في السنوات الاخيرة اصبحت غزة وقيادات حركة quot;حماسquot; الشغل الشاغل لرئيس الحكومة التركية رجب طيب اردوغان ليستغلها في كسب عواطف الشعب العربي للحصول على اسواق جديدة وفي نفس الوقت جذب المزيد من اصوات المسلمين الاتراك الذين ينظرون الى محنة الشعب الفلسطيني بوصفها قضية اسلامية عادلة. الخطوة الاولى في هذا المجال بدأت من دافوس حينما ذهب اردوغان في وجه الرئيس الاسرائيلي شمعون بيريس كما يتذكرها الجميع واصبح اردوغان بطلاً لدى العرب والمسلمين. حكومة اردوغان استمرت في نفس النهج اتجاه حكومة غزة وزعامتها وكانت حادثة سفينة مرمرة ومقتل تسعة من مواطني تركيا (بعضهم كرد) على متنها من قبل الجيش الاسرائيلي السبب الاهم في توتر العلاقات بين البلدين الى حد القطيعة تقريباً. قبل ما يقارب من عشرة ايام وصل رئيس الحكومة الفلسطينية في غزة اسماعيل هنية ضيفاً على الحكومة التركية ورئيسها اردوغان وقد استقبل بحفاوة بالغة. كان ضيفاً فوق العادة بكل معنى الكلمة. تضمن برنامج الزيارة للسيد هنية زيارة احزاب المعارضة ايضاً وقد استقبله مسؤولوها بالترحيب الحار. احد تلك الاحزاب كان حزب السلم والديمقراطية الكردي وهو موضوع الحديث. استقبل رئيس الحزب الكردي صلاح الدين دميرتاش هنية بترحاب وود بالغين وكأن احدهما يرى نفسه في الآخر، وقد جمعتهما قضية واحدة في الاساس، وهو كيان مستقل و دار الحديث التالي بينهما بما: دميرتاش: كلنا امل ان يحقق الشعب الفلسطيني حلمه في دولته المستقلة وعاصمتها القدس. هذا ماتناقلته الصحف بشكل عام. الاجتماع استمر اربعين دقيقة خلف الابواب المغلقة امام الصحافة. ردُ هنية بالتمني بـ quot;دياربكرمحررةquot; جاء عفويا نابعاً من التراكم المعرفي والوجداني وكأنه يتكلم عن بديهية يعرفها القاصي والداني لما يعانيه الشعب الكردي مثله مثل الشعب الفلسطيني. قامت الدنيا على تصريحات هنية في اجهزة الاعلام المرئية والمقرؤة. الموالون لاردوغان اصيبوا بالصدمة وبخيبة امل. والخصوم بدأوا بالشماتة ضد اردوغان قائلين:هذا هو ضيفك يا اردوغان يقول ان دياربكرمحتلة، وقد خسرنا العلاقات والمصالح مع اسرائيل...... هذه هي ذهنية الدولة التركية. كانوا ينتظرون من هنية ان يخون ضميره ووجدانه وان يٌنكر الحقيقة ويقف الى جانب الباطل. ارادوا من هنية انكار وجود اربعين مليون كردي، يعانون نفس معاناة الشعب الفلسطيني بل وربما اكثرحيث لغته ممنوعة ولا يحق له حتى مجرد تسمية ابنائه بالاسماء الكردية عدا التهجير والمجازرعلى مدى تسعين عاما من عمر الدولة التركية. المواقف التركية في مؤازرة الشعب الفلسطيني حالياً لا تعادل واحد في المئة كتعويض لماجلبته المواقف المعادية للدولة التركية، وفي احلك الظروف ضد الفلسطينيين، واعني عندما كانت تركيا الدولة الثانية او الثالثة بعد امريكا وروسيا التي اعترفت بدولة اسرائيل عند نشوئها وطبعا بقيت الدولة الاسلامية الوحيدة من ناحية الاعتراف لمدة عقود. اذا كانت الحكومة التركية صادقة مع الفلسطينيين فعليها تقديم الاعتذار لهم على مواقفها المشينة السابقة الواردة آنفاً عوضا عن هذه المواقف التكتيكية والتي اساسها المصالح الانانية. الانتقادات التي وُجٍهَتْ الى السيد هنية من قبل الاتراك كانت لا اخلاقية، وكأنهم يطلبون من هنية ان ينكر قضيته وذاته والتي تكاد ترى نفسها في القضية الكردية بكل تفاصيلها من حيث ان الشعبين الفلسطيني والكردي محرومان من حقوقهما القومية وحقهما في بناء الدولة المستقلة كباقي شعوب العالم. كانوا يريدون من السيد هنية ان يحجب الشمس بالغربال. حنق وغضب اردوغان على اسرائيل سببه يعود الى ان هذه الاخيرة كانت ضالعة مع الدولة السرية بقيادة العسكر في تركيا في تدبيرانقلاب على اردوغان في عام 2003 حيث ان مدبري محاولة الانقلاب من الجنرالات يقبعون الآن في السجون ويُقدَمونْ الى المحاكم، وكان آخرهم الجنرال quot;الكر باش بوغquot; الرئيس السابق لهيئة الاركان العامة، والذي اُلقي به في السجن يوم امس الخامس من كانون الثاني. حبذا لو كانت مواقف اردوغان وحزبه صادقة اتجاه الفلسطينيين ونابعةً من الايمان بالمبادئ والاخلاق الانسانية السامية ومن بينها حق الشعوب في تقريرمصيرها، لكان ابدى نفس الموقف اتجاه الكرد ايضا. موقف السيد هنية سيسجله التاريخ في صفحاته الناصعة مثلما ان غيره سيدخلون الصفحات السوداء فيه من زعماء وشخصيات باعوا ضائرهم ووجدانهم وتنكروا لحقوق الشعب الكردي لاهثين وراء مصالح انانية وآنية. لهذا كان السيد هنية ضيفاً صريحا وصادقاً مع نفسه ووجدانه ولكن مكلفأ على البلد المضيف.
هنية: جدكم صلاح الدين الايوبي فتح القدس واسمك ايضا صلاح الدين وانشاء الله ستزورها وهي محررة ثم اكمل قائلاً: انشاء الله ستتحرر دياربكر ايضاً وتحصلون انتم الكرد على حقوقكم.
د.بنكي حاجو
طبيب كردي سوري
- آخر تحديث :
التعليقات