزاب الطائفيه والمذهبيه على الغاء الهويه الوطنيه لصالح الهويه الطائفيه، يؤدي ولا شك الى تمزيق البلد وتهديد الامن الاستراتيجي العربي حقيقة، لا كما كان يردد الذين اتهموا الكورد و اثبت التأريخ زيف كل تلك الادعاءات السقيمه.

في مثل هكذا ظروف وتوجهات وصراعات عبثيه وإصرار على إلغاء الشراكة في صنع القرار والتفرد بالسلطه والانتقائيه في اللجوء الى الدستور والتوجه الحثيث نحو تمزيق اللحمه الوطنيه وربما الحرب الاهليه، أليس صحيحا ان يقال بان الساسه العرب في السلطه هم انفصاليون بإمتياز دون ان نوجه لهم تهمة الخيانة والعمالة لايران وتركيا وامريكا واسرائيل.

لقد ان الاوان ان يفكر الساسه العراقيون بعقد اجتماعي جديد يضمن المساواة التامه في الحقوق والواجبات لكل مكونات الشعب العراقي بعيدا عن إستغلال الدين والمذهب والطائفه والقومية والعنصر، فمع السياسه الحاليه التي تنتهجها السلطه هناك نهاية واحده فقط لا غير وهي نهاية الدولة العراقيه التي لن يكون الكورد مسؤولين عنها وانما من يقود السلطه بعقلية الغاء الاخرين في وطن غني بتنوعه القومي والمذهبي.

bull;كاتب عراقي
bull;[email protected]