قد يستغرب البعض العنوان، لكن هذا مثل مصري يعني quot;ركوب الموجةquot; حتى تنحسر وهذا مافعله بعض الفنانين في الدول التي زارها quot;الربيع العربيquot; الذي أثبت للآن بأنه أعاصير مدمرة، ولم نعد نفهم ما الذي يحدث بالظبط، وبعيدا عن السياسة التي لا أفهمها ولا أريد، فالبعد عنها غنيمة وراحة بال، لكن هذا لا يمنع المتابعة من باب العلم بالشئ ليس إلا، وفي مصر تحديدا نجد أن quot;شباب الثورةquot; أصبح لديهم قوائم سوداء ضمنوها أسماء لفنانين تمت الدعوة إلى مقاطعتهم وعدم التعامل معهم بدعوى أنهم ضد الثورة، ومن أنصار النظام القديم، ونجحت هذه الحملة، إلى حد ما، لأن الشعب المصري عاطفي بطبيعته، ويتعاطف مع المظلوم وينصره، والنظام السابق في نظر الأغلبية كان ظالم للشعب، وكل من يؤيده quot;مغضوب عليهquot; حتى إشعار آخر...

وهناك مثل مصري آخر يقول quot;إضرب في المربوط..يخاف السايبquot;، وهذا ايضا ماحدث مع بعض الفنانين ممن وردت اسمائهم في القائمة السوداء، مثل تامر حسني الذي حاول إستمالة شباب الثورة له، بالنزول إلى ميدان التحرير لكن نزوله جاء quot;بعد خراب مالطاquot;، لأنه لم يمسك لسانه ودافع عن النظام قبل أن يدزك أن الموضوع جد، وليس مجرد شوبة عيال وهنسكتهم كما قال أنصار النظام السابق للرئيس المخلوع حسني مبارك، فكان من نصيبه علقة ساخنة، ما زال يتألم منها حتى الآن، مما دفع بالبعض للهرولة إلى ميدان التحرير لنيل quot;صكوك البراءة والغفرانquot; ليضمنوا من باب quot;أضعف الإيمانquot; ألا يضربوا كتامر....إن لم يكن لتسويق أعمالهم وضمان الإقبال عليها، والبعض بقى على الحياد حتى تتضح الصورة تماما ويعرفون إتجاه الموجة ليركبوها ويسلموا.

وبالطبع تم تصدير هذه الموضة من مصر إلى باقي الدول التي تعيش نفس الظروف، ومنها سوريا التي مازالت تعيش أحداثا ساخنة، لكن الفرق أن نظامها مازال على رأس عمله، لذلك إختلف موقف الفنانين السوريين عن إخوانهم المصريين، وعلى الرغم من عدم سماعنا بأن أحد من الفنانين السوريين قام بالإنضمام للثوار في مواجهتهم للنظام، لكن كان موقفهم من مهرجان وهران للفيلم العربي تحديدا مثار حديث وتعليقات، إذ على الرغم من مشاركة الفيلم السوريquot;دمشق مع حبيquot; للمخرج محمد عبد العزيز رسميا في المهرجان إلا أن الفنانين السويريين قرروا مقاطعة هذا الحدث السينيمائي بسبب موقف الجزائر الداعم للعقوبات العربية والتي صدرت مؤخرا ضد حكومة الأسد، وبعض الرؤوس الكبيرة في نظامه المتهم بالترهيب والقتل والتدمير وبالتالي، ولذلك قرر عدد كبير من الفنانين عدم المشاركة، علما أن معظمهم يوالون الأسد، سواء عن طيب خاطر أو اتقاء، لكنهم يخشون التصريح بذلك، وبذلك يضمنوا سلامتهم، فقد لا يقتصر الأمر على مجرد علقة كالتي نالها quot;تامرquot;، ولذلك تواورا وإختفوا وكمنوا حتى تتضح الصورة ويعرف كل واحد ماله وماعليه.

وهذا أمر يظهر مدى عدم الديموقراطية التي نتمتع بها، ويجعلنا نشفق على فنانينا، فعلى الرغم من كونهم أداة من أدوات التعبير عن الرأي وقضايا المجتمع، إلا أنهم لا يستطيعون ذلك، وأفواههم مكممة، وايديهم مربوطة، بعكس أقرانهم في الدول الغربية، فلم نسمع عن فنان تم ضربه أو حبسه أو قتله لمعارضته النظام، بل يقومون بالتعبير عن رأيهم علانية، ويعبرون عن مواقفهم السياسية بحرية، سواء عبر وسائل الإعلام، أو من خلال فنهم من مسلسلات وأفلام، ولا يخشون ولا يخافون، لكن فنانينا مساكين، وعلينا أن ناخد بخاطرهم ونواسيهم، فهم مجبرين، فانظمتنا العربية لا ترحم، ولذلك عليهم الكمون حتى يعرفوا معاهم واللا عليهم.

فاتن أمان