بدأت السنة الجديدة 2012 بتوتر يتصاعد يوميا في المنطقة العربية.. أحدهما على الجبهة الإيرانية والتي لا تزال تتحدى المجتمع الدولي بكل الطرق في سباق محموم مع الزمن للوصول إلى الإنتاج الكامل للقنبلة النووية.. والآخر على الجبهة العربية والتي وفي بعض دولها لا تزال تلتهب بنتائج الإنتفاضات ودول أخرى لا تزال تشتعل يوميا بعشرات الشهداء في سبيل التخلص من نظام قمعي مستبد..وأخرى تتحفز للإنقضاض على النظام ولكنها تنتظر ما سيؤول إليه الوضع السوري للتعلم من دروسه.. كلها أخبار متشابكة ومترابطة تنذر بسنة قد تكون سنة الخيارات الدولية.. والعربية.. الدولية والتي قد تعني تدخل سافر للغرب لتحجيم كل من يعرض مصالحه للخطر.. قد تكون سنة الحرب وخلط كل الأوراق للخروج من المأزق الإقتصادي العالمي الذي تنذر عواقبه العالم بأسره.. وإن كان تأثيره الإقتصادي لن يطال المنطقه الخليجية.. ولكن تأثيراته العسكرية ستطال الجميع.. وسنة الخيارات للمواطن العربي.. بين الظلم أو الظلام.. وبين الديمقراطية الحقيقية والديمقراطية الزائفه التي يدّعون أنها لا تتعارض مع الشريعة.. وفي خضم كل هذه الأخبار أقرأ على صفحات إيلاف في 5-يناير 2012.. خبرين مرتبطين..

الأول تصريح الأمير تركي الفيصل قبل أيام بإمكانية لجوء الرياض إلى إمتلاك السلاح النووي.. دفاعا عن نفسها في ظل التعنت الإيراني والذي يطمح إلى السيطرة على المنطقة العربية..والخبر الآخر حول خطورة المفاعل النووي الإيراني بوشهر الذي يحمل فيروسا خطرا لا يزال موجودا فيه.. وأن إستمرار العمل في المفاعل بدون التخلص من هذا الفيروس قد يؤدي إلى إنفجار المفاعل في كارثة مشابهه لكارثة فوكوشيما، أو تعرض المنطقة كلها لأخطار بيئية كارثية تنتقل عبر الماء والهواء..

ما أود أن أضيفه.. وكنت قد كتبت مفصلا عن هذا الموضوع سابقا.. بأن هناك الكثير من البراهين على أن هناك خوف في إسرائيل من خطر مفاعلها النووي في ديمونه ( النقب ). وهو أول مفاعل نووي بدأته إسرائيل سرا عام 1958.. وتوصلت عام 1966 إلى إمتلاك القدرة النووية.. فيما عرف فيما بعد بمحادثات جولدا مائير السرية مع الرئيس الأميركي نيكسون آنذاك، والذي وافق على عدم قبول إسرائيل إخضاع مفاعلها للرقابة الدولية مقابل عدم إستعماله وإلتزام الولايات المتحدة بضمان تفوق إسرائيل العسكري على الدول العربية كلها.. كما عملت الولايات المتحدة فيما بعد على دعم إسرائيل في رفضها التوقيع على معاهدة حظر الأسلحة النووية في المنطقة الشرق أوسطية.. وهو الأمر الرئيسي الذي حدا بإيران حاليا لتحديه. إضافة إلى الأطماع الإيرانية في الهيمنة على المنطقة العربية...ما تستطيع الدول الخليجية عمله.. هو الإقتباس من معارضي وجود هذا المفاعل في إسرائيل..والذين ينادون بتدميره بأسرع وقت.. أمثال عوزي إيفن وهو أحد الخبراء السابقين للمفاعل والذي صرّح لصحيفة جيروسلم بوست مؤخرا. بأن هناك تشابه في التكنولوجيا المستخدمة فيه مع المفاعل النووي في فوكوشيما ndash; اليابان.

ويمثل خطرا كبيرا لأن كلاهما قديمان عمرهما يتراوح بين 40-50 سنة وهو عمر أكثر بكثير من العمر المسوح به..لا سيما وأنه لم يسمح للمفتشين الدوليين أو المستقلين بالتفتيش فيه طيلة عمره.. والنائب دوف حنين.. والذي دعا علنا في أول إجتماع للكنيست هذه السنة إلى إنتهاج سياسة إنفتاح كامل هدفها تنظيف إسرائيل من كلا المفاعلين النوويين.. خوفا من تسرب المواد النووية المشعة.. كما حدث سابقا حين حكمت المحكمة الإسرائيلية العليا بأن 30 إسرائيليا قضوا بسبب تعرضهم لإشعاعات نووية من خلال عملهم في المفاعل النووي سيروك القريب من تل أبيب..

إضافة إلى أن هناك شكوى تقدمت بها قوات حفظ السلام الدولية التي كانت الموجودة في جنوب لبنان بالخوف من زيادة عدد مرضى السرطان في منطقة الجنوب.. والتي تقدموا بها إلى رئيس قسم الطاقة النووية السيد البرادعي آنذاك.. والذي وعد بالنظر في الأمر في حال تقدّمت الدولة المضيفة لهم ( لبنان ) بالشكوى الرسمية..

المحاولة السعودية لإمتلاك القدرة النووية لن تكون في صالح السعودية ولا المنطقة العربية لأنها تسير بعكس ما تنادي به شعوب العالم كلها من التخلص من أسلحة الدمار الشامل. ولكن الأجدى وبما تملكة المملكة السعودية ودول الخليج كلها من قدرات إقتصادية دولية وعلاقات متينه مع الغرب.. وبالتحديد مع امريكا خاصة بعد صفقة شراء الأسلحة الأخيرة التي كفلت لها شيئا من الإنتعاش الإقتصادي وأبقت ألاف الوظائف لعدة سنوات.. هو أن تحشد حلفاء إيران كلهم بما فيهم الصين وروسيا للضغط على المجتمع الدولي وبالذات على أميركا لإخلاء المنطقة العربية كلها من أسلحة الدمار الشامل.. أي بمعنى الضغط على إسرائيل بما يخدم مصلحتها وحماية سكانها على التخلص وبأسرع ما يمكن من كلا المفاعلين النوويين.. وعدم إنتظار القرار الإسرائيلي الذي صدر أخيرا بإغلاق هذه المفاعلات حال تعرضها لهجمات صاروخية من إيران.... وهو الشيء الوحيد الذي سيحجم أطماع إيران في إمتلاك هذه القوة.. وربما الوحيد الذي قد يجنب المنطقة حرب إستباقية إسرائيلية لتدمير قوة إيران النووية والتي تنذر بنتائج أكثر كارثية على المنطقة العربية كلها..

باحثة وناشطة في حقوق الإنسان