فوبيا من كلمة فوبوس اليونانية التي تعني الرهاب او الخوف الغير المبرر، تلزم شخصا وفي حالتنا مجتمعا معينا من قضية او حالة او جهة، تؤدي به الى اتخاذ تدابير معينة غير مبررة ايضا. والاسلام فوبيا يعني الخوف من الاسلام بشكل غير مبرر مما يؤدي الى اتخاذ مواقف عدائية تجاه الاسلام والمسلمين دون مبرر حقيقي او واقعي. ولكن في الحقيقة من يخاف من الاخر، الاخرون يخافون من الاسلام والمسلمين ام ان العكس ان المسلمين يخافون الاخرين، دون مبرر منطقي.سنقتصر مناقشتنا على المسلمين العرب او في المنطقة الممتدة من العراق الى المغرب. يقول المسلمين العرب ان الغرب استعمر بلداننا واستغلها لصالحه. في لغة التاريخ ان العرب ايضا استعمروا كل المناطق التي استولوا عليها بالقوة العسكرية، واستغلوها لصالحهم ولغير صالح السكان الاصليين، الفرق هنا هو قيام المسلمين بفرض دينهم ولغتهم على غالبية السكان، من خلال الجزية واعتبار الاخر دون درجة او مكانة الملسم وبشكل قانوني، حتى وصل الامر الى تحديد لون الملبس والسير في الطرق وفرض قيامهم احتراما في حال جلوسهم حين مرور مسلم؟ بل لقد قام المسلمين بتغيير شامل في المنطقة، من عقيدة السكان الى امتلاك الثروة والعقار، وليس هناك دلائل معقولة وموثقة كما يقول العرب المسلمين ان الدخول الى الدين الاسلامي كان طواعية ونتيجة لسماحة الاسلام. وخصوصا لو علمنا ان هناك الكثير من حوادث التاريخ والمواقف الموثقة تثبت غير هذا وبالاخص في الحالة الجماعية او العامة، وخصوصا في حالات الهيجان وهي كثيرة وكانت دائما لا تحتاج الا لتهيج ديني واتهام الاخرين بالكفر والزندقة .اما على المستوى الفردي ،لا يمكن ان ننكر ان المسلمين كافراد فيهم الكثيرين وكان فيهم عبر التاريخ، ممن كان وبالارادة الفردية يتعامل مع الاخرين بشكل انساني وبطريقة مشرفة. ولكننا هنا امام ظاهرة جماعية او عامة، وهي ظاهرة الاسلام فوبيا او عكسها، الاخر فوبيا.
استعمل بعض المفكرون والاعلاميون الاوربيين مصطلح الاسلام فوبيا، نتيجة رد فعل مفكرون اخرون وفي الوسط الاوربي من الارتفاع الهائل في اسعار النفط ابان السبعينيات والحظر الذي فرضته بعض الدول العربية على تصدير النفط لبلدان معينة حيث شاع ان العرب يريدون خنق الحضارة. وشاع المصطلح اكثر، بعد هجمات 11 ايلول/سبتمبر 2001. ولم يكد يتلقفه المفكرون العرب حتى لاكوا هذا المصطلح في كل حديث وكل مقابلة وكل بحث او مقالة. حيث صوروا الامر وكان الغرب يعيش حالة رعب حقيقي من الاسلام، ويكن الغربيون عداء شديدا للاسلام والمسلمين، نتيجة حالة الرعب هذه. والتبرير لحالة الرعب تكمن في ان الاوربيين او الغربيين، يخافون من سيطرة المسلمين على مقدرات الاوربيين نتيجة لزيادة عدد المسلمين في اوربا من المهاجرين وابناءهم او من الاوربيين المعتنقين للاسلام، ولانهم يخافون من عدالة وسماحة الاسلام، بل ان اغوتهم الدنيا بمفاتنها.
يمتلئ الفضاء الافتراضي بمقالات وفيديوهات لعلماء الاسلام وهم يحددون شروط الحياة في ظل الشريعة، من دخول الحمام والعلاقة الجنسية والزواج والعلاقة مع الاخر سواء كان مسيحيا او يهوديا او من غيرها من الاديان الى الصوم والصلاة، وهؤلاء العلماء وان لم يمثلوا الاسلام كما بتنا نسمع في كل رد فعل من تصريح امام او شيخ او مفتي، الا انهم يعتبرون صناع راي عام او هكذا يتم النظر اليهم، ومن الحقائق التي باتت معروفة ان هناك رصد تام لكل ما يقال ويتم نشره وتعميمه الى المختصين والباحثين. وبالتالي فان رد الفعل الغربي ليست رهابا او خوفا من الاسلام كدين يمكن التعايش معه، كما يتعايشون مع المسيحية واليهودية والاديان الاسيوية التي باتت تنتشر ايضا بين الاوربيين، بل من ما يتم اغراق الاعلام به وبشكل يومي ومثير للشبه من الفتاوي الغريبة والكثير منها يعتبر عدائيا. يعلم الجميع انه بات تقريبا نصف المجتمع الاوربي غير مؤمن بدين معين، حتى ان المسيحية باتت تشكو من الاضهاد او التمييز ضدها في بعض الدول الاوربية. رغم ان الحضارة الاوربية بنت على قيم ضارة اليونان والروما والقيم المسيحية. ان الغربيين يدركون انهم في قمة الحضارة، والحياة في بلدانهم هي افضل بمسافات بعيدة عن اغلب دول العالم، ان من حقهم ان يخافوا على مستوى حياتهم ورفاهيتهم وحقوقهم وحريتهم من ما يتم الترويج له، سواء بتهديدهم بالطوفان الاسلامي القادم، او بالارهاب والحرب وفرض الشريعة عليهم.
عندما يمر بلد ما بازمة وخصوصا من الناحية الاقتصادية، من الطبيعي ان يكون رد الفعل موجها لمن يشارك في الاستهلاك ولا يشارك في الانتاج غالبا وبالاخص عندما يكون غريبا، وهنا هو موجه للمهاجرين ، والاغلب كما يعلم الجميع نقوم بالتوفير مما نحصل عليه ونرسله الى بلداننا، عندما اقول من الطبيعي يعني رد فعل الاولي والغير المدروس والمبني على العواطف والاعلام التشهيري الذي يتغذى على الفضائح وتضخيم المخاطر. ولكن نظرة حقيقية لواقع الدول الغربية وما توفره لمواطنيها وللمقيمين على اراضيها، من متطلبات الحياة الكريمة، ودون النظر الى الدين او اللون او الى ماهي اللغة او الجنس، يجب ان يجعل كل الاصوات تصمت، وبالاخص لو قارناها بما نشاهده ونعرفه من التمييز الذي يعاني منه مواطني بلداننا لانهم ليسوا من الدين السائد، او لانهم ليسوا من القومية السائدة او لانهم ولدوا لام مواطنة ولذا لا يحق لهم التمتع بشرف التجنس، لان هذا الشرف لا يمنح الا لمن كان ابن لاب مواطن. في حين ان للدول الغربية قوانين واضحة يمكن الحصول على جنسيتها بمجرد ان تتوفر في المتقدم الشروط التي تقرها القوانين، وهناك الملايين من المهاجرين تجنسوا وصاروا مواطنين للبلدان الغربية ويتنافسون على الرفص بمساواة تامة مع المواطنين الاصليين. هل يتم المقارنة بين المهاجرين والعمال الاجانب في الدول الغربية وبين مثلاءهم في الدول العربية؟ لا اعتقد ذلك لان العقل العربي عموما يعتبر انه حالة خاصة يحق له ما لا يحق لغيره. او ان من حقه ان يتمتع بجنسية بلد عمل فيه خمسة سنوات، ولكن لا يحق للهندي او البنغلادتشي ان يتمتع بالجنسية الامارتية او العراقية او المصرية او غيرها وان عمل فيها عشرون سنة.
يبرر المسلمين عداءهم للغرب بانه ناتج عن امرين مهمين، وهما الحرب الصليبية والاستعمار، من ناحية الحرب الصليبية، هناك تضخيم لدورها ولما فعلته، وقد لا يتجاوز ما فعلته هذه الحرب ربع ما فعلته حروب التتر والمغول، هذا من ناحية ومن ناحية اخرى، كانت الاراضي التي حاول الصليبين الاستيلاء عليها جزء من امبراطورية الرومانية حتى مجي الاسلام، اذا، اليس منطقيا ان يحاولوا استرجاع ما ضاع منهم ولو بعد ستمائة سنة، انه تبرير ككل التبريرات التي تقال ولكنه تبرير معقول، فمن منح هذه الاراضي والبلدان للمسلمين ليعتبروها ارثا مقدسا لهم؟ واذا كانوا هم مقتنعين بان الاراضي التي يستولون عليها هي من حقهم ولا يجوز بعد ذلك التنازل عنها. اذا من حق الاخرين ان لا يعتبرون هذا الاستيلاء شرعيا، بل يجب العمل على استرداد ما تم الاستيلاء عليه بكل اسلوب. ان الفكر الاسلامي الذي يعتبر ان الحق هو الى جانبه فقط، وان الاخرين يجب ان ينقادوا لما يقوله ولما يؤمن به، امر مثير للشفقة، لانه امر مرفوض وغير منطقي، لان الحق لا يقاس بمنظار واحد لا بل يجب ان ينظر الجميع اليه على انه كذلك.
ولو ناقشنا الاستعمار، فعلينا ان نناقش قبل ذلك، المرحلة ما قبل الاستعمار، كيف كان حالنا في المنطقة؟ وكيف كانت حالة بلداننا، الم تكن بلداننا مستعمرة من قبل الاستعمار التركي (العثماني) الم تكن الامراض تنخر في سكان المنطقة، الم يكن معدل العمر خمسة واربعون سنة، الم يكن الفقر سائدا والظلم شائعا، والسرقة والحروب القبلية والمذهبية مستمرة. لقد حرر الاستعمار المنطقة من ظلامها وظلامها، وكان من المفروض للشعوب ان تتذكر ذلك بكل خير، ولكنها سارعت وطلبت الاستقلال وهي لم تتهياء لادارة نفسها، ورغم قصر فترة الاستعمار، فانه تمكن ان يفتتح طرق المواصلات، يبنى المستشفيات الحديثة، يضع اسس للدولة، يوفر الحالة التي تسمح بنشوء صناعات خفيفة، ونحن حاولنا ان نقتل من حررنا، وعندما زال ورحل الاستعمار، ماذا فعلنا بدولنا، رغم الثروات التي اكتشفها الاستعمار لنا، لقد استولى البعض منا على الدولة، وحولها الى اقطاعية خاصة به وبعائلته، ولم يسمح لاحد ان يشارك فيها، الا بانقلاب يزيحة من الدولة والحياة، والاتي لم يكن افضل من الراحل، بل يمكننا القول ان الحكام الاقرب الى فترة الاستعمار كانوا اقل طغيانا، ممن اتوا بعدهم. فهل عملنا بالاية ((لئن شكرتم لازيدنكم)).
ولو قارنا الاستعمار الغربي بالاستعمار الاسلامي (الفتح الاسلامي) سنجد ان المسلمون عاشوا على ما انتجته الشعوب الاصيلة وما وفروه من ادوات للعلم وللانتاج، وحالما تحول المجتمع بفضل الحروب الدائمة وبفضل الحزية والتفرقة الى اكثرية اسلامية حتى دبت فيه اثار الانحطاط والتدهور الاجتماعي والثقافي والاقتصادي، حيث ان غالب السنوات الالف او الاكثر الاخيرة، تعتبر فترة مظلمة للجميع، فالمجتمع اما انه بقى يقتات على الماضي وما انتجه، بحيث لم يطور اي اداة جديدة، او انه عاش في السنوات الاخيرة عالة على الدول الاخرى. واذا كان البعض ينشر ويغذي الناس بوهم ان الغرب خلق لكي يوفر اسباب الرفاه للمسلمين، سخر لنا كما يقال، فانه واهم، بل ان ابناء المنطقة بكل مكوناتها صاروا عالة على العالم، ليس لفقرها ولشيوع الظلم فيها فقط، بل لانها صارت مرتعا للارهاب المصدر الى الاخرين.
اذا هل هناك خوف من الاسلام، حقا ام انه خوف طبيعي من حالة جالبة للدمار ليس للغرب فقط، بل للعالم كله. وفي الغالب يستعمل الاسلام او يستشهد به وبتعاليمه لتهديد الاخرين والاعتداء عليهم. فمن لا يخاف ولا يرهب كل ذلك؟ ان من لم يستعد وياخذ حذره مما ينتظره من ممارسات وافعال ودعوات بعض الاسلاميين والذين يهيجون الكثير من الشباب التاه في الازقة بلا عمل ولا امل، بانه سيحصلون على ثوابهم اما بما يتم سلبه(الثراء السهل والسريع) او ان مات فيموت شهيدا وسيلقى ربه وحور العين. وكان الله يتلذذ بالقتلى والدماء والدمار، او كانه صار مسوؤل ماخور للقتلة والقتلى.
تبقى ملاحظة اخيرة في هذه المناقشة، وهي ان الكثير من الساسة الغربيين يساندون مقولة الرهاب من الاسلام اوالخوف من الاسلام، لسببين وهي ان المسلمين سينشغلون بهذا الادعاء، وبان العالم كله ضدهم لانهم مسلمين، ولن يبالوا بتصحيح اوضاعهم وتنمية مجتمعاتهم وانسنة قواينيهم، والسبب الاخر هو استمرار تعلق المسلمين بالدين وبشكل مرضي حيث سيجعلهم ذلك يتحولون الى فرق متعصبة تفتك احداها بالاخرى، من ناحية ويشبع غرورهم بانهم الافضل لذلك يعاديهم الاخرين. يقول الكابت الياباني نوبواكي نوتوهارا (الناس في العالم العربي quot;يعيشون فقطquot; بسبب خيبة آمالهم وبسبب الاحساس باللاجدوى او اليأس الكامل، وعدم الايمان بفائدة اي عمل سياسي) ويستنتج بانهم متدينون جدا وفاسدون جدا. ولكن لا بدل من القول ان التدين هو مظهر من المظاهر المطلوبة اظهارها ولكن ليس المطلوب العمل بها.
التعليقات