ربما يكون أبسط تعريف للشفافية هو أنها المرآة الحكومية التي تعكس لمواطنيها والرأي العام مايجري في بلدهم، وعدم أخفاء حكومة منتخبة حقائق جوهرية عن شعبها وطي ملفات أمور تتعلق بسلامته بأمنه بحقوقه وسيادته. وفي محيط اجواء متوترة وخطيرة كالاوضاع السياسية وألاجتماعية والنفسية الحالية في العراق تَحجبُ كتل مشاركة في السلطة السياسية الكثير(بجهدها الثقافي الأعلامي) لِما ينبغي أطلاع الشعب عليه بمصداقية وشفافية لتزيد من قناعاته وثقتها بها ولتقلل من الأراجيف والاقاويل والاكاذيب التي تُنشر وتُذاع عن زيد وعبيد.
ماذا فهِمَ قادة العراق من معنى الشفافية والمصداقية السياسية؟
تعال نبحث. فربما نسي الناس تاريخ بعض الشخصيات العراقية التي مارست السياسة كحرفة لفرض عقيدة بعثية شوفينية منذ وصول البعث الى السلطة بقوة السلاح عام 1963 الى تاريخ سقوطه عام 2003. هذه الشخصيات لها سجلات حافلة ملتهبة بالكذب والخداع وروح الأنتقام ومرض الوصول الى السلطة بعسل الكلمات الحلوة وطراوتها أو بأنقلاب همجي يطيح بمؤسسات الدولة الشرعية بأساليب كانت ولاتزال خافية عن أهل العراق.
تعلمتْ قوى عراقية عشائرية ( مشاركة حالياً في السلطة )، تعلمتْ ( لعنُ وسبُ مشاركتها ) وتورطها في المشاركة بحكومة تصفها ( شيعية، غير دستورية، غير ديمقراطية، ولاتمتع بالشرعية)، وتعلمت بأسم الشفافية والمصداقية سرد الكثير من الأراجيف والأكاذيب والتهم والشكوك والتخويف لعرقلة أي مشروع خدمي لايتم صياغته وفق خيارها وعلى يدها. طريقة فكرية فريدة مواصلة القائمة العراقية لغة التهديد والوعيد لأعضائها ممن يحضرون جلسات مجلسي الوزراء والنواب أو ممن ينوون ذلك) وتوعدت المخالفين لقرار المقاطعة بإجراءات مماثلة كتلك التي اتخذت بحق عدد من أعضائها، اذ حضر 6 من نواب القائمة الى البرلمان وتم فصلهم منها، وهم quot;احمد الجبوري ومحمد الكربولي وقيس الشذر وجمعة المتيوتي وعبد الرحمن اللويزي وكامل الدليميquot;. ونقلت صحيفة (المدى) الكردية عن النائب هيثم الجبوري quot;إن المبعدين عن العراقية شعروا بخروج القائمة عن الخط الوطني إلى الطائفي quot;.
والواضح بعد مشاركة الهاشمي والمطلك وعلاوي والصدر في حكومة المالكي وتحالفها مع كتلة القانون، أبدت بعد أيام، مناوئتها وعداءها وصبغها بطلاء الديكتاتورية بل وصفها بأنها أسوأ من دكتاتورية صدام ولاتتمتع بالشفافية والمصداقية. والحقيقة المرة أنه لو جاءَ أخراج هذه المسرحية والحديث عن الشفافية والدكتاتورية من أشخاص لهم تاريخ نضالي وطني غير بعثي أجرامي عشائري أو من جهة لم ترتبط قلباً وقالباً، عقلاً وعقيدة بخدمة بنظام صدام وزبانيته العشائرية، أو من كتلة سياسية ليس لها أرتباط العمالة والتمويل والدعم من دول الجوار، لوقف العراقيون الى جانبهم ولقاموا بتبويبهم ووضعهم في حقل الأمانة والمصداقية وأدخلوهم في حقل الشرف الوطني للقوى التي تحارب الأرهاب والتخريب.
النقطة الثانية هي تكرر دعوات الرشيس طالباني لتجاوز سلطة القضاء وترطيب الأجواء وأزالة الأحتقان بالمشاركة في مؤتمر وطني عام في بغداد لأصحاب المصالح والرواتب والأمتيازات وسراق ومخربين ( لم يقل القضاء كلمته فيهم بعد ). وهو في دعوته هذه لا يُقلل مما مايدور من حولنا من تحريض على القتل وألأرهاب والتخريب ويصطدم بحقوق أهل العراق من شيعة وسُنة وأكراد ناصبتهم القوى الشريرة كل الكراهية والعداء.
وأرى أن الواجب يستدعي منا الأشارة الى أن منصبه الرسمي وكذلك منصب المالكي بصفته رئيس الحكومة يدعوهما الى دعم القضاء بشفافية تامة لكشف النوايا الأجرامية الحقيقية ومن خلفها، وتقديم ملفات من دعمَ ويدعم الارهاب الداخلي وعناصر التخريب اليومي بغض النظر عن مذهبه أو معتقداته الدينية. فتأسيس (مجلس حكماء العراق) الذي يدعو أليه وموافقة كتل أخرى عليه لن يغيّر صيغ الأتفاقات الشكلية المخادعة واللغط السياسي اليومي، ولن يُغير أشخاص تقاسموا الأمتيارات والمصالح بشكل أضر بمصلحة شعب العراق، ولن يضيف الى خدمات معطلة وفقر معمم.
لا أجد في دعوة الأطراف الى مؤتمر وطني ومن يؤيده أِلا التغييب للمصداقية والشفافية لمعرفة عناصر التخريب اليومي وما عقد مثل هذا المؤتمر أِلا ألتفاف أصحاب المصالح والرواتب الأمتيازات لتمديد فترة بقائهم وأستمرار سلطتهم في تبديد ثروات أهل العراق بوصفات مخادعة ومسرحيات جديدة. وما ورد عن رئيس الجمهورية قوله( أنه يسعى الى ((تصفير الازمات)) وليس حلها على وفق اعطاء laquo;مخدرraquo; للازمة ) هو الحقيقة واللجوء أليها هي أبقاء لطرق التخدير الحالية. فلن يكون بأستطاعة أي سياسي فتح صفحة جديدة بتصفير أزمات تتعلق في جوهرها طمس معالم الأرهاب وأخفاء الأيدي المنفذة له بأجتماعات ومباحثات وتعليق مهمات القضاء ودوره في المحاسبة الأجرائية الأصولية.أليس الأفضل لأهل العراق معرفة قاتليه وجلبهم للعدالة؟
ضياء الحكيم
للمراسلة مع الكاتب: [email protected]
التعليقات