قبل عدة أعوام و خاصة قبل و بعد الحرب الامريكية و الغربية على نظام صدام حسين 2003 كانت بعض الانظمة العربية و معها بعض المؤسسات الثقافية و السياسية و النخبوية و الاعلامية العربية في حالة حرب لا تهدأ ضد الشعب الكوردي في كل من سوريا و العراق و كان البعض من هؤلاء يدعو إلى تهجيرهم من مناطقهم و قتلهم و إبادتهم بحجة أنهم هم من أتوا بأمريكا و الغرب إلى العراق quot; الهجوم الذي شنّه مجموعات عربية بعثية و بالاتفاق مع النظام السوري على الشعب الكردي في القامشلي و التي راح ضحيته أكثر من 60 شهيداً كردياً و التي قامت على اثرها انتفاصه الكورد السوريين في 12 / آذار / 2004 quot; و أنهم متعاملين مع أمريكا مثلاً في الوقت الذي كان الكورد يركضون ليل نهار ليفوز بلقاء مع مسؤول غربي أو أمريكي ليشرحوا له معاناة شعبهم و اضطهادهم على أيدي النظام العربي سواء في سورية البعثية أو العراق و صمت البقية من العرب على جرائم النظامين و كانوا هم أنفسهم مُرتَمين بالكامل في الحضن الامريكي و الغربي و أن قسما عربياً كبيراً هم من أتوا بالحرب على صدام، اتهموا الاكراد بالصهينة و الأسرلة quot; اسرائيل quot; و كانوا يقبلون بحيفا و يافا اسرائيليتين بينما جباههم تشر عرقاً عند سماعهم بكردية السليمانية و عفرين مثلاً، اتهموا الكرد بالانفصاليين و التقسيميين رغم أن ما كان يطلبون به مقرر في كل المواثيق و العهود و الاتفاقيات الدولية من حق تشكيل وطن لهم.

إلا أن و بصرف النظر عن الوقائع و الاسباب التي أدت إلى عدم التقسيم و تشكيل دولتهم و بعد مرور السنون و الاعوام تبين أن الكورد في العراق ليسوا انفصاليين وهم من يحافظون على وحدة الاراضي العراقية و انهم الاكثر وطنية و أن كل مشاريع العراق التقسيمية تنكسر على الصخرة الكردستانية، و اليوم جاء دور الكورد السوريين و معهم كورد تركيا بقفز الكتل العربية سواء في المجلس الوطني السوري أو هيئة التنسيق الوطنية على قضيتهم السياسية و القومية تحت ذرائع و مبررات لا تمت إلى المنطق و الواقع بصلة كحجة إسقاط النظام أولاً و ضرورات العمل الثوري ثانياً و ليس هذا فحسب بل ليكيلوا لهم التهم نفسها رغم اختلاف الزمان و المكان و الوقائع، و رغم أن الكوردي السوري كاد أن يلغى في ممارساته السياسية شروط انتمائه للأمة الكردية عبر مشاركته الفعالة بالحراك الثوري الحاصل في سوريا و المطالب بالحرية و الديمقراطية للشعب السوري و ليس بالحق القومي الكردي و اعتبار القضية الكردية جزء من قضية الديمقراطية، و ارتباطه ارتباطاً عضوياً بالنسيج الوطني السوري وتضامنه المطلق مع القرى و المدن السورية المنكوبة و المحاصرة من قبل النظام، إلا أن العقلية العروبية الخالصة لبعض القوى السياسية العربية في المجلس الوطني و هيئة التنسيق و معها الكثير من المؤسسات الثقافية و الاعلامية لم تستطع التحرر من استبداد الفكر القومي العروبي و لم تستطع للأسف التحرر من المفاهيم الاستعلائية و الاقصائية للآخر المختلف. و مقابل هذا يجدر بنا ذكر بعض المواقف المتطورة تجاه القضية الكردية التي عبّر و يعبر عنها مؤتمر التغيير الوطني و رئيسها الدكتور عمار قربي في الكثير من المواقع.

ترى هل هو فعلاً فكر قومي عروبي ضيّق...؟؟ أن أنها عقدة نقص لتلك القوى و يريدون الاستزلام على الكورد تعويضاً عن كسلهم الفكري و عدم قدرتهم على استيعاب الوعي العالمي الجديد...؟؟

إن سقوط العربية الانظمة العربية الديكتاتورية و الاستبدادية و التي كنا نضع اللوم عليها في ممارساتها غير الديمقراطية مع شعوبها أولاً و مع الآخرين و التي كانت تشغل افي الحقيقة و على ضوء اهتمامي و متابعتي لهذا الشأن بالذات تبين لي و بعد الربيع العربي و الثورات التي أسقطت بعض الانظمة العربية الفاسقة و العنصرية و بدعم أمريكي و غربي مفتوح لهذه الثورات و العلاقة الحميمية الواضحة بين الثوار العرب و الغرب و أمريكا، هؤلاء الثوار الذين كانوا يرفضون الامريكي و الغربي بالكامل قبل الثورة لا بل و كانوا سيبيدون الشعب الكوردي لمجرد الشك في علاقتهم بالغرب و أمريكا... تبين أن أمر معاداتهم للكورد أو لغير الكورد أقصد البعض العربي لا يأتي من مجرد الشك بعلاقة الكورد بأمريكا أو غيرها من أعداء العرب في الظاهر و أصدقائهم في الباطن و هي لا تتعلق بالسياسات الاستعمارية و مخططاتها لنهب ثروات العرب و تقسيم بلادهم بل تنبع فقط من قناعتهم بأنهم خير أمة أخرجت للأرض....!!!

و أنهم أمة عربية واحدة من المحيط إلى الخليج و هي ذات رسالة خالدة و كل أمة أخرى هي ذات رسالة غير خالدة و أن الحق و الحقيقة هم فقط من يملكونها و كل موازين الحق و العدل و المساواة هي في عمق الفكر القومي العربي و الخارج عن حدود القومية العربية هو خارج على مبادئ الانسانية، و على ضوء دراستي و متابعتي أيضاً لفكر بعض هذه القوى السياسية العربية و خاصة السورية التي تتبني الحراك الثوري السوري أنهم للأسف و رغم ما ذكرناه سابقاً عن وطنية الكورد السوريين الصادقة و ارتباطهم الوثيق بالنسيج السوري و رغم تأكيد كل معطيات خطابهم السياسي على أنهم جزء من الشعب السوري المتنوع الاعراق و الانتماءات و هو موجود على أرضه التاريخية و أنهم لا يكنون سوى التقدير و الاحترام لكل الشعوب التي تتعايش معها من آشور و تركمان و سريان و شركس و رغم كل هذا مازالت هذه القوى العروبية و الدينية السورية مستمرة في محاولاتها لإقصاء القوميات الاخرى و الكورد بشكل خاص كقومية ثانية غير عربية في وطن لم يؤكد ال تاريخ و القانون و العلم عروبته و تبين أن عروبته جاء كأمر واقع نتيجة القمع و الاضطهاد و الحروب التي مارستها المجموعات العربية القومية العنصرية ضد المجموعات العرقية الاخرى لتصبح بعد ذلك من الجمهورية العربية السورية بدلاً من اسم الجمهورية السورية.

إذا ما المطلوب من الكورد أو من غيرهم من القوميات غير العربية فعله و في هذه اللحظة الحساسة من تاريخ سوريا مقابل الاقصاء المتعمد لهم و عدم وجود أية رؤية واضحة أو دلائل أو توجهات لهذه القوى العربية في التعامل مع قضية القوميات غير العربية في سورية و بالدرجة الاولى قضية الشعب الكردي كقضية شعب أو شعوب تعيش على أراضيها التاريخية و غير معترف بها لا بل يُقصى و يُذَوب في البوتقة العربية باستمرار...؟؟

إن التعامل بهذه العقلية الاقصائية و القومية العنصرية مع أكبر و أخطر القضايا التي تعاني منها سوريا سيترتب عليها نتائج أخطر على المستقبل السوري و ستتفرع عنها قضايا أخرى نحن كشعب سوري أولاً و ككردي ثانياً لا نرغبها و هذا ما تشير إليه وقائع العالم و الفكر الحديثين هذا العالم الذي لم يعد للقمع و اقصاء الآخر مكان فيه، عام لم يعد هناك ما يسمى بالشأن الداخلي للدول و الشعوب، فقضية حقوق الانسان و الديمقراطية هي التي تجتمع العالم حولها و لم يعد للمصالح الاقتصادية و الاستراتيجية ذاك التأثير الكبير في علاقات الدول و الشعوب، نأمل من كل القوى السياسية التي تشارك و تساهم في الحراك الثوري السوري الذي مازلنا ننتظر نتائجه القريبة على الأرض و تحقيق أحلام الشهداء في الحرية و الديمقراطية و التي لا يمكن تحقيقه إلا بإسقاط نظام الاستبدادي و القمع البعثي الاسدي، نأمل أن تلتزم الواقعية السياسة و رسم رؤى واضحة لسوريا المستقبل لحل جميع القضايا الوطنية العالقة ضمن إطار الوطن السوري باتباع اسلوب حضاري مسؤول و فتح أقنية للحوار الجدي و الديمقراطي بين مختلف شرائح الشعب السور و عدم إقصاء أحد.