لو تتبعنا سيرة حياة الزعماء الدکتاتوريين و المستبدين برأيهم، لوجدنا أنهم و في المراحل الصعبة و الحساسة التي حسمت أمرهم و مستقبلهم، يتخبطون و لا يستقرون على قرار و تظهر التناقضات في تصرفاتهم و اقوالهم، وعلى الرغم من الارتباك و القلق الذي يطغي عليهم لکنهم يسعون في نفس الوقت للإيحاء بتماسکهم و رباطة جأشهم.

رئيس الوزراء العراقي نوري المالکي، والذي طفقت مختلف التيارات و الاطياف العراقية تتهمه بالاستبداد و الفردية المفرطة في قراراته و مواقفه السياسية بل وان البعض منها قد وصفته تحديدا بالدکتاتور، بدأت الاوساط السياسية و الاعلامية على صعيدي المنطقة و العالم تنتبه رويدا رويدا الى هذه المسألة و تشير إليها، والمالکي الذي يزعم بأنه في صدد دمقرطة العراق و طي صفحة الدکتاتورية فيه، لکنه و على أرض الواقع لا و لم يخطو ولو خطوة واحدة بهذا الاتجاه وانما وعلى العکس من ذلك تماما قام بتصرفات و أمور توحي جميعها في نهاية المطاف بجنوحه نحو الفردية و إقصاء الآخرين رويدا رويدا، لکن المالکي ينسى او يتناسى تماما الظروف و الاوضاع الجديدة في العراق و المنطقة و انه لم يعد هنالك من مکان لحاکم مطلق او مستبد برأيه مثلما ان وضعه في العراق لايعطيه القوة و الزخم الکافيين لکي يلبس جلباب الاستبداد.

المالکي و في غمرة تخبطه السياسي الواضح على الصعيد الداخلي للعراق و فشله الذريع في قيادة المرکب العراقي بنجاح الى بر الامان، يرتکب تزامنا مع ذلك خطئا فظيعا آخرا عندما يساير و يماشي النظام الايراني المنبوذ على صعيد المنطقة و العالم و يخطو خطوة عملية غير مسؤولة بإتجاه نسف المبادرة السلمية لحل مشکلة أشرف عندما يصرح لوسائل إعلام تابعة للنظام الايرانية بعزمه على إعتقال 126 من أفراد معسکر أشرف، وهو مخالف و مناقض تماما لبنود مذکرة التفاهم التي وقعتها الحکومة العراقية مع منظمة الامم المتحدة خصوصا وحينما يقوم المالکي وفي نفس تصريحاته الآنفة بوصف سکان أشرف بأوصاف و مصطلحات نظام الملالي، فإنه يريد الإيحاء بأنه و النظام الايراني في مرکب واحد وهذا خطأ فاحش يقع فيه المالکي في وقت يقف النظام الايراني على جرف هار و قد يتداعى و ينهار في أية لحظة، موافقة المالکي على الحل السلمي و قبوله ببنود مذکرة التفاهم التي کانت واضحة للجميع و لاتقبل تفسيرا او تأويلا مغايرا، ومن ثم عودته الى نقضها و إلغائها، هو ذات تصرفاته التي قام بها ازاء القوى السياسية العراقية التي بدأت ترفع أصواتها حيال تناقضاته و عدم إلتزامه بأقواله و عهوده و مواثيقه التي أطلقها هنا و هناك، وکلا الامرين يؤکدان النهج و الاسلوب الاستبدادي للمالکي.

اسئلة مهمة يجب طرحها: لماذا يقبل المالکي بالحل السلمي لقضية أشرف و هو يريد و يبتغي العکس تماما؟ ولماذا يقوم بالإدلاء بتصريحات لوسائل إعلام تابعة للنظام الايراني أقل مايقال عنها إستفزازية و غير منطقية ضد سکان أشرف و منظمة مجاهدي خلق؟ هل هکذا يتصرف زعيم سياسي يقود بلد و أين الحکمة و المنطق في تصرفه هذا؟ والاهم من ذلك کله: أية تسوية سلمية يريدها المالکي؟