بعد أن حصدت الاحزاب السياسية ذات المرجعية الدينية أغلبية المقاعد فى الإنتخابات البرلمانية 2011فى مراحلها الثلاثة ماهو المشهد الآن لرؤية مستقبل مصر.
سؤال مطروح الآن على الساحة؟

أعتقد أن آليات القهر وإحكام القبضة التى كان يتبناها النظام البائد ليدعم تواجده كان يعتمد على ما يتمتع به الأمن من وسائل قمعية يستخدمها ضد المواطنين حيث كان الأمن مسؤليته الأولى بل والوحيدة هى حماية النظام.وبالرغم من الوسائل القمعية التى كان يتبعها النظام البائد وزرع الفتنة والوقيعة بين جناحى الأمة للحفاظ على تواجده وبالرغم من طريقته القمعية فى إدارة شئون البلاد.إلا أن ذلك كان أهون بكثير وأخف وطأة من النظام الذى ستتبعه أحزاب الإسلام السياسى فى إدارة شئون البلاد.

وبالرغم من كل آليات القمع والترويع التى كان يتبناها النظام البائد للسيطرة على الحكم.
إلا أن ذلك لم يفلح عندما إتحد الشعب وقام بثورته التى تحدث عنها العالم كله إستطاع الشعب أن يسقط هذا النظام الذى كان لديه من آليات القمع والقهر مايحمى أى نظام إلا أنه سقط امام إرادة الشعب سقط نظام ظل جاثما على الحكم طيلة ثلاثون عاما.

والآن أصبح من المؤكد أننا ذاهبون لنظام جديد يحل محل النظام البائد نظام يمتلك فيه تيارالإسلام السياسى لزمام الأموربعد زحفهم بأغلبية ساحقة للبرلمان.
وهؤلاء لديهم من الوسائل والطرق القمعية ماهو أشد وأخطر مما كان لنظام مبارك مما ينجم عنه تأخر مصر لسنين عديدة.

فقد شجع النظام البائد بعض من هذه التيارات الدينية ولم يحاربها لأنه وجد فيها ضالته حيث أن مبادىء هذه التيارات تحرم الخروج على الحاكم. فلم تقم الدولة ببذل الجهد لوقف انتشار هذا الفكر فى أوساط المسلمين والذى يعرف بإسم الفكر السلفي.

ولم تتمكن الدولة بالرغم من القوانين الاستثنائية التى استخدمتها ضد التيارات الدينية الأخرى من القضاء عليها.بل زادت تواجدها وتوغلها داخل الدولة.

وقد تمكنت هذه التيارات الدينية من طبقات الشعب الفقيرة وارست مبدأ الحلال والحرام وسط هذه الطبقات.

فأصبحت ثقافة هذه الطبقات التى تمثل غالبية ساحقة ثقافة دينية وحلت هذه الثقافة محل الثقافة السياسية والوطنية.

وبعد إكتساح التيار الدينى للإنتخابات البرلمانية أصبح له دور سياسي وبدأ فى نشر مبادئه الدينية من أهمها الخروج على الحاكم حرام وأن من يختلف معهم فهو مختلف مع الله ويصبح كافرا.

فقد كان النظام البائد بالرغم من آليات القهر التى كان يتبعها كان هناك معارضون له.


أما من سيختلف مع هذه التيارات الدينية فهو كافر.إما أن يرجع إلى رشده أو تصفيته فهو عدو لله.

وكان من آليات القمع التى إستخدمها هذا التيار أن ربط الصندوق الإنتخابى بالحلال والحرام معتمدين على عدم وعى الشعب بأبجديات السياسة ومستغلين الفقر المدقع الذى يعيش فيه أغلبية الشعب.

فأصبحت الإنتخابات بدلا من أن تكون صراعا سياسيا جعلوها صراعا بين مسجد وكنيسة فمن إختارهم ضمن الجنة ومن لم يختارهم فهو لايريد شرع الله.

كما إستغل هذا التيار فقر غالبية الشعب فبدأوا فى سد بعض من إحتياجات هذه الطبقة الفقيرة قبل الانتخابات والتى يطلق عليها الرشاوى الإنتخابية.

فوجدنا أنفسنا أمام حزب وطنى جديد كان يسلك هذا السلوك غير أن التيارات الدينية أرست مبدأ الحلال والحرام وأرست مبدأ حرمة الإختلاف وهذا أشد وطأة وخطورة من ذى قبل.

الآن نجد أنفسنا أمام نظام قمعى جديد أشد خطورة من نظام مبارك. فحين ثرنا ضد مبارك كنا نثور ضد بشر.

أما الآن فلو ثرنا ضد هؤلاء فإننا نثور ضد الله.وبالتالى فنحن من وجهة نظرهم كفار ومرتدون لأننا إختلفنا مع الله ويسهل قهرنا.

وأخيرا أجد أن مستقبل مصر فى ظل النظام الجديد سيكون أشد قمعا من النظام البائد.
حيث أن هؤلاء من سيقومون بإختيار اللجنة التى ستقوم بصياغة الدستور وفى هذا أكبر خطورة على مستقبل مصر.

حيث انهم ضد أن تكون مصر دولة مدنية بل يريدونها دينية مما سيجعل الدستور ذات طابع دينيا.
وكان من الأجدر بنا لنحمى مصر من المستقبل المجهول أن نقوم بوضع الدستور أولا ثم إجراء الانتخابات البرلمانية بعد ذلك.

فلو حكم التيار الاسلامى السياسى فسيكون حكمهم ديكتاتوريا قمعيا.حيث سنجد أنفسنا أمام حاكم منهم لايحق لنا الخروج عليه مهما إستبد فى حكمه وإلا فنحن حينئذ ضد الدين.

فقد تصدر التيار الدينى للمشهد السياسى فى مصر وسيعيدوا صياغة الواقع السياسى والإجتماعى والإقتصادى بما يتفق مع مصالحهم الشخصية وسيقوم حكمهم على الإستبداد والألوهية.
فإن كان من حقكم أن تحكموا لإنكم الأغلبية فأحكموا بالعدل.

ومن حقنا أن نحذر منكم حتى تحكموا بالعدل والمساواة كما تدعون.