أطلق التصريح الذي جاء علي لسان عدد من المسؤولين البريطانيين حول إمكانية المشاركة في توجيه ضربة عسكرية إلي القوات الإيرانية فيما لو quot; أدت تحركاتها الأخيرة إلي إغلاق مضيق هرمز امام حركة التجارة الدولية من وإلي الخليج quot; بالإشتراك مع القيادة الأمريكية، شهية الإعلام البريطاني لتناول الملف الإيراني بشكل موسع علي مدي عدة أيام خلال الفترة الأخيرة، بالرغم من إنشغال بعض وسائله بمواضيع شرق أوسطية أخري من بينها مرور عام على الثورة في كل من تونس ومصر! وتردي الأحوال المجتمعية في كل من سوريا واليمن !! وتفاقم مشاكل المجتمع الليبي بعد اندلاع الإقتتال بين بعض شرائحة الثورية..
الإعلام البريطاني في محصلته النهائية يتخوف من أن يؤدي التصعيد شبه اليومي بين واشنطن وطهران إلي إندلاع حرب بين الطرفين في المنطقة !! ومصدر التخوف أن المنطقة مشتعلة بذاتها بين ثورات لم تستقر توجهاتها الرامية إلي الإصلاح والتغيير من جهة وإنتفاضات شعوبية لم تصل إلي نهايتها من جانب آخر، وترقب إسرائيلي مستعد لإستغلال أي موقف وكل موقف لصالح توجهاته سواء علي مستوي تقنين إستيلاء حكوماته العنصرية علي أراضي الغير في فلسطين وفي لبنان وسوريا!! أو من منطلق يده الخفية التى تعمل علي وئد موجة الإصلاحات السياسية والاقتصادية التى تطمح إلي تحقيق أهدافها الثورية خاصة في مصر! أو دعمه للنظم الديكتاتورية السلطوية في المنطقة التى يعتمد عليها في تصريف العديد من شئونه الخفية وعلاقاته المريبة..
كيف كانت البداية؟؟..
على صحيفة الديلي تلجراف عندما قالت في إفتتاحيتها ( 3 يناير الجاري ) أن الشرق الأوسط ربما يعاني من مخاطر متصاعدة بالإضافة إلي ما يتعرض له في اللحظة الراهنة من مشاكل وتعقيدات.. وهي ترى:
1 - أن المثلث السوري / العراقي / الإيراني وما تعانيه مجتمعاته وحكوماته من اضطرابات متفاقمة لا تبشر بخير..
2 - وأن تصاعد نجم التيار الإسلامي السياسي في تونس ومصر وربما قريباً في اليمن وسوريا بكل توجهاته المتشددة، يتطلب رؤية جديدة تقوم علي التفاهم والتنسيق..
3 - وإحتمالات إندلاع ثوارت شبابية وإصلاحية في مزيد من الأقطار العربية وما يعكسه ذلك من اتساع مساحة عدم الإستقرار..
كل ذلك في حاجة ماسة إلي عوامل تهدئة أكثر من حاجته لإشعال موجة جديدة من الحريق الذي يمكن ان يشتعل بين لحظة وأخري بين جمهورية إيران الإسلامية والغرب..
وعلي نفس المنوال..
سارت وسائل إعلام بريطانية أخري رأت أن تكاتف الغرب من أجل دعم تنامي التيار
الإسلامي السياسي الذي بدأت ملامحة تفرض نفسها علي الساحة السياسية العربية، سيقود إلي الإستقرار والهدوء.. كما أن دورها في ضبط الأمور والتقليل من حجم إراقة الدماء في كل من سوريا واليمن، من شأنه أن يمهد لبدء فترة من الهدوء النسبي التى قد تسمح للأطراف المتداخلة في هذين الإقليمين تحديد مواقع أقدامها ومستقبل توجهاتها سواء كانت نظم حاكمة أو قوي معارضة..
وفي نفس الوقت هناك شبه إتفاق فيما بينها حول أن ممارسة مزيد من الضغوط علي طهران قد تفتح الأبواب لجرها إلي حرب لوقف برنامجها النووي، ليس في مصلحة أي من هذه الاطراف التى تواصل محاصرتها إقتصادياً وسياسياً خاصة وان عقوبات اوربا بوقف إستيراد النفط الإيراني لا يعني الكثير حيث ستخسر طهران فقط قيمة ما كانت تبيعه لدولتين فقط ( اليونان وإيطاليا )، أما الإتحاد الأوربي فسيتحمل مسئولية إمدادهما بالبدائل بشكل فوري خاصة وأن اوربا كلها تعيش فترة عصيبة من فصل الشتاء الحالي..
أما صحيفة الإندبندنت فقد نوهت ( 6 يناير ) بشكل مباشر إلي مرحلة الإنتخابات الرئاسية الأمريكية وتأثيرها المباشر علي علاقات واشنطن بطهران، وبينت إلي اي مدي يبدي المرشحون الجمهوريون إستعداد ملحوظ quot; للتعامل مع الملف النووي الإيراني quot; بما يستحق من قوة عسكرية quot; برغم ان هذا الأمر يقاس بعدد لا حصر له من العوامل الأخري التى لا يدركها إلا الجالس علمياً في داخل البيت الأبيض..
وبرغم اإساح الصحيفة لعدد من فقرات التقرير الذي نشرته مجلة quot; فورين أفريرز quot; الأميريكية ndash; المعروفة بعلاقتها الوطيدة بقضايا الأمن القومي الأمريكي - في عدد شهر ديسمبر الماضي والذي خلص المشاركون في إعداده إلي حتمية quot; القيام بضربة إستباقية للمشروع النووي الإيراني قبل أن يستفحل أمره quot;، إلا أنها تبنت وجهة النظر التى تقول ان العقوبات الإقتصادية والسياسية التى يتوالي فرضها علي الحكومة الإيرانية بدأت تؤتي ثمارها quot; ومن ثم يجب إنتظار نتائجها الإيجابية التى ستضطر إيران إلي الرضوخ quot; لمطالب الأمن والإستقرار في المنطقة quot;..
وإضافت الصحيفة عامل جديد أكدت أن محللوها يرونه فعالاً إلي حد كبير، وهو إمكانية أن يثور الشباب الإيراني في أي يوم من الأن وحتى حلول موعد الإنتخابات العامة في مارس القادم !! وهذه الثورة في رأي الصحيفة إن إندلعت سوف تستمد قوتها من ثورة الشعوب العربية.. لأن هؤلاء الشباب يعانون من نفس الأسباب الإحباطات التى يعاني منها الشباب العربي في كل المجتمعات التى ثارت علي حكامها ونظمها الإستبدادية الفاسدة!
أما صحيفة الجارديان فرأت في نفس اليوم أن فصول إستعراض القوة الذي تقوم به إيران وما يتضمنه من تلويح بقدرتها علي إغلاق مضيق هرمز، تعني في المقام الأول إستعدادها للتفاوض لأن..
ا - القائمين علي أمرها يعرفون تمام المعرفة أن قواتها العسكرية وآلتها الحربية غير قادرة علي مواجهة القوة الأمريكية..
ب - ويعي مسئوليها حجم الخسائر المادية والبشرية التى ستتعرض لها بلدهم فيما لو وقعت
مثل هذه الحرب التى لن يتوقف دمارها علي منشآت البرنامج النووي !!..
وماذا عن الطرف الثالث الذي أشار اليه الكثير من المراقبون؟؟..
إسرائيل هي الطرف الثالث الذي اشاروا اليه من زاوية انها المستفيدة شكلاً وموضوعاً من أي حرب تشن ضد ايران..
أ ndash; سواء قام بها الغرب بمفرده، أو شاركته هي في بعض أعمالها..
ب - ولأنها المحفز الرئيسي وربما الأكبر لواشنطن لكي تقوم بهذه الخطوة، بحجة ان بلوغ الملف النووي الإيراني هدفه بإنتاج قنبلة نووية سيزيد من عوامل فنائها والقضاء عليها..
ج - ولأن حكوماتها المتتالية هددت أكثر من مرة خلال الأعوام الخمسة الأخيرة بتوجيه ضربه موجعة لعدد من الأهداف الإيرانية الحربية والمدنية، لكي تضع نهاية لحلم طهران في إستكمال برنامجها النووي..
لهذا السبب علي وجه التحديد..
وضعت الكثير من وسائل الإعلام البريطانية والأوربية الخبر الذي نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية يوم الجمعة 6 يناير الحالي حول الترتيبات النهائية التى يقوم بها الطرفان الأمريكي والإسرائيلي لتنفيذ quot; مناورة الدفاع بالصواريخ quot; المشتركة بينهما، في مكانه الصحيح من حيث الأهمية ومن حيث المتابعة ومن حيث تأثير هذه المناورة علي الأوضاع السياسية والأمنية في منطقة الشرق الاوسط وإمتدادتها إلي كل من تركيا وإيران !!.. فهذه المناورة:
-ليس لها مثيل كما قال ليون بانيتا وزير الدفاع الأمريكي، برغم تنوع المناورات المشابهه التى تجريها أمريكا مع العديد من حلفائها..
-وهي أول مناورة لإختبار الإمكانيات الدفاعية لدي كل من أمريكا وإسرائيل، علي الرغم من المسافات الشاسعة التى تفصل بين متطلبات الدفاع لدي كل منهما..
هنا يكمن السؤال الحتمي الذي يؤكد الخبراء والمحللون أنه يشغل تفكير القيادات السياسية وأعلي مستوي من المسئولين في جمهورية إيران الإسلامية..
هل ستسغل كل من أمريكا وإسرائيل أجواء المناورة للحصول علي مزيد من الإسرار العسكرية الإيرانية وبالذات اماكن منشآتها النووية؟؟ أم أنها ستتخذ منها ستاراً لمباغتة الحكومة الإيرانية واستنزاف قدراتها القتالية؟؟..
من المؤكد أن الأسابيع القليلة القادمة ستميط اللثام عن إجابة شافية لهذا السؤال الذي يحير أعداد كبيرة من السياسيين والمراقبين والمحللين، ليس هنا في بريطانيا وأوربا.. ولكن في اماكن أخري كثيرة حول العالم..
bull;استشاري إعلامي مقيم في بريطانيا [email protected]
التعليقات