يصر أوردغان على ارتداء لباس البطولة والمنقذ والرمز، لانه يعرف جيدا ان الشعوب العربية تعشق البطولات الورقية وتذوب في الظواهر الصوتية وتترك اللب وتركض وراء القشور، لذلك صفقت هذه الشعوب بقوة هائلة لمسرحية اوردغان وهو يترك القاعة منفعلا مع الرئيس الاسرائيلي بيريز وكتبت هذه الشعوب قصائد الاعجاب والهيام ليس لحبيباتهم او بلدانهم بل لاوردغان لانه تحول من المسرح النظري لابو زيد الهلالي الى المسرح العملي لنفس الهلالي وذلك حينما ارسل باخرة تحمل مساعدات مزعومة لغزة وحدث ماحدث بعدها. وفات على هولاء جميعا ان تمثيلة اوردغان في حلقتها الاولى وهو يغادر القاعة وفي جزئها الثاني وهو يرسل القافلة البحرية كان يرافقها ومازال افضل العلاقات التركية الاسرائيلية على الاطلاق منذ عقود طويلة، وانه في الوقت الذي كان quot; يهوس quot; في القاعة وعمرو موسى الامين السابق للجامعة التي تسمى quot; عربية quot; يصفق له! بنفس هذا الوقت كانت ومازالت الطائرات الصهيونية المقاتلة تجوب الاجواء التركية في كل الاتجاهات كتمرين يومي على مدى خمسة ايام في الاسبوع ولاكثر من 40 ساعة طيران حربي فقط في الاسبوع الواحد!! ومع ذلك اوردغان بطل مغوار في نظر هذا الشعب العربي المسكين في كل شيء من جوعه وتخلفه وحتى تخمته وعلمه النادر. وما ان انطلقت الاحداث في سورية الا وظهر وجه اوردغان العثماني الذي ينتمي الى سلالة مراد الرابع وسليمان القانوني تلك السلالة التي بطشت بالامة ووطنت التخلف المزمن بها حتى يومنا هذا. وتصور المسكين بان الامور في سورية مضمونة النتائج له ولتوابعه من دول المجهر العربي هذه الدول التي مازلت تبحث عن أب ولو بالتبني !! لكن درات الاشهر واذا بالنتائج السورية تشكل لهم مصدر أرق وارتباك كبيرين لم يعد ينفع معها التهويل الاعلامي ولاالتصريحات النارية من اوردغان والتي انطلقت في بداية الازمة فرجع منكسرا خاسئا مهزوما. اما اخر صيحات اوردغان العثمانية فظهرت اتجاه العراق وعلى الخصوص اتجاه الحكومة العراقية الوطنية المنتخبة، وكانت هذه التصريحات لاتنتمي الى أصول العلاقة بين دولتين ولا الى العلاقة بين الجيران ولاتنتمي الى خانة الكياسة الشخصية او العلاقات الدبلوماسية بين الدول بل هي تدخل اكبر من سافر مع تغير حرف quot; الراء quot; وهي صلافة غير معهودة بين الدول وهي صفاقة شخصية غريبة وهي نكتة مسخة في عالمنا الحالي. فلقد صرح نصا quot; بان الوضع في العراق مقلق وانهم لايمكن ان يسكتوا بخصوص قضية الهاشمي ومعه العيساوي! وان تركيا لن تقف مكتوفة الايدي متفرجة اتجاه استهداف السنة في العراق!quot; اضافة الى الكثير من الخزعبلات الفاضحة والصارخة. طبعا الاعلام العربي كعادته اخذ من هذا الخطاب مايدعم خططه الطائفية في استهداف العراق وتجاهل هذا الاعلام الطبل حجم الكارثة وجوهرها التي نطق بها اوردغان وكانه الامر الناهي وما على الاخرين الاالتنفيذ، وكم كان فاضحا لو شاءت الصدف وصرح الرئيس الايراني احمد نجاد بنفس المستوى لكن باتجاهات طائفية اخرى، حينها لقامت الدنيا ولم تقعد في اعلام الطبل العربي ولتحركت الجامعة بكل قواها المنخورة لتدين هذا التصريح النجادي ولاجتمع مجلس التعاون الخليجي على وجه السرعة فقط ليضيف فقرة الى بياناته التقليدية الروتينية لتدين هذا التصريح المفترض، لكن لان التصريح جاء من الاوردغاني فلقد خرس الجميع وكان على قلوبهم مثل الماء البارد الزلال. ان اوردغان يضع نفسه في مأزق حقيقي وهو يدس أنفه الطائفي في الواقع العراقي، ومن علامات هذا المأزق فان هذا الانف لن يرجع سالما معافيا من العراق، وثم كان الاجدر به الاعتراف بجرائم اجداده العثمانيين بحق الارمن وايضا جرائم تركيا التاريخية بحق الاكراد وليس اخرها ماقامت به طائرات جيش اوردغان بقصف قرويين اكراد والبطش بهم صغارا وكبارا نساء ورجال. كما على اوردغان وطالما يتكلم مع العراق بنفس ومفردات عثمانية طائفية فان ذلك يشكل استحقاق تاريخي للعراقيين بان يتقدم اوردغان بالاعتذار للشعب العراقي عن الاحتلال العثماني الذي طال اكثر من اربعة قرون ظالمة سوداء كالحة ومتخلفة وطائفية مازالنا كبلد وكشعب ندفع ثمنها حتى يومنا هذا، مما يستوجب دفع تعويضات مالية كبيرة الى العراق. واذا كان الهاشمي ارتضى بان يكون ارودغان والمروج له والمدافع عنه في الساحة العراقية، فان الاكيد بان عموم العراقيين لايقبلون بمثل هكذا خزعبلات اوردغانية طائفية ان تنشر سمومها في العراق ويجب ان يكون الرد الرسمي والشعبي واضح وصريح اتجاه هكذا تدخلات صارخة، كما يجب التصدي لهذا الانف الطائفي المدسوس بما لايقبل أدنى شك عند صاحبه بان العراق عاد الى أهله وأن عقارب الساعة لن تعود الى الوراء وأن الف اوردغان ومثله أغلو ومراد الرابع وكل جيوش الانكشارية الجديدة لن تستطيع تغير هذا الواقع الانساني والدستوري والديمقراطي، فارجع الى بابك العالي الذي لم يعد عاليا يااوردغان.
- آخر تحديث :
التعليقات